د. عادل الأسطة - الست كورونا : "قد أذن ليلك بالبلج" (157)

في أوج الأزمات وذروتها غالبا ما نكرر بيت الشعر:
"اشتدي أزمة تنفرجي
قد أذن ليلك بالبلج"
والبلج هو الوضوح وانبثاق البياض من السواد ، ولعله تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر .
ومنذ صحوت على هذه الدنيا وأنا أصغي إلى عبارات تبعث على التفاؤل على الرغم من الواقع الأسود .
كان أبي غالبا ما يكرر:
"دع المقادير تجري في أعنتها
ولا تبيتن إلا خالي البال
ما بين غمضة عين والتفاتتها
يغير الله من حال إلى حال"
وكم كررنا شطر بيت الشعر "ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل" ، ورحم الله الكاتب المسرحي السوري سعدالله ونوس الذي قال ، مع أن السرطان كان يفتك بجسمه ، "نحن محكومون بالأمل".
أمس خرجت من نابلس للمرة الأولى بعد أحد عشر شهرا ، وسافرت إلى العاصمة الفلسطينية المؤقته رام الله . (المخيمات الفلسطينية أسست في العام ١٩٤٨ لتكون مؤقتة ، وما زالت قائمة ، ما دفع محمود درويش ليتساءل في قصيدته" نزل على بحر "من ديوان" هي أغنية.. هي أغنية" (١٩٨٦)":
" أفلا يدوم سوى المؤقت يا زمان البحر فينا؟").
هل هذه السفرة التي اضطررت إليها لإثبات أنني ما زلت على قيد الحياة ، فصندوق هيئة المتقاعدين يطلب من المتقاعدين كل عام أن يثبتوا أنهم على قيد الحياة ، هل هذه السفرة هي بداية الانفراج والخروج من محيط المدينة؟
رام الله على عهدها وكأنني لم أنقطع عنها أحد عشر شهرا ، فآخر زيارة لها تمت في شباط من العام الماض ، عام الكورونا ، حيث ألقيت محاضرة في متحف محمود درويش عن الشاعر معين بسيسو الذي تمر ذكرى وفاته في هذا الشهر دون أن نلتفت إليها لالتفاتنا إلى الست كورونا.
نعم رام الله على عهدها لولا..
وأنا أهبط من الحافلة بحثت عن دورة مياه فاضطررت إلى دخول مبولة في موقع كراج سيارات في شارع الإرسال ، ويا لها من مبولة!
إن أصبت في هذه الأيام بالفايروس فمعنى ذلك أنه انتقل إلي منها.
وأنا خارج منها قلت إن منشأ الفايروس ليس مدينة ووهان الصينية . إنه تلك المبولة في ذلك الكاراج . هل ثمة تفتيش تقوم به بلدية رام الله على مواقع كهذه؟!!
الحياة في رام الله كما لاحظت لا تشير إلى وجود وباء فيها ولولا أن السائق ذكرنا بضرورة وضع الكمامة لنسينا الفايروس ولولا المبولة لما فكرت هناك بالكورونا.
صباح الخير أيتها العاصمة!
صباح الخير
خربشات
١٣ / ١ / ٢٠٢١

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى