علجية عيش - حديث الصباح.. عبودية مقننة أم فساد فكري؟

كثيرا ما يصطدم بعض المسؤولين مع الطرف الآخر ( المواطن، الصحافة، النقابة و غيرهم) ، و لكي يحافظ على صورته و يجملها أمام الرأي العام يحرض محيطه من الذين أقل منه رتبة بمواجهة من يراهم أنهم خصمه، و يشكلون تهديدا له، حتى لو كان هذا الخصم غير موجود لأنه يسكن في مخيلته هو ، و لذلك يحرض محيطه لمواجهته، أي انه يجعلهم طعما لتحقيق غاية في نفسه..​
نعم طاعة المسؤول واجب على كل موظف، لكن أن تتحول هذه الطاعة إلى عبودية مقننة فهذا لا يتقبله إنسان حرّ له كبرياء، فمثل هذه السلوكيات نجدها في العصابات الكبيرة اين يتخذ الزعيم رجالا له يحرسونه و يأتمرون بأمره، و قد يطلب منهم إلحاق الأذى بشخص اختلف معه في مسألة من المسائل، لإضعاف من معنوياته، أو إلصاق به تهمة باطلة، و قد يأمرهم بتصفيته جسديا بطريقة أو بأخرى​
ما يؤسف له أن نجد بعض المسؤولين يملكون تفكيرا سلبيا، و هم بذلك يفتقرون إلى مواصفات " القائد "، فيستعمل القمع بدل الحوار و التسامح، و السؤال الذي يمكن أن نطرحه هنا هو: كيف نقف على أعتاب الإزدهار الفكري و السياسي و الإقتصادي و التربوي و نحن نسير بعقلية : أنا الأقوى و بدوني أنت لا تساوي قشرة، و بإمكاني ان أنفيك أو أمحيك من الوجود"، دون أن يعي أن العلاقة بينه و بين الطرف الآخر هي علاقة "مشاركة وظيفية" متبادلة و أن هناك عقد اجتماعي بينه و بين الطرف الآخر، و لكنه يعمد على ضرب هذا العقد عرض الحائط​
هي العبودية المقننة ، و البعض لهم قابلية للإستعمار ، لأننا لم نتعلم على قول " لا" في وجه من نختلف معهم، أو من يريد أن يستعبدنا، لأنه محصن قانونيا، قد يصل الأمر إلى أن يحرض مسؤوليك ضدك لكي يقطع عنك خبز يومك أو يحرمك من الترقيات ، وجب ان نشير هنا أنه قد تكون أفكار مغلوطة وصلت إلى المسؤول، فيتخذ موقفا سلبيا ضد شخص ما..​
نحن أمام معضلة كبيرة و خطيرة تتعلق بطريقة التعامل مع الآخر و التواصل معه، و بخلق جسور الحوار بينهما، في مثل هذه المسائل، السؤال يفرض نفسه: هل حاول أحدنا أن يتحدث عن الفساد الفكري؟، باعتباره أخطر أنواع الفساد، لأنه يعمل على هدم العنصر البشري، الذي يعد العمود الفقري للتنمية، كما يعتبر الطاقة الحية التي لا يمكن قتلها.​
إن حب المنصب و التمسك به قد يفقد المسؤول المعايير الأخلاقية و القيمية الإنسانية التي نشأ عليها فينحرف عنها ، و من ثم ينخرط في منظومة الفساد، يمكننا معالجة الفساد المالي، لكن هدم الإنسان قد يهدم حضارة بأكملها ، و لذا فنحن في حاجة إلى المثقف الثوري، المثقف الحرّ ، المثقف التنويري، مثقف يكشف ألاعيب السلطة و كيف تدار الأمور في الخفاء، مثقف يسقط كل الأقنعة و يقضي على كل أنواع التآمر.​
علجية عيش​

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى