عبدالناصر الجوهري - بدون كِمامةٍ طبيَّةٍ تكْتبُني القصيدةُ

لا اعتاد مجازي عُزْلتها
- لو قاطعتُ المُنْتدياتِ-
ولا رنَّتْ مِنْ هاتفها الخَلَوَىّْ
اشتقتُ ؛
لتكْتبني بالحرْفِ الوردىّْ
تأتيني
لكنِّي مُحْتجزٌ في الحَجْر الصِّحيّْ
وكأنِّي فأرُ تجارب منفيّْ
مَنْ حوَّلني في زمني
للعصْر الفيروسيّْ؟
مَنْ حوَّلني ترسًا ،
أو زرًّا
في كوكب آلىّْ؟
تأتيني رغم تباعدنا
تأتي بالإلْهام إلىّْ
ما عطَّلها بيدرُ مُسْتوطنةٍ
أو شركاتٌ مُتعدِّدةُ الجنسيَّات،
و ما سحقتْها حرْبُ النّفْطِ المُنْدلعةْ
فالموتُ القادمُ سلعةْ
أنا مُحْتجزٌ
لا زلتُ أُعاني
جرَّاء سباق الأسلحة البيلوجيّْ
أنا ُمُحْتجزٌ
في منْفاى الإجباريّْ
تركوا ذاكرتي في خندق رملىّْ
كنتُ أظنُّ بأنِّي منسيّْ
لكن تأتيني
تبكي أحلامًا كنتُ أعانقها
تبكي قُبُلات الدِّفْء الرُّومانسىّْ
تبكي ظلَّ الصِّفصاف،
وحرفي العربيّْ
ما أخبرني أحدٌ أنَّ الخطرَ القادمَ
مِنْ موجاتِ المجْهول،
سيسْتنسخُ فيروسًا تاجيّْ
مِنْ إفرازاتِ خلايا سمَّمها عقلٌ بشريّْ
أو تنشر جيناتٍ من حمضٍ نوويّْ
ما أخبرني أحدٌ عنْ أعراض المرض الجينيّْ
ما أخبرني أحدٌ
أنَّ الفيروساتِ نتاجٌ لمُبيد حشريْ
أو تسريبٌ إشعاعيّْ
أو جائحةٌ من آلاف الأقمار المُصْطنعةْ
ما أخبرني أحدٌ عنْ كارثةٍ من بث أشعةِ راديو،
أو لعنة رادارٍ حربيّْ
ما أخبرني أحدٌ عن كهْربةِ الكرة الأرضيَّةِ،
ما أخبرني عن مُتَّسعٍ لأشعْةِ أوزوني
وسباقٍ نووىّْ
ليس وباءً فرضىّْ
جائحتي
في الأصْل نتاجُ معامل مُخْترعةْ
وتحوَّل تكرارُ اليوميات لقاحًا
أو جُرعةْ
ما أخبرني أحدٌ عَنْ حبْس حرارة شمْسي
عند غلافي الجويّْ
لكنِّي أدركتُ الآن؛
فجسمي لوَّثه مُخْتبرٌ جرثوميّْ
فرَّ الأهْلُ ،
الأحبابُ ،
رفاقي
وأغُلقُ بابُ الحىّْ
إلاَّ ذات الحُسْن ،
فأعرفها من رنَّات حُلِىّْ
أعرفها من صلصلة الجرْس المخْفيّْ
أو من وقْع الحافرِ
فوق العُشْب الجاف ،
أو المروىّْ
تأتيني في الحَجْر؛
لتكْتبني
وكلانا يخشى القُرْب،
ويلزِمهُ المنْشورُ الطِّبىّْ
تأتيني بكمامتها
رئتاها رئتي
"كورونا"
ليس وباءً عادىّْ
بل عصْرنةٌ ترتدَّ إلينا
من فعْل تطوِّرنا العِلْميّْ
اللاانسانيّْ
تأتيني لتُصافحني
تتنفَّسني ،
أتنفَّسها
تسقيني من جندلها التَّفعيليّْ
اشتقتُ إليها
فأنا في الغُرْبةِ حىّْ
مُنْتظرًا نعْشي الخشبيّْ
أو تسْكنني
أو تتجسَّدُ فىّْ.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى