إبراهيم أصلان - فستان التيل الأبيض.. قصة قصيرة

(1)

غادر العربة عن دار القضاء العالي وعبر 26 يوليو ذا الاتجاهين ومشي في الجانب الاخر كان الوقت ليلا واللمبات الملونة تحيط بالاعلان المعلق علي مدخل السينما الذي ازدحم برواد التاسعة ومن هناك كانت عيناها تبسمان من اجله حتي اقترب من ناحية المشرب المفتوح والعامل الذي ينحني بسترته القصيرة البضاء يسوي كتلة اللحم ويديرها امام النار وشم رائحة الشواء وهو يقول

اهلا

قالت

اهلا

علي فين؟

انت اللي علي فين؟

قال

ابدا

وحدق في عنيها الكبيرتين وقد انعكس فيهما نور اللمبات الصغيرة الملونة وسمع الصوت الذي احدثه العامل بحافة السكين وهو يلملم فتات اللحم في جانب الصينية المعدنية المستديرة.

تحركا ببطء حتي عبر المدخل الزجاجي المفتوح . كانت تسبقه قليلا وكانت ترتدي فستانا من التيل وتثبت في جانب شعرها الكثيف خرزة ثقيلة زرقاء.

توقفت وهي تعطي ظهرها الي اللوحة التي علقت بها مشاهد من الفلم المعروض توقف امامها حيث تخف حركة الناس كانت تضع علي ظهرها الصغير زهرة من الحرير المقارب للون فستانها

انت داخل السينما؟

لأ

ليه؟

ابدا

لازم شفت الفلم؟

ابدا والله

امال مش عاوز تدخل ليه؟

حنعمل ايه في السنيما؟

ممكن نعمل كل حاجة

واتسعت ابتسامتها

ابتسم هو الاخر

دي زحمة اوي

وايه يعني

وراحت تأرجح حقيبتها البيضاء

ومضت فترة واللتفتت هي الي المدخل القريب

الحفلة بدات تدخل

يا شيخة دي زحمة اوي

قالت بغضب

انا مابرحش بيوت

وتراجعت الي الوراء وهي ترتجف

مش باحب اروح بيوت

وراي قدميها الصغيرتين والاظافر المفضضه الملمومة في مقدمة الحزاء البني القديم وقال

اصل انا عندي شغل

نظرت اليه دون ان ترفع وجهها المائل وبانت اهدابها الطويلة والثقب لدقيق في حلمة اذنها الخالية

اه وااله عندي وردية ليل

انت بتشتغل ايه؟

انا بشتغل موظف

موظف؟

اه

فين؟

في هيئة المواصلات

الي فين دي ؟

الي عند معهد الموسيقي

العمارة العالية؟

اه بشتغل في الدور الرابع

شبكت زراعيها علي صدرها فتكور نهدها ورفعت وجهها الي ياقة قميصه المفتوح وشعره الذي شابهة البياض

امال كنت فين؟ كنت بتتعشي؟

ابدا والله دانا لسة جي من البيت

بيتكم فين؟

في امبابة

عند المنيرة؟

لا عند الكيت كات لكن اختي ساكنة عند المنيرة

عادت الابتسامة الي عينيها الكبيرتيت ةقالت

انت اسمك ايه؟

انا اسمي سليمان

وارتفع صوت الولد الذي يتادب من وراء الاسوار البتي تحيط بالحفائر الخاصة بمترو الانفاق تابعه حتي اقترب بحمله من الجرائد

مد يده الي جيبه وقال

اجبلك واحدة؟

هزت رايها نفيا

دب بتاعة بكرة

لأ متشكرة

وراقبته وهو ينزل عن الرصيف وقالت بصوت عالي

اقولك هات

عاد بنسختين من الجرائد اعطاها واحدة

متشكرة

العفو

وابتسم

عن اذنك

ونزل الي عرض الطريق وهو يفتح الجريدة بين يديه تمهل علي الرصيف الضيق الذي يفصل بين الأتجاهين ومضت فترة اخري من الوقت ثم التفت

كان المدحل قد خلا من الرواد وكانت هي في دائرة الضوء حيث اللوحة التي ثبتت عليها مشاهد من الفلم المعروض وقف ينظر اليها حتي ادارت وجهها وتطلعت ناحيته بعينيها الكبيرتيين ثم اعتدلت بفستان التيل والشعر الكثيف والخرزة الثقيلة الزرقاء .

إبراهيم أصلان



أعلى