محمد عكاشة - كي يغمضَ العالمُ عينيه.. شعر

أطفالُ بلدتِنا ياكوفيدُ يُطلقونَ في سمائكَ طائراتٍ ورقيةٍ
محملةٍ بصورٍ لكَنَّاسٍ يُلونُ الأرصفةَ لأقدامِ المارةِ
ربما يأخذُكَ الحنينُ
لكهلٍ يُنظِْفُ أنابيبَ الصرفِ من روثِ العالمِ
ربما تدفعُ عنه أدخنةَ الحربِ
لامرأةٍ تبحثُ في مهملاتِ المدينةِ عن قلبٍ نابضٍ
ربما تتكاثرُ في أوردةِ المستبدين
لصغارٍ يلعبونَ أمامَ مخيمٍ للاجئين
ربما تتلونُ على هيئةِ فراشات
يعلمون أنَّكَ تُراوغُ فوهاتِ الأنوفِ وتحومُ حولَها
وتتمددُ في مجرى العيونِ وتتناسلُ مع كلِّ شهقةِ ألمٍ
وتجري في مجرى شعيراتِ الدماءِ الدافقة
الطائراتُ ياكوفيدُ محملةٌ برثاءٍ لنازحات يرقدن في الخلاءِ
بأرديةِ عذراواتٍ فضَّ بكارتهن جنرالاتُ المعاركِ
محملةٌ بأقمشةٍ ملطخةٍ بوعودٍ
وبقايا رمادِ
الطائراتِ ياكوفيدُ تُرفرفُ
كي تُبلغُكَ بأحاديثِ الساسةِ والجنودِ
وبخرائطِ الرمالِ الجديدةِ
وبتغييرِ مساراتِ الأنهارِ والطرق
يعلمونَ براعتَكَ في هزِّ شِباكِ الصدور
وفي القفزِ فوق الحجابِ الحاجزِ كلاعبِ باليه
وفي السيرِ على أحبالِ الحنجرةِ كلاعبِ سيركٍ حاذق
يعلمونَ براعةَ تناسلِكَ بسرعةٍ في صماماتٍ القلبِ
وأنَّكَ كسربٍ مهاجرٍ يجرفُه الهواءُ
نحو الدم
الأطفالُ ياكوفيدُ يحلقونَ إليكَ
ليرسموا سماءً جديدةً زرقاءَ
ليطهروا الفراغَ من حشراتِ الكون
أمسكْ ياكوفيدُ خيوطَ الطائراتِ بيديكَ
أو تأرجحْ بذيلِها والعبْ معهم
لينامَ العالمُ ويُغمضُ عينيه
فقط كي يُغمضُ عينيه

محمد عكاشة
مصر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى