محمد عباس محمد عرابي - حسن التعليل والابتكار في الشعر الأندلسي من عصر الطوائف إلى عصر بني الأحمر ( 400هـــ - 667هــ )دراسة تحليلية بلاغية للباحث

حسن التعليل والابتكار في الشعر الأندلسي من عصر الطوائف إلى عصر بني الأحمر ( 400هـــ - 667هــ )دراسة تحليلية بلاغية أطروحة تقدم بها الباحث / خالد شكر محمود صالح الفراجي إلى مجلس كلية الآداب / الجامعة الإسلامية ببغداد وهي جزء من متطلبات نيل درجـــة الدكتــوراه فلســـفة في اللغـــة العربية وآدابها بإشراف الأستاذ الدكتور /فاضل بنيان18 جمادي الآخر/ 1431هـ / 1 حزيران /2010م
،وفيما يلي عرض لنص مقدمة الدراسة ومكوناتها ،ونتائجها كما ذكرها الباحث / خالد شكر محمود صالح الفراجي
مقدمة الدراسة:
فقد تناولت الدراسة محسناً بديعاً معنويا ( حسن التعليل ) ظل بعيداً عن متناول الباحثين لما له من أثر عظيم في اضفاء الجمال والرونق على النصوص الشعرية واكسائها بحلل دالة على الجمال ، ولاسيما أنه ورد عند شعراء الأندلس في أخصب حقبها فهذا الملمح على أهميته لم يحظ بدراسة وافية كافية على حدّ علم الباحث واستقصائه في العراق والوطن العربي ، فعمد الباحث إلى دراسته دراسة جادة غير مسبوقة ، يعتمد استقراء النصوص وتحليلها من الناحيتين البلاغية والنقدية ، هادفا إلى كشف مواطن الإبداع والأصالة في هذه النصوص مبرزاً الأثر الجمالي لهذا الفن في امتزاجه مع النصوص الشعرية ، كما وآثرت الدراسة إبراز الألفاظ الموحية والصورة المبتكرة الجديدة ، التي دلّت على عمق تجربة الشاعر الأندلسي وأصالته المستمدة من واقعه وبيئته الجميلة .
وبعد التوكل على العلي القدير عزم الباحث على تتبع حسن التعليل منذ بداياته الأولى وحتى اكتماله بصورته المعروفة ، ولقد واجهت الباحث وهو يكتب البحث صعوبات جمة منها قلة المصادر والمراجع حول الموضوع ، والتي كانت ضنينة بمعلوماتها ، لكن الباحث استفاد من المصادر التي تناولت هذه الحقبة الزمنية كالذخيرة لابن بسام ، والإحاطة في أخبار غرناطة للسان الدين بن الخطيب وزاد المسافر لابن صفوان ، والمقتضب من تحفة القادم لابن الأبار ، وغيرها . ومن المصادر الحديثة جواهر البلاغة لأحمد الهاشمي ، ومعجم المصطلحات البلاغية والبلاغة العربية ، وفنون بلاغية لأحمد مطلوب ، وتاريخ الفكر الأندلسي غومس ، وتاريخ الأدب الأندلسي لإحسان عباس ، الشعر في عهد المرابطين والموحدين للدكتور محمد مجيد السعيد وغيرها . (1)
مكونات الدراسة :
دراسة الباحث لحسن التعليل والابتكار اقتصرت على فصلين يسبقها تمهيد بقسمين هما حُسن التعليل وماهيته ونشأته وأسباب ظهوره ، و قدم الباحث الدراسات له ، والابتكار وتناوله الباحث في اللغة والاصطلاح وعلاقته بحُسن التعليل ، وماذا يراد من الشاعر في هذا المضمار.
الفصل الأول:
فقد تناول الباحث فيه المصطلح في المعاني الشعرية ، وكان غرض المدح هو المضمون الأول الذي ظهر فيه حسن التعليل بصورة تدعو إلى الدهشة والعجب في الخاتمة لكثرة النصوص في هذا اللون الشعري المميز .
أما المبحث الثاني : فقد تحدث الباحث فيه عن حُسن التعليل في مضامين شعر الرثاء . والمبحث الثالث ، تناول الباحث فيه حُسن التعليل في مضامين شعر الوصف . والمبحث الرابع فقد تكلم الباحث فيه عن حُسن التعليل في مضامين شعر الغزل .
الفصل الثاني:
اختص بموضوع الابتكار في الشعر الاندلسي وفيه أربعة مباحث تناول المبحث الأول منها موضوع الابتكار في اللغة والألفاظ الشعرية.
والمبحث الثاني : فيه أجمل الباحث الحديث عن الصورة الشعرية المبتكرة أو الجديدة في هذا الشعر .
والمبحث الثالث الابتكار في شكل القصيدة .
الفصل الثالث:
تضمن الفنون الشعرية المستحدثة ( المبتكرة ) ، وفيه مبحثان : تناول المبحث الأول الموشحات الأندلسية وظهورها وابتكارها ومشاكلتها لحُسن التعليل ، والمبحث الثاني : الأزجال الأندلسية ، وابتكارها واغراضها وامتزاج هذا اللون المبتكر مع حسن التعليل .
ثم انتهى البحث بخاتمة مثلت أبرز النتائج التي توصل اليها الباحث . وأعقبها الباحث بقائمة للمصادر والمراجع التي اعتمد عليها في استكمال البحث . (2)
نتائج الدراسة :
توصلت الباحث إلى نتائج الدراسة التالية :
  • أن التعليل مصطلح رافق ظهور علم البديع وتطور عنهُ ، ليصبح بعد ذلك فناً أو محسناً له قواعده وأقسامه . وقد شاطره في ذلك الابتكار الذي بدا مرتبطاً به إلى حدّ ما ، لأن إدعاء العلة يبدوا أمراً جديداً لا يظهر إلاّ عند الشعراء الذين صقلت موهبتهم الشعرية وتعمقت لديهم التجربة ، وهنا تكمن نقطة الالتقاء بين المصطلحين .
  • إن حُسن التعليل يقوم أساساً على الخيال الخلاق ويعتمد على الأيهام والمبالغة والغلو والتخيل .
  • لم يعد الابتكار يعني الشيء الجديد الذي لم يسبق اليه وإنما قد ينطوي تحت مصطلح الأصالة ، والذي يعني بث الروح الجديدة في الأشياء البالية القديمة وإخراجها بوجه جديد بحيث تتفاعل معه تجربة الشاعر الروحية إلى مشاعره وأحاسيسه بشكل صادق .
  • لقد ولج حسن التعليل كل المعاني الشعرية ، إلاّ أن صداه كان ظاهراً في معاني المدح الذي يروم من خلاله الشاعر أن يعطي الممدوح روح العظمة والسطوة والتحكم في الأشياء ، معتمداً في ذلك على الخيال الجامح الذي يتجاوز حدود المعقول .
  • أما الفن الآخر فكان الرثاء الذي أراد الشاعر فيه أن يجسم الخسارة الفادحة التي أصابت المجتمع جراء فقده، وشاركته في ذلك أجرام الكون وظواهره .
  • والفن الثالث الذي امتزج معه ذلك المحسن البديعي فكان شعر الوصف الذي مثل مضماراً واسعاً لهذا المحسن المعنوي ، واستطاعوا من خلاله أن يصوغوا صوراً رائعة تعتمد الخيال مما يعطيها مدلولاً جمالياً تزيينياً ، يجعلها أقرب إلى المتعة ومزج الألوان بعيداً عن التكلف الذي يقيد القريحة الشعرية .
  • والمعنى الشعري الأخير الذي دخله هذا الفن البلاغي هو فن الغزل إذ أراد الشاعر من خلال ذلك أن يضفي جمالاً زائد على الجمال المادي المحسوس فيجعله جمال الحبيب ، مسترقاً من جمال الشمس أو القمر أو الكواكب المضيئة فيعكس الصورة ليجعل تلك الكواكب إنما تستمد اشراقتها من جماله.
  • والابتكار وما فيه من حُسن تعليل ظهر عند شعراء الأندلس في الألفاظ والمعاني والتراكيب ، وقد ظهروا فيه مجددين مبدعين في تخيرهم للفظ وانتقائهم للعبارة الموحية الدالة على المعنى .
  • أما الصورة الشعرية المبتكرة والتي استندت في بعض مكنوناتها إلى حُسن التعليل ، فقد امتازت عند الأندلسيين بالجدِة والابتكار والأصالة ، فبعض الصور عندهم كانت مبتكرة لم يسبقهم أحد إليها ، والأخرى قد تكون أصيلة ، بمعنى أن لها جذوراً في التراث النقدي والبلاغي العربي ، لكن الأندلسيين أعطوها رونقاً جميلاً بدت من خلاله وكأنها جديدة .
  • والموشحات كانت الفن المبتكر الذي لم يسبقهم إليه أحدٌ أو هي نابعة من صميم المجتمع الأندلسي لحاجتهم إليها في الغناء ، وقد جاءت مشوبة بشيء من حُسن التعليل ، ليعطوا لها المزيد من الرونق والجمال .
  • والفن الأخير المبتكر فكان الزجل والذي لم يظهر له مثيلاً في المشرق وارتبط أسمه على مرّ العصور بالأندلس عبروا به عن رغبتهم في التجديد واستقلاليتهم عن تأثير الأدب المشرقي ، وقد اعتمدوا في زجلياتهم على حُسن التعليل ليعبروا بصورة أدق على أحاسيسهم ومشاعرهم .
وقد أظهرت فقرات البحث ومجرياته أن الأندلسيين قد أفادوا من حُسن التعليل مثلما أفادوا من الابتكار في رسوخ فن الموشحات والازجال ، إذ جعلوا منها مساحة فنية جديدة في توظيف هذين الملمحين ( حُسن التعليل والابتكار ) إذ كثيراً ما يأتون بالعلة الفنية المناسبة التي تزيدهم تألقاً وابداعاً ، مثلما كان لابتكارهم فيه حصة مميزة من حيث نتاج كل ما هو جديد مبدع ومتطور ، وهذا ليس بالأمر الغريب عن فنين هما بالأساس فيهما من الطرافة والجدة الكثير(3)
المراجع :
خالد شكر محمود صالح الفراجي ،حسن التعليل والابتكار في الشعر الأندلسي من عصر الطوائفإلى عصر بني الأحمر ( 400هـــ - 667هــ )دراسة تحليلية بلاغية ، كلية الآداب / الجامعة الإسلامية ببغداد ،رسالة مقدمة لنيل درجـــة الدكتــوراه فلســـفة في اللغـــة العربية وآدابها ،18 جمادي الآخر/ 1431هـ / 1 حزيران /2010م

(1)خالد شكر محمود صالح الفراجي ،حسن التعليل والابتكار في الشعر الأندلسي من عصر الطوائف إلى عصر بني الأحمر ( 400هـــ - 667هــ )دراسة تحليلية بلاغية ، كلية الآداب / الجامعة الإسلامية ببغداد ،رسالة مقدمة لنيل درجـــة الدكتــوراه فلســـفة في اللغـــة العربية وآدابها ،18 جمادي الآخر/ 1431هـ / 1 حزيران /2010م،ص 1، 2
(2)خالد شكر محمود صالح الفراجي ،حسن التعليل والابتكار في الشعر الأندلسي من عصر الطوائف إلى عصر بني الأحمر ( 400هـــ - 667هــ )دراسة تحليلية بلاغية ، ،ص 1، 2
(3)خالد شكر محمود صالح الفراجي ،حسن التعليل والابتكار في الشعر الأندلسي من عصر الطوائف إلى عصر بني الأحمر ( 400هـــ - 667هــ )دراسة تحليلية بلاغية ، ،ص ص 264-266

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى