نبيل يوسف العربي النفيعي - بين شح السرد وبذخ المعنى.. "قراءة في قصة الومضة"

عندما تكتنز الحروف والكلمات مشاعرنا ، نضاحة بتيار من الوعي الذي قد يبدو متضاربا متناقضا في عيون الآخرين ، نكون نحن بصورة الأنا في أنصع صورها الإنسانية الحية، الفياضة بخفقات قلوبنا النابضة بالحياة.
تدفعنا الظروف كموج البحر بالمد والجزر ،فنطفو ونغرق مع أشياء صغيرة تكتبنا ولا نكتبها.
لنخرج أفكارنا ومشاعرنا بالصورة التى نشاء - حتى لو خرجت عن الأطر المعتادة والمعهودة - لسنا قوالب جامدة في أطر النقاد والنقد ، لنخلق عالم إبداعنا كيفما نحب ، ولاتعنينا مسمياتهم سابقة التعليب . فالإبداع يهب الناقد مصطلحاته جاهزة من خلال توصيفه للعمل وعناصره دون عناء مثل: التكثيف اللغوي/ وخلق عنصر المفارقة/ والاعتماد على الإيحاء والتلميح بالمعنى/ وترك النهاية مشحونة بالمفاجأة المدهشة.
* نماذج للكاتبة الأديبة
* نجوي نصرالدين حسين الباز / مصر
Nagwa Elbaz

١ = اغتراب:
--------------
طعموا كلماتى ضد الوطنية ؛ أصابتنى حمى الحنين !
---------------------------------------------------

= اندفاعنا بحب " الآخرين/ الأهل " انطلاقا من الذات النقية ، ودفاعا عنهم ، وحزنا عليهم من إدراكنا لخطأ اختياراتهم ، يجعلنا في موقف المتهم بالخيانة.
هنا تبرز مفارقة رد الفعل تجاههم - رغم سوء فهمهم - " ضد الوطنية" ؛ لتكون " حمى الحنين" والشوق مطلقة الدلالة ، فاتحة ذراعيها لهم وللوطن.
--------------------------------------------------------------
٢ = غياب:
-----------
غاب عنها .. فرقصت روحها منفردة .. رقصة الموت !
-----------------------------------------------------

= بين الميلاد والموت ثمة حياة تزدهر بكل متناقضاتها، وتلتقي فيها أرواح وتتنافر أخرى ، وهنا مكمن الارتباط أو الانفصال .
والغياب: معادل موضوعي للموت .
والرقص : معادل موضوعي للحياة .
وعندما يكون فعل الرقص للروح المنفردة ، تتجمع كل مشاعر الحب اليتيم ، ممزوجة بمشاعر الفقد/ الغياب.....؛ لتكون رقصة الوداع / الموت جامعة لثنائية حياة الموت وموت الحياة.
---------------------------------------------------------------
٣ = سكون:
------------
سكنت غيرته .. فعلمت أنها فقدته !
-----------------------------------------

= بين طمأنينة الدلالة في سكنت ، ومنطق الثورة في غيرته ، تكمن دلالة الاعتدال المزاجي . وهنا تبرز مفارقة الفقد المعادلة للموت المعنوي ، بين ( هاء) الغائب في (غيرته ) ، وماتحمله من طاقة الحب ، و (ها ) الغائبة في ( أنها ) وماتحمله من فقد لطاقة الاحتواء .
---------------------------------------------------------------
٤ = آية
=====
قُدَّ قلبي من قُبُل؛ رتقتني سجدة السحر .
----------------------------------------------

= يحمل العنوان - بما للكلمة من قدسية الدلالة في الموروث الديني - إيحاءات عدة وإن كانت تدور في إطار " المعجزة " و " الإثبات " من الحدث الخارق للواقع المألوف ، إلى الدليل والبرهان الأكثر إدهاشا من الحدث وفي تجليات اللفظ والمعنى والتركيب والصورة بما تشعه الضدية السافرة بين ( قد ) و ( رتقتني ) دون واسطة لحرف عطف هكذا بين الفعل ورد الفعل الذي يشي بصوفية الحضور الروحي المقاوم لحدث مجهول الفاعل ( قد ) في عدوانية مهاجمة طاغية القوة مؤكدة الفعل بتمام الحدث المبني للمجهول في الماضي على حصن الروح ( قلبي ) من وضع المواجهة المباغتة ( من قبل ) .
رد الفعل السريع المضاد المنتصر غير المتوقع ( رتقتني ) والمعلوم فاعله ( سجدة السحر ) بما فيها من الخشوع والخضوع والتسليم في لحظة انفراد فريدة الدلالة ( السحر ) وما يمثله من احتضار الظلام و ميلاد الفجر والوحدة .
هنا زهو انتصار الكل الضمير " ياء المتكلم " مع الفعل في ( رتقتني ) بقوة الضعف ( سجدة ) انتصارا للجزء ( قلبي ) .

وبين الصورتين ( قد قلبي من قبل ) - ( رتقتني سجدة السحر ) تتحول الهزيمة أمام قوة مجهولة الهوية إلى انتصار بضعف معلوم الهوية.
======================================
أبو لؤي النفيعي - مصر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى