أمل الكردفاني- هنا وهناك- قصة

الحلاق الأثيوبي يثرثر بصوت مزعج، وبلغته الأثيوبية الحلقية المزعجة وهو يحلق لكهل يحني رأسه للأمام..كان دوري بعد هذا الكهل، وهو المكان الوحيد الذي لا تحدث فيه مشاجرات حول الأسبقية إلا نادراً. كان صوت الحلاق يزداد ازعاجاً وهو يحدٍّث حلاقا آخر على بعد كرسي واحد..ولكي أخفف من ذلك الازعاج انزلت تطبيق الترجمة الفورية، وبدأت اقرأ حديثه نصوصا:
" لا شيء يا تسفاي..لا شيء.. إن المكان الوحيد الذي تتغير فيه حياتي هو حين أنام..نعم..في الأحلام فقط..أمتلك سيارة وأقود طائرة وإمارس الحب تارة مع امرأة جميلة وتارة مع حجر وتارة مع كائنات لا أعرفها..هل تفهمني يا تسفاي.. واحيانا احلق شعر رؤساء وزعماء..حلمت يوما بأنني قطعت الخصلة الصفراء الأمامية من شعر ترامب فغضب ترامب وأمر بمنحي الجنسية الأمريكية..(يضحك) ..حلمت بأن حبيبتي جلبت قصب السكر وبدأنا نأكل سوياً..عندي حبيبة دائماً في الأحلام يا تسفاي...هل تصدق..ولكن هنا لا شيء..لذلك أتغيب كثيراً عن العمل..لأنني أنام..لأنني أريد أن لا أستيقظ من النوم يا تسفاي..لأعود إلى هنا..هل تصدق..إنني هناك أكون فارساً..أخوض حروباً..جندياً مقاتلاً..هل أستطيع ذلك هنا حيث جسدي واهن وصدري ممتلئ بالسل..طبعاً لا.. أتذكر حلماً ارتفعت فيه نبضات قلبي..حاصروني من كل جانب..لا إعرف من هم..لكن أنت تعرف عالم الأحلام طبعا..فأنت تعرف الأشياء فيها بقلبك..أو يقولون لك ذلك..بلا صوت يخبرونك أنهم أعداؤك..حاصروني..وبدأوا يدورون حولي..فماذا حدث ..قطعت رؤوسهم واحداً.. وأما قائدهم...فذبحته هكذا.. هكذا يا تسفاي.. هكذا يا تسفلي.."
رأيت عينا تسفاي بارزتين من الفزع والدماء تنفر من رقبة الكهل..والحلاق يمرر عليها الموس وهو في عالم آخر:
"هكذا يا تسفاي..هكذا. ...هك.."

(تمت)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى