أيمن دراوشة - قراءة نقدية في قصيدة "أوثلو فقد مرساته" للشاعرة التونسية سمية بن عمر

قصيدة "أوثلو فقد مرساته" هي قصيدة مقتبسة من مسرحية عطيل لشكسبير، وقد كتبتها بالإنجليزية الشاعرة الفنانة التونسية سمية بن عمر، وهي من قامت بترجمتها للعربية أيضًا (المترجم والمؤلف للنص هو نفسه) وهذا بحد ذاته أمر غريب أن من كتب النص بالإنجليزية وهو الأصل، هو نفسه من قام بترجمته للعربية بهذا التشكيل الجميل ...
تلوم الشاعرة القائد عطيل (أوثلو) بخنق زوجته بسبب خيانتها له كما كان يعتقد، وهي بالأصل مؤامرة من حاقد كشفها عطيل متأخرًا؛ ليتجرع الندم والعذاب بقية عمره حيث لا مجال للتصويب أبدًا.
تبدأ الشاعرة قصيدتها بضمير الغائب هو، ثم تنتقل لضمير المخاطب أنت الذي يتكرر سبع مرات، وهو خطاب مؤلم مؤنب قاس جمّله تلك الاستعارات والتشبيهات الغريبة في النص كله.
تعاتب الشاعرة عطيل هذا القائد العسكري المشهود له بالشجاعة والقوة والحب المخلص النقي لزوجته، هذا التهور والاندفاع المجنون لقتل زوجته بسبب الغيرة العمياء دون تحر ودون تدقيق.
أنت تقتل ديسمونا فتندم وتعاني
أنت تقيد جنتك بعاصفة لاذعة
أنت لا ترى ليالي الأقحوان المشرقة
أنت تنشر الضياع وتؤسس الرعب
أنت تجعل بحيرة الحب في سبات
أنت تسقي البيداء تجفف الأقحوان
أنت التائه
من الأشياء التي تجعل الاستعارة غريبة لا تدرك بغير الفكر والروية، ومن ثم يحدث في النفس التأثير، وقوعه على تفصيلات الشيء وجزئياته.
تحدثت الشاعرة عن سيف عطيل الذي أصبح لا يخيف بل غدا ناعمًا كسكين غير حادة لا فائدة منها، وهنا أضافت الشاعرة إلى استعارتها خصوصية، وضمنت لها بعض التمييز، فقد جعلت الحسام القاطع ليس فيه شيء من الحدة.
ويتفاوت التفصيل من استعارة لاستعارة، وكلما زاد التفصيل الذي توقع عليه الشاعرة التشبيه، كلما كان أبهى وأفضل.
"غيرتك اللاذعة تشعل البذور فأنت المذنب"
ومن الملاحظ على القصيدة استخدام الشاعرة للعلل الطويلة، وذلك من خلال حرف الألف حيث لم يخل أي سطر شعري منه.
" الأقحوان – تعاني – الضياع – ديسمونا – عاصفة – لاذعة – بيداء ..."
والألف أكثر العلل سماعًا وتأتي في قمة الأسطر، وفي هذا الإيقاع الصوتي السريع الحافل بالذم دون التشفي، وبهذا التكرار " أنت" وهو بالتالي تكرار تفاعلي وأداة من أدوات شدة اللوم والعتاب متلونًا بالموقف الشعوري الملتهب.
أمّا الصور فهي صور ذات خيط شعوري وفكري موحد لانحناءات القصيدة المتنامية تعنيفًا ولومًا.
المأساة " الغيرة " إذن تركيب فجائعي بين الرؤيا والواقع، تركيب درامي مع الرؤيا جعله جدارًا صعب التجاوز والتخطي.
معبدك تصدأ بطقوس متسكعة
مجدك قبر، وأصبح أكثر قتامة
قوافيك تدوي دون فارس لامع
مرساتك قاحلة بدون مؤسس
عيدك أصابه إغماء وحمى
القصيدة بشكل عام تجربة مأساوية، ومعاناة للظلم، والحبيب الضائع، والرحيل حيث لا رجعة.
أمّضا التجربة الشعرية - كما رأينا- مأساة عميقة ذات مجرى منحدر، فيها الحركية والإيقاع الدرامي المشتعل، الذي تحول بدورة إلى غنائية حزينة.
مسرحية عُطيل هي مسرحية مليئة بالأبطال ذوي الشخصيات الهشة المهترئة الشريرة الخائنة، وحافلة بالأحداث المتضاربة والأفعال المتضادة، ومن هنا كان التمزق، وكانت القصيدة...
النص باللغتين العربية والإنجليزية:
أوثلو فقد مرساته
أوثلو ملك ونواة الحب والقوة
أنت تقتل ديسمونا فتندم وتعاني
أنت تقيد جنتك بعاصفة لاذعة
أنت لا ترى ليالي الأقحوان المشرقة
أنت تنشر الضياع وتؤسس الرعب
أنت تجعل بحيرة الحب في سبات
أنت تسقي البيداء تجفف الأقحوان
أنت التائه
توهجك يتوقف عن النمو فلم تعد هناك متعة
حسامك الناعم لم يعد يثير
سحبك المعتوهة فصلت المطر عن الشتاء الدافئ
غيرتك اللاذعة تشعل البذور فأنت المذنب
طيفك أصابته قشعريرة فغبت عن الأنظار
معبدك تصدأ بطقوس متسكعة
مجدك قبر، وأصبح أكثر قتامة
قوافيك تدوي دون فارس لامع
مرساتك قاحلة بدون مؤسس
عيدك أصابه إغماء وحمى
----------------------------------------
Othello lost anchor
Othello,king nd core of love nd power
You deaden desdemona,regret nd suffer
You chain your paradise in burning thunder
You're blind to bright nd daisy nights
You spread loss nd found frights
You make the love lake slumber
You water desert,dry daisy,you're loser.
Your glow gives up growing,now no delights
Your soft sword 'll no longer me excite
Your crazy clouds split rain of warm winter
Your raid burn seeds,you're offender
Your shadow shiver,you're out of sights
Your temple is rusty with roaming rites
Your glory is graved,is dimmer
Your rhymes roar with no radiant rider
Your anchor is arid with no founder
Your feast is faint nd flushed with fever.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى