محمد عباس محمد عرابي - (البديع في علم العربية) لابن الأثير (ت606هـ) دراسة لغوية للباحث نبأ الحميداوي - عرض

(( البديع في علم العربية )) لابن الأثير ( ت606هـ ) دراسة لغوية
أُطروحة تقدمت بها الباحث / نبأ عبد الأمير عبد الحميداوي إلى مجلس كلية الآداب / جامعة القادسية وهي جزء من متطلبات درجة دكتوراه فلسفة في اللغة العربية وآدابها / لغة إشراف/أ . م . د . حيدر حبيب حمزة الجبوري1435هـ / 2013م
وفيما يلي عرص نص مقدمة الدراسة ومكوناتها ،ونتائجها كما ذكرها الباحث / نبأ عبد الأمير عبد الحميداوي في رسالته (( البديع في علم العربية )) لابن الأثير ( ت606هـ ) دراسة لغوية.
مقدمة الدراسة:
يقول الباحث نبأ الحميداوي : " يعد ﭐبن الأثير الجزري من العلماء الذين كانت لهم قدم راسخة في الدرس اللغوي وخاصة في ما قدمه من دراسات بحثت في الحديث النبوي الشريف ، إذ ترك لنا أكثر من مصنف في هذا المجال ، من ذلك كتاب ( جامع الأصول في أحاديث الرسول ) ، و( النهاية في غريب الحديث والأثر) ، و( منـــال الطــالب في شرح طــوال الغرائــــب ) .
وفضلا على ذلك فقد كان لشغفه في اللغة العربية وحبه لها ورغبته في الخوض في أعماقها ــــ ليستطيع قدر الإمكان ان يكشف عن شيءٍ وان كان قليلاً من الأسرار التي أودعها الله (تعالى) في هذه اللغة السرمدية ـــ أثر كبير في أن يقدم مصنفاً تناول فيه الدرس الصوتي والصرفي والنحوي ولم يخل من إشارات دلالية وأن كانت قليلة جداً ، جمع فيه ثقافته التي تمخضت عن دراسة وبحث دام ستة قرون في لغة القرآن الكريم فجاء كتابه مرآة عاكسة لجهود العلماء في نهاية القرن السادس وبداية القرن السابع ، وهو كتاب ( البديع في علم العربية ).
ومن حسن حظ الباحث أن هذا الكتاب لم يخضع لدراسة مفصلة ، إذ شاءت الأقدار أن يقع اختيار الباحث على كتاب ( البديع في علم العربية ) ليكون محور الدراسة في هذه الأُطروحة الموسومة بـ( (( البديع في علم العربية )) لابن الأثير ( ت606ه ) دراسة لغوية ) ، واقتصرت الدراسة على الجوانب الصوتية والصرفية والنحوية فقط ؛ ؛لأن الكتاب قد تناول هذه الموضوعات بشكل خاص وبشيء من التفصيل ، أما الجانب الدلالي فلم يتناوله ﭐبن الأثير بالشكل الذي يمكن أن يدرس بفصل مستقل .

مقدمة الدراسة:
اقتضت طبيعة الدراسة أن تكون بتمهيد و أربعة فصول :
التمهيد : درس الباحث في التمهيد منهج ﭐبن الأثير في كتابه من حيث التبويب وعرضه للمادة ، مع بيان السبب الذي دفعه إلى تأليف الكتاب ، وما انماز به استعمال ﭐبن الأثير للمصطلح ، و ضم هذا الفصل الحديث عن الملامح اللغوية في كتاب (( البديع )) ومدى عنايته بشرح الألفاظ وبيان معانيها ، وبيان المصادر التي عمد إليها في كتابه ، ثم ختم الباحث الفصل بالحديث عن قيمة الكتاب وأثره في اللاحقين
الفصل الأول:
قدم الباحث في الفصل الأول دراسة عن أدلة الصناعة عند ﭐبن الأثير ، فبحث عن مصادر السماع عند ﭐبن الأثير ، مع بيان أنواع القياس الواردة في كتاب ((البديع)) ، ومجموعة من العلل التي ذكرت في الكتاب .
الفصل الثاني:
في الفصل الثاني عرج الباحث على أهم الظواهر الصوتية التي بحث فيها ﭐبن الأثير، إذ ضم الموضوعات الآتية : الهمزة ، والإبدال ، والإدغام ، والإمالة .
الفصل الثالث:
درس الباحث في الفصل الثالث الظواهر الصرفية كان منها : الجمع ، والتثنية ، والنسب ، والتصغير ، وغيرها.
الفصل الرابع :
ضم الفصل الرابع الظواهر النحوية كان منها : إعراب الفعل المضارع ، وبناء الفعل المضارع مع نوني التوكيــد ، وعـــمل اســـم الفاعــــل والأفعال النـــــــــاقصة ، و وقوع الفعل الماضي خبراً لـ(( لعل )) ، ومجيء الفعل الماضي حالاً ، ومجيء الحال من المضاف إليه ، وغيرها .
مراجع الدراسة :
كان لتشعب الموضوع ودقته أثر في تشعب مصادره وتنوعها فقد رجع الباحث إلى أُمات الكتب في الصوت والصرف والنحو وعلوم القرآن والمراجع الحديثة في علوم اللغة المختلفة ،فضلا على دواوين أشهر الشعراء والرسائل والأطاريح والبحوث، واستعان الباحث ببعض البحوث من المكتبة الإلكترونية .
خاتمة الدراسة :
أنهى الباحث الدراسة بخاتمة ضمت أهم النتائج التي خلص إليها ، واتبعها بجريدة المصادر والمراجع ، فملخص الدراسة باللغة الإنكليزية . (1)
نتائج الدراسة :
بعد رحلة الباحث الطويلة مع ﭐبن الأثير في كتابه (( البديع في علم العربية )) ، ذكر أبرز و أهم النتائج التي توصل إليها ،وهي بنصها على النحو التالي :
1- جعل ٱبن الأثير كتابه على جزأين وأطلق على كــل جـزء مصطلــح ((القطب)) ، وقسم كل قطب إلى عشرين باباً ، وضم القطب الأول أبواب النحو ، وضم القطب الثــــــاني ما يطرأ على حروف الكلمـة من تغييــرات صوتيــــة وصرفيــــة ، وكـــــان يقسم البــــاب الواحـــد على فصول وأنــــــواع وأصنـــــاف وفـــــــــروع .
وانماز ٱبن الأثير ببعض المصطلحات كمصطلح القطب الذي اطلقه على اجزاء كتابه، ومصطلح ((الخاص)) و((المتوسط)) و((العــام)) في باب الجمع ، وفضلا على ذلك فقد عني بالمفهوم اللغوي لبعض المصطلحات النحوية ، من ذلك ما قدمه من شرح لمعنى الندبة ، والترخيم ، وأكتع ، وأبصع ، وغيرها ، وكذلك عنايته بشرح بعض الألفاظ الغريبة ، فقد عقد لها بابا كاملا في نهاية كتابه شرح فيه أهم الألفاظ الغريبة التي وردت في الشواهد .
واعتمد ٱبن الأثير على مصادر متنوعة متخذاً في الإشارة إليها طريقتين ، الأولى : ذكره اسم العــالـم فقط من دون ذكر كتابـه ، وهذه الطريقـــة هي الأكثر شيوعاً ، والأخرى ذكره اسم العـالـم الذي نقل عنه مع بيــان اسم مصنفـه لاسيمــا العلمـاء الذين يمتــلكون أكثــر من مصنف .
2 - آثر بعض العلمـــاء اللاحقين لابن الأثير النــقل عن كتاب (( البديع )) والإفادة منه فجعلــوا من كتـــاب (( البديع )) مصدراً من مصادرهم التي اعتمدوهـا في مـؤلفـاتهم مثل : أبو حيان الأندلسي في (ارتشاف الضرب) و(التذييل والتكميل) ، و المرادي في (توضيح المقاصد) و(الجنى الداني) ، و ٱبن عقيل في (المساعد) ، وخالد الأزهري في (شرح التصريح) ، و السيوطي في (همع الهوامع) ، والأشموني في شرحه ، وعبد القادر البغدادي في (حاشية على شرح بانت سعاد) .

3 – تقدم السماع على القياس عند ﭐبن الأثير فقد عول عليه في الكثير من المسائل ، منها في تصغير دابة وهدهد على دوابة وهداهد بالألف ، وتصغير ذراع ولسان ،إذ جعلها من الأسماء التي تذكر وتؤنث ويكون تصغرها بحسب استعمالها ، وكذلك في ترخيم (( يدان )) على (( يد )) بحذف الألف والنون معاً ، وجواز وقوع الفعل الماضي خبر للعل ، وغيرها من المسائل التي خالفت القياس ولكن ﭐبن الأثير أجازها ؛ لأنها سمعت عن العرب واستعملتها في شعرها .
4 – يأتي القياس عند ﭐبن الأثير بعد السماع فقد عول عليه في بعض المسائل ، من ذلك في جمع الاسم المقصور ولاسيما في (( مقتوين )) الذي جمـع جمعاً شاذاً ؛ لأن القياس أن يقال : (( مَقْتَيْنَ )) ، وكذلك في النسب إلى(( شاء )) : شائي ، وهو القياس وما خالف القياس فهو : شاوي .
5 – كان للعلة حضور واضح عند ﭐبن الأثير ومن أكثرها ، علة الاصل ، وعلة الفرع ، فقد كان يميل إلى تصنيف الموضوعات إلى أصل وفرع وحتى فرع الفرع ، واما علة الضرورة فقد عقد لها باباً كاملاً ، وجعل الضرورة الشعرية تنحصر في اربعة انواع : الزيادة ، والحذف ، والنقل ، والبدل ، مخالفاً بذلك السيرافي الذي جعلها على سبعة انواع . ولعل عناية ابن الاثير بالعلة تعود إلى منهجه التعليمي القائم على بيان الاسباب والعلل لكل الظواهر التي يمكن ملاحظتها في السياقات اللغوية .
6 - وفي المباحث الصوتية كان لابن الاثير آراء من أهمها :
أ – جمع الهمزة مع اصوات المد واللين ( الالف ، والواو ، والياء ) وعدها مجموعة صوتية واحدة .
ب – عد ﭐبن الأثير إبدال الهاء همزةً إبدالاً شاذاً بينما إبدال الهمزة هاءً فهو إبدال مطرد وغير شاذ ودلـــيــله على ذلك مجيؤه مع الهمزة سواء أكــــانت أصليــــة أم زائــدة وفضلاً عـــلى ذلك فــٱبن الأثير لا يرى أنَّ هذه الظاهرة لهجة كما اشار إلى ذلك بعض العلماء ، وإنما هي ظاهرة صوتية لها ما يسوغها .
ج - لم يقيد ٱبن الأثير إبدال الياء جيماً بسياقـــات صوتية معينة كالتي وضعهـا سيبويه وٱبن السكيت فمن الممكن أن يحدث الإبدال في حالـــة التشديد والتخفيف وكذلك في حالـــة الوصل والـوقف فلا توجد قيود سياقية تحكم هذا الإبدال و دلـيله على ذلك مـا تناقــلهُ الــرواة من شـــــواهد على إبدال الـيــاء جيمــاً .
د - يـرى ٱبن الأثيـر أنَّ الـراء لا تـدغم إلا في مثـــلها و مـا روي عن أبي عمرو من إدغام الراء في اللام ما هو الا إخفاء وترقيق للراء ؛ لأن الـراء المرققة يكون صوتها أقلّ من صوت الراء المفخمة في الوضوح وكذلك الإخفـــــاء فهو نقصان في الصوت وقد اثبت التحليل الصوتي ذلك .
ه - يرى ٱبن الأثير أنَّ الأسباب الحقيقية التي يكمن وراءها حدوث ظاهرة الإمالــة أربعــة وهي: الكسرة والياء ، والأف ، والإمالة لإمالة ، إذ انطلق ٱبن الأثير في نظرته إلى أسباب الإمالـة وتصنيفها على أســـــاس المسبب الصوتي للإمالــة في سياق الكلمة وليس على أسـاس تحديد موقع المسبب الصوتــــي في البنية الصرفية كما فعل العلماء .
7 – وأما في المباحث الصرفية فيرى ٱبن الأثير :
أ - أن الاعلام في حالة الجمع والتثنية ، قد لا تلحقهما الالف واللام فتبقى على لفظهــا كما كـانت قبــل التثنية والجمع .
ب – رجّـح ٱبن الأثير بقـاء الهمزة في الاسم الممدود المنصرف عند دخول ياء النسب عليه ، سواء أكانت همزته أصليـة نحو (( قراء )) أم بدل من أصل ، نحو : ((كساء ورداء)) ، أو بدل من حرف ملحق ، نحو : (( حربــــاء وعلبـــاء )) ، فعند إضافة ياء النسـب إلى هذه الأسماء تقر معها الهمزة ، فيقال فيها: (( قرائي وكسائــي وردائي وحربائي وعلبائي )) .
ج – رجح ٱبن الأثير في حالة تصغير الاسم الخماسي الذي يضم حرفين زائدين ، نحو : حَبَنْطَى ودَلَنْظَى ، حذف الحرف الذي يكون في آخر الكلمة ؛ لأن ما كان طرفاً في الكلمة يكون أكثر عرضة للحذف مما كان في حشوها ولأن طرف الكلمة هو محل التغيير ولهذا هو أولى بالحذف من غيره .
د – عدَّ ٱبن الأثير نون التثنية بدل من الحركة والتنوين في الاسم المفرد ولهذا فهي تحذف عند الإضافة ؛ لأن النون دليل على الانفصال والإضافة دليل على الاتصال، وعليه فلابد من حذف النون عند الإضافة ؛ لأن الإضافة والنون يتناقضان فلا يمكن أن يجتمعا معاً .
8– وفي الدرس النحوي يرى ٱبن الأثير :
أ – أن الفعل المضارع مبني مطلقاً في حالة اتصاله بنون التوكيد سواء أكان الاتصـــال مباشر أم غير مبـاشر، فهو مبني على الفتـــح في حـــالـة المذكر المفرد ، ومبني على الكسر عند اتصاله بياء المخاطبة و ومبني على الضمّ عند اتصاله بواو الجماعة ؛ لأنَّ كل حـــركة من هذه الحركـــات لها دلالة تختلف بها عن الأخـــرى وانعــدام وجودهــا يؤدي إلى اللبس فلا نستطيع أن نفـــرق بين المفــرد المذكـــر والمؤنث والجمع .
ب - أنَّ الفعل الماضي قد يــأتي في موضع الحـال ولكن لابد أن تكون معه ((قد)) ظاهرة أو مقدرة حتى يتمكن الفعل من الــدلالة على الحــال .
ج - رجّــــح ٱبن الأثير الجملة الفعليـة على الجملــة الاسميـة في كونهـا أقـــوى منهــا في الوصف ، ؛ لأن الصفــة مشتقة من الفعل والصفــــة تمنحنا الــدلالة على الحدث والـــزمن السيــاقي، والجملـــة الفعليــة تمنحنـا هـــذه الدلالة بينما الجملة الاسمية قاصرة عن منحنا الدلالة الزمنية، وهذا ما جعلها أضعف في الوصف من الجملة الفعلية .
ه – قيد ٱبن الأثير إجازته في تقديم الصفــة على الموصوف أن تكون الصفة لاثنين أو جماعة وأن يتقدم أحد الموصوفين ، نحو : قام زيد العاقلان وعمرو .
و – يرى ٱبن الأثير أنَّ (( لو)) عند دخولها على الفعل المستقبل تصرف دلالته من المستقبل إلى الماضي ، سواء أكان الفعل مـاضياً في لفظه أم مستقبلاً . (2)


المراجع :
نبأ عبد الأمير عبد الحميداوي،(( البديع في علم العربية )) لابن الأثير ( ت606هـ ) دراسة لغوية، رسالة دكتوراه فلسفة في اللغة العربية وآدابها،
كلية الآداب / جامعة القادسية ، 1435هـ / 2013م

(1)نبأ عبد الأمير عبد الحميداوي،(( البديع في علم العربية )) لابن الأثير ( ت606هـ ) دراسة لغوية، رسالة دكتوراه فلسفة في اللغة العربية وآدابها،
كلية الآداب / جامعة القادسية ، 1435هـ / 2013م ، ص أ- ت
(2)نبأ عبد الأمير عبد الحميداوي،(( البديع في علم العربية )) لابن الأثير ( ت606هـ ) دراسة لغوية، رسالة دكتوراه فلسفة في اللغة العربية وآدابها،
كلية الآداب / جامعة القادسية ، 1435هـ / 2013م ، ص 167-170

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى