عبد الجبار الحمدي - إذا المؤودة سئلت.. قصة قصيرة

لم أتخيل يوما أني سأكون مصلوبا كالمسيح مشيرا الى الإتجاهات الأربع، جسدي متشظ يجري بداخلي وهم تحمله الديدان بمسيرة منتظمة حيث اصابع أقدامي وهي تردد يا لك من ساذج!! لا بل مغفل.. تريد ان تصنع لك وطنا حرا أو كما تسمية ديمقراطيا، هاهو وهم الحقيقة نستله من جوفك نحمله نعشا دون مشيعين فكثرة الموتى لن تجد من يشيع أوصالك التي ستتناثر بعد أن تتفسخ...
كنت قبل تلك اللحظة أحمل شعارات الحرية يدفعنا رجالات الدين بأجراس كنائس ومآذن تحفزنا الى السير قدما الحرية هي الرسالة التي نزلت على الأنبياء والاوصياء للفقراء والضعفاء يصرخون بنا أنكم الشعلة التي تتقد ولا تنطفئ، أنتم امل الله على ارضه، المصلحون هم الذي سيعمرون الأرض وما عليها... كانت منابر الخطابة في كل مسجد وكنيسة وشارع وزقاق تصدح... غير أن زوايا مظلمة يقف على رأسها المعتم عيون ترقب، فالشياطين لا تظهر الى النور إنما تبحث عن مسامات معتمة ضيقة تنفذ فيها كي تدير رحى تطحن وفكوك تلوك مُر الحقيقة، أننا بعيدين كل البعد عن الحرية فبعد أن تمكن الشيطان من البقاء وماتت الأنبياء والرسل والاوصياء، تحول من اتخذهم وسادات يتكئ عليها كي يدين ويقصي، يحيي ويميت، يفسق ويزكي باتت تلك النماذج ارباب تبيح لمن يبني لها هيكلا وجدار يتمسح به من يريد ألربوبية...
يا لخيبة أمل أصفرت أوراق طموحات، سقطت الغصن عن منقار حمامة السلام التي حملته.... من شجرة زيتونة لا شرقية ولا غربية... سحقت الهمم وبرئت الذمم وزادت الرمم.... بتنا نتسوق السواد، الحزن، البؤس، الموت، صرنا نعيد رسم الجاهلية بحداثة نبني بكة جديدة، نعمر الأرض بالكوارث بالأوبئة، نخيط سرابيل لشعوب فقدت الحقيقة وتمسكت بالوهم شمها لككوكايين أو للهرويين، البعض ينتشي ليكون زيوس أو جوبيتر أو حتى ليكون خضرا جديد، مصلحا بعكس إرادة الرب أو ربما فيلسوفا يحيك من خلايا أفكار دماغ ما لا يستسيغه عقل أو وعي مواطن بسيط عندما يشاهد رموز الدين او السلطة يخرقون بكارة أنثى بعناوين متعة مسيار او المرأة عورة خيارها في الحياة الجنس حتى وهي ميتة أو ان تكون حوضا يقف حوله الفحول ليستمنوا خلاصة رغباتهم المريضة ليسمموا بيوض طاهرة... بغية خلط الأنساب لتطغى سلالات الشياطين ويتحقق وعد إبليس للخالق لأغوينهم أجمعين.. أما تلك الثلة فقد مضت مع آخر الأنبياء...
تراكمت الصور أمامي وأنا مصلوب، عيناي تشاهد الأزقة تمتلئ بأجساد أزهقت أرواحا من أجل هتاف... فارقتني روحي تبحث عمن كان يهتف أمام تلك المسيرة أين صاحب الوجه الذي اشاع أن الموت للطغاة وأن الحياة لا تستمر إلا بالحرية هنا نموت.... هنا نحيا فجاة أختفى مع من كانوا يتداولونه من ساحة المواجهة دفعوا بالكثير حيث تلك الأزقة التي يتربص برؤوس أزقتها رؤوس شياطين... آهات تخرج من صدور كان همها وطن... أستفرغت الأماكن معدتها تقرحات ودم...
كنت ابحث عن منطقة عبور، لكن تلك الأجساد صارت عثرات لا يمكن تخطيها و وجوه غادرتها الرحمة ترقن قيود من تشاء... أشاعت الرعب أوسمة نقش عليها الله أكبر...
أين الله؟؟؟ سؤال يتفاقم في أرحام أمهات لولادات لا ترغب في أن تولد بوطن لا يعرف حقيقة الله... لم يرغبوا الحياة بولادة هي عنوان موت لحياة... يا لها من مهزلة لا لحياة إلا لأتباع الشيطان ولكن اي شيطان ونحن نقرع الطبول بأن الشيطان قد غادر الوطن بات لاجئا في دول نكرت الله وحاربها هو بثياب قصيرة وذقن طويلة ينادي ليل نهار ألا لعنة على الكافرين وهو يرتع بين ثيانا حيض نسائهم يلوغ فيها ويستنجسها يا له من دين يستسبغ الرذيلة ويتصورها وسيلة لغاية ينشرها في اوطان كان الإسلام فيها عبارات خيانة... إن إبن سلول لا زال يلطخ جبهته بالتراب طامعا بسيادته، يصطف بين المصلين كي يغتابهم بحجة الدين شورى بينكم وبين هذا وذاك يتبرثن إبن ملجم يتسوق الغدر يثير الأحقاد يورد حقيقة أن الدين عبارة عن دسائس ودراهم معدودات للسلطة فرجالات مثل تلكم لا يمسهم حتى الله بعد أن أشتروا مواثيق عناوين... عنونوها المصلحين في الأرض... نزق بشري يسود العالم الدين في اركانه الأربع مصلوبة ايضا... إننا يا هذا نعيش زمن اللاحياة في اللازمكان ولك أن تتخيل كيفية البحث عن حقيقة الذات الإلهية وحقيقة الوجود... بتنا يا هذا مشاريع جديدة لبناء معابد من جماجم ليعتليها من يريد ان يحارب الله كنمرود أو دعني أقول أننا في باطن عقولنا كلنا نماريد ولكن كل بوسيلته وطريقته...
فلا حقيقة باهتة في الأصل ليس لها أن تكون واضحة، فشفاه تلقت الحقيقة من أذن الى أخرى لا يمكن ان تكون مكتملة الصورة فلا بدد تلوثت برغبات الكثير وبهتت من كثرة غبار الصحراء، وعندما وصلت كانت تلهث بعد ان شربت من سراب من إختلوا فيها لقد بات كل من دخل داره فهو آمن وهو ليس بآمن... وئدت الحقيقة منذ أن فارقت الرحمة قلب أب دفن أبنته بحجة العار... سارع لدسها كما يدس يده الى عورة من يسترضع ثديها... دون أن يكترث الى إذا المؤودة سئلت... إنها ولادة ميتة منذ البداية هناك دست في التراب... الحرية.

القاص والكاتب
عبد الجبار الحمدي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى