في حضرة العام البليد !

عامٌ يموت الآن
يلفظ ما تبقى من مآسيه
ويدفن نفسه خلف البعيد.
عامٌ يموت الآن
تحت تزاحم الأضواء
والضحك البليد.
عامٌ يفيض الآن في الكاسات
دمعا فاترا
عامٌ يسيل الآن
من عَرَق الطُهاة.
عامٌ بليدٌ، مات.
ماااااات.
يا غفلة الموتى
وهم يتضاحكون
ويشربون النخب من عامٍ مضى
في صحة العام الجديد.
عامٌ بليدٌ
قيل أم عامٌ وئيد!
من أي دربٍ جاء يسحب ظله،
عامٌ من اللاشيء
يا عبث الحياة!
في مثل هذا اليوم
من عامٍ مضى
عاد الخواء مكررا،
وتفسخت كل احتمالات الخلاص من الهراء،
حتى تغلغل في الهواء
ولوَّث الشكوى
وأثخن في الرياح.
عامٌ جديدٌ
يستبيح الحلم ثانية
ويفتح دفتر الجدوى
يوثّق يأسه في هامشٍ أعمى
يسافر في دعاء الأمهات.
عامٌ بليدٌ
لا يرى في ضجة الأضواء
أشباح الهباء
يمشي على خيط الجريمة نازفا
متلكئا،
عامٌ كفيف القلب
يعوي في سراديب الحواس
يستوقف النسيان في الساعات
يبحث عن نجاة!
عامٌ جديدٌ
أيها الحزن السعيد
عامٌ يموت الآن
يسقط من حساب الأمنيات.
عامٌ بليدٌ
أيها القلب الوحيد.
لا وقت للحسبان
يا عمرا مضى
دارت بنا الأيام
وانكفأ الصدى
لاشيء
فاض الكأس بالأوهام
زادت نشوة اللاشيء
مرّ الموتُ ثانيةً على كل الجهات.
يا رأس مال الليل
يا كل الأسى في كل ما يبدو من الضحكات
يا صخب الفناء
مات انتظار الفجر
ماتت دهشة الأشياء
مات الله،
مات.
في مثل هذا اليوم عاما كاملا
حذفته كف الصدفة العمياء
ثم محته من قيد الرفات.
عامٌ بليدٌ
كم يموت العمر بالتكرار
مات الحلم
مات ترقُّب المعنى،
وكبرتُ حتى شاخ معنى الله في النجوى
وصارت حكمة النسيان
أكبر من مقاس القلب،
صار الليل توقيت الشتات.
عامٌ جديدٌ
أيها اللاشيء!
عامٌ جديدٌ
أيها الجرح القديم.
يا حيرة المِرآة في التمييز
ما بين الوجوه،
يا كل وجه مات فيه قلبه،
يا حسرة المِرآة
كم يوما تبقَّى كي أودِّع جثتي؟!
يا غصة المِرآة
كم يوما تبقَّى للحياة؟!
......
عامٌ وحيدٌ
أيها الموتى،
هذا هو الخذلان
أن تبقى وحيدا
في مهب الذكريات!


2010/1/2

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى