عبدالناصر الجوهري - نَوْحُ السَّنابلِ

قالوا :

" ثُريَّا " - بالعِراقِ - تخافُني
كذَّبتهُمْ بين القبائلْ
بيني وبين الرَكْبِ
ألفُ مَسيْرةٍ
وشغافُها قد دلَّني

ما تُهْتُ فى إثْرِ القوافلْ
إنِّي رأيتُ:

العِشْقَ آخر مرّةٍ
فى كفّها مُتصابَيًا
بين الأناملْ
والوَجْد مُعْتصرًا

على جسْرٍ لـــ " دجْلة"
غرَّهُ
نوْحُ السَّنابلْ

أَنا لسْتُ أوَّل مَنْ تعلَّق بــــ "الرَّصافةِ" ،

والمَهَا

أو ألْهَمَتْني كالأوائلْ
إنِّي بآخر مرَّةٍ
ودَّعْتها لو مرَّت النَّجْماتُ ثكلى
بينما
تُرثي نسائمُها الخمائلْ
إنِّي بآخر مرَّةٍ
عاتبْتها
إذْ تغلق الأبوابَ فى وجهي
على مرأى العواذلْ
مِنْ خافقيها اللَّيلُ يكشفُ
كلَّ سفاحٍ ،

وجاهلْ
قد عشتُ مُتَّهمًا بها
إنِّى المُلاحقُ
لو مررتُ بــــ قريةٍ أحكى غرامى،

أو أُعرِّى مَنْ يسائلْ
قالوا :

القصاصُ..
لمن أشاع الحُبَّ فى أحيائنا
مُتشبِّبًا

إذْ لم تحلّ لـــ عشقهِ المخبوءِ ..

فى رحْل القوافلْ
قلبي المتيّمُ بعدها
لم يألف التَّحنانَ ؛

منذ هُيَامها الموءودِ،
ما نُسِىَ الحنينُ إذا مررتُ ،

وبى الهَوَى أغرى الجنادلْ
طفْتُ البلادَ شمالها
وجنوبها
مِنْ "طنْجةٍ"
لـــ سهول " حائلْ"
عند ارتحالي للمواسمِ

لم أجدْ
إلا دموعًا للأيائلْ
وممزَّقاتٌ عندها كلُّ المعاني
والقصائدِ،
والرَّسائلْ
كانتْ تُهرولُ للشَّجَا
كانت تداري الشَّوقَ..
فى طرفِ الضَّفائر ،

والجدائلْ
إنِّي أجنُّ إذا رأيتُ
طيوفها مرَّت أمامي
لم تجدْ حُلمًا لـــــ " بابلْ"
إني اعتزلت الحُبَّ منذ مغيبها
صرتُ المُغيَّبَ بالهُيَامِ
ولائذًا للبيْنِ
لو جاءت بذكراها تخاتلْ
واللهِ

ما طُمِسَ الجَوَى
فالبوحُ زائلٌ
والصَّمتُ زائلْ ؟
إني الملاذُ لتيهها
منذ التقينا ؛

دمعتي حيرى
على شطِّ العنادلْ
قد عانقتني يومها حتى أذابتْ جُرْحها
لم تستطعْ اسكات جُرْحي عندها
والجُرْحُ هائلْ
واللهِ

ما زارتْ " ثُريَّا"
حيَّنا
إلا اشتياقًا
زانها الصَّحوُ المُقاتلْ

لم يثنها طعْنُ الغُزاةِ،

ولا البوارجُ،

والمذاهبُ،

والفواصلْ

وتشيِّعُ الشُّهداءَ مِنْ كلِّ العوائلْ
ليس المُهدَّدُ بالغرامِ؛
كمَنْ

تهدِّدهُ القنابل.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى