د. سيد شعبان - د. حمدي النورج والنقد الجديد!

ثمة مقالة كنت أتحين الوقت المناسب لأسطرها، فلما طالعت ما كتبه في جريدة أخبار الأدب حول رواية ' إثر حادث أليم" وجدت الباب مشرعا لأبسط الكلام معجبا بناقد يشق طريقه في ثبات وإن كان بتوءدة، يجمع مادته من بيان جزئيات العمل الأدبي، يؤكد العلاقة بين المبدع الناقد قبل أن يكون الناقد المبدع، إنه يمارس الجانب الإبداعي ممارسة وتنظيرا، له كتب ودراسات وأبحاث تربو على العشر، حين تأنس بالقراءة له، تشعر أن مدرسة جديدة يقودها حمدي النورج، هذه حقيقة لا أغالي بها، ولا أتحيف الحكم، إنه يعايش الأدب فيظهر لك أن أديبا قادم من أعماق الوجدان، يلتزم بقضية المعرفة والعرفان، تشعر أنك مع رجل يضع قلمه في شرايينه، هذه واحدة، أما الأخرى فأنت مجبر أن تطالع مقالاته التي تتوزع عبر مساحات الإبداع، حضورا في المعارض والمحافل، وعبر شاشات التلفاز!
يهتم بأبسط العلاقات الإنسانية لكنه لا يثير ضجيجا، يترك في عفلك مساحة للتفكير، هاديء العبارة، مع صخب حلو حين يشرع قلمه مناقشا!
ملامح منهجه النقدي هو العناية بالجمال: جمالية اللغة وسموها، وصدق الحكم دون تزلف، يبعد عن القولبة والتنميط، تشعر أنه يقترب من مدرسة مصطفى ناصف وإحسان عباس، بل هو عز الدين إسماعيل، صورة تقريبية لرجل يحمل أمانة اللغة فكانت رديفه في منجزه الأكاديمي، تسلح بزاد من اللغة يزاحم به غير متعالم بما آتاه الله، بل هو سابح في أوراده يشعرك أن قلبه يغرف من باب الحكمة السرمدية؛ وهل النقد إلا تجلية وتبيان لما يحمله النص من دلالات!
يمارس إبداع النقد محتفيا بإبداع النص في جديلة قلما تتوافر لأحد ممن يمتطون صهوة جواد الإبداع في عالمنا العربي، يحسن بي أن أضم صوتي إلى صوت الراحل د.مصطفى ناصف في كتابه" نحو نظرية عربية للنقد الأدبي" تنحو منحى الجرجاني في كتابيه الرائدين، نحو أمام ناقد يخط ملامح تيار مدرسي منهجي، عدته اللغة وسمته الإبداع!
إن تصدق فراستي فيه؛ نكون أمام ناقد سيحرك المياه الراكدة في نهر الإبداع؛ محتفيا بأدق التفاصيل ليصنع فسيفيساء جمالية لنافذة الأدب العربي المعاصر.
لولا كثير من الصخب الذي تضج منه الآذان وغبار ثعالب الثقافة لكان لحمدي النورج الريادة ولاحتفى به المنجز الثقافي العربي!
أعلى