رسائل الأدباء رسالة من محمد مهدي الجواهري الى غائب طعمة فرمان

أخي الحبيب ابا سمير
لو تعلم كما انا حزين عليك، آسف على فقدانك حتى لاكاد استمحيك العذر في ان استبق بهذا كل الحزينين عليك، بلدك الحبيب الشامخ امامك حتى الرمق الاخير، وكل الموهوبين والملهمين الذين يشاركون اليوم في ندوة تكريمك ومن هنا وهناك وممن تعرفوا عليك، خلال ابداعاتك وانجازاتك والواحك الملونة والاصيلة ومنها ( نخلتك وجيرانك). ولا ادري من منا كان قد استبق الاخر، فلربما قد ذكّرتني ولربما ذكّرتك، وانا اناغي ايضا نخلتي وجيراني ، عندما اقول :
وسدرةٌ نضدها خُضرٌ وساقيةٌ وباسق (النخل) معقوف العراجينِ
حبيبي الغائب..
يا ابا سمير هذه لوعة من القلب وعلى الورق، لم اردها ان تكون برقية يتآكل البرق من الخاطب الكثير من وجهها وحرارتها. وانما اردت منها مجرد الاشارة الى أنني انتظر بلهفة اليوم بل الساعة التي يسعفني بها الزمن وانا غير مرهق ولا مثقل بالهموم وغيابك في الصميم منها، بل ولا انا عاجز ان اضع القاريء في الصورة منها، من بعضها، من واحدة منها.
وفي ذلك اليوم وفي تلك الساعة ساكون سعيدا انني عرفتك فناناً وانساناً وطفلاً بريئاً،
وهذه (الماسات) الثلاثة المقدسة التي اعرف ويعرف كل قاريء كم هي الكثرة الكاثرة التي تحمل المزيف منها والمصنوع والمقَـلد، ولكنني لا اعرف ولا المنجم يعرف، من هم وكم هم الذين يجرؤون أن يقول الواحد للاخر او الآخر انني أحملها انني امتلكها، انني استحقها، انني انا الفنان، انا الانسان، انا الطفل البريء.
يا ابا سمير لقد طوت العصور الف بساط وبساط من اثمار السلاطين والفراعين والمترفين، ولكنها لم تُقـد ِر ولم تَـقـدَ ر ان تسحب بساطا واحدا من تحت اقدام فنان اصيل. ولا ان تمحو اسماءهم وثمارهم ولا فرحهم ومرحهم ( وهم يحملون همومهم على منكب وهم سواهم على منكب ) ولا انهم يستعجلون الموت حبا منهم بالحياة، وبساطك الاخضر الساهر والسامر واحد منها.
أخي غائب
إن مدى حبي لك هو قصوري وتقصيري معاً في أن أعبر عنه، أما مدى حبك لي فهو نـفَس من انفاسك الكريمة والاثيرة والاخيرة.

اخوك محمد مهدي الجواهري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى