السيد فرج الشقوير - إحتباس.. شعر

أكرهُ الأسمنت...
حين كان الله تعالى يمزُجُ طينتي اللّازبة..
هيَّأَنِي منْ صُنُوفِ الطين...
فأنا الإنسانُ والغيطانُ معا
فتراني مستعِدَّاً للخضرة...
في انتظار إيماءَةٍ منْ سحابة...
لتَنْفَجرَ الأحراشُ
فلا تأخذوا بلحيتي ولا برأسي...
فهما حشائش منَ سافانا...
فدعوها للقطعان العاشبة
ساقاي إحداهما دلْبٌ...
إليها تنام الأكواخ وتستندُ الصّوامع
والأخرى شجرة عودٍ هِنديّةٍ...
تَغذُو بطونَ القَوارير باللّاشُوتِ والشّانِيل
يُمنَايَ زيتونة..
تُنقذُ العالم منَ الكوليسترول...
وتَدهِنُ رُكبَتَيْهِ منْ خُشونَة...
ويُسراي تينة
يَنبتُ البطيخ والعجّور فوق ساقَاي...
وبينهما تمرحُ الملوخيّة
وتتدلّى الأعناب من تكعيبة تحت باطي
على ظهري مساحات شاسعاتٍ من الحنطة
يكتالُ منها ألأَحد عشَر كوكباً والشمسُ والقمرُ
فمِنْ أينَ تنسَرِبُ المَجَاعات؟!
وعلى بطني سوقٌ يتبادلُ فيه العالمُ الفاكهة
سُرَّتي بحيرة عامرة بالماء.. وقواربِ الصيد
فمنْ أوعزَ للسنديان بالرّحيل؟!
وحينَ صَيّرني حَمَأً مسنوناً...
كُنتُ مُستعدّاً للرّشح
طينتي خاليةٌ منْ أعمال الجبسِ
أنا منْ يكرَهُ الأسمنت
أنا موقنٌ باقتسام الماء معَ النَّجيل...
ودودَ الكومبست...
ولا أُمانُعُ أنْ تَشربَ الأنْتِيميبا هوستولاتيكا
عندما ينتابني العُطاس...
فما هيَ بالإنفلونزا الموسميّة...
بل أسقي مزارعي يا سادة..
فلا تخافوا العدوى
لستُ أدري متى تسَرّبَ الإسمنت للطّين؟
ولا متى صهرجتني البلاد العربيّة..
كزيرٍ حَرَمُوهُ نعمةَ النَّزّ
فماتت تحتَهُ أحاديّاتِ الخليّة
ذات قلةِ حيلة..
وفي خيالي المُصاب بأجنحة العصافير
حاولتُ خَرْقَ البوارج...
تِلكَ التي أقلَّت فرغلي إلى العراق...
عَلّها تترُكُ التّراحِيلَةَ لِلعزيق
وأشعلتُ ناراً وقودها الباصات...
وأوتوبيسات السّهم الذّهبيّ
التي لا تأبهُ لنحيب التُّرع...
فشلتُ كعادتي أنا الفاشلُ الفريد...
وأفلَحَتِ البوارج...
وأغرت عبد الهادي بالسفر
ليأتي لوصيفةَ بالحلاوةِ الطّحينيّة
ومَنّت دياباً بوجبةٍ منْ الطعميّة السّاخنة..
و(أرغِفَةً من عيش الأنّيطَة)
هؤلاء...
مَنْ عَاشوا أمداً يَخالونَ الأسكندريّة دولَةَ مُتَاخمة
عائدونَ من العراق...
يحمِلُونَ المازوت...
وعلبَةَ السّومر....
بالتّشريبة والكَصّ والصّمّون..
بالتّعالي على زلعةِ الجبن القديم والمدمس
يا حسرًَ على الغيطان
كانت الغيطانُ قد دخلتْ شيخوختها...
واستعدّت للخوازيق...
وكان الطِّينُ قد اقتنعَ بصداقةِ القَمائن
عاد عبد الهادي بالمازوت والسُّعال
وقَررَ الإسمنتُ أنْ ينامَ فوقَ(الزّريبة)
يا ويلهُ الجاموس المُضطّر للنوم على الإسفلت
عادَ ديَابٌ بالترانزستور..
والسّحّ السَّحِّ إمبوووو
فيالَ آذان الحَنْدَقولُ....
المنتمي لكونشيرتو التّمازج بين ضحكات العنادل
ونداءَآت الضفادع للعشاء....
الحصانُ الّذي كان يَجُرُّ (أبوك محمّد أبو سويلم)
للقضاء على مصانع الغزل والنّسيج
كان منْ وسائل المُواصلاتِ المُتَواطئة على الجعضيض
راح به للعراق...
ومَنّاهُ بحِذاءٍ (كعبَ كُبّاية)...
ليدوس بهِ الأسفلتَ الطّارح فوقَ لوزةِ القطن
وبالتّوكتوك الّذى يسعى خلفي..
ليقطعَ ثرثراتي معَ القصيدة خارج (الزّيطَة)
حينَ كانَ اللهُ يمزج طينتي اللّازِبَة...
كي أصبِح غيطاً من (الفولَيّا)
كَرهتُ الأسمنت والقمائن...
وعبد الهادي العائدَ منَ العراق...
(بربعِ كيلو منَ الحلاوة الطّحينيّة).
.......................................
السيد فرج الشقوير /مصر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى