نبيلة الوزاني - أصواتٌ في مهبِّ العَراءْ

.... (وقتمَا تَمكّنْتِ منَ الانصهارِ
في واقعِ الصُّورةِ ، تَموْقَعي فيها بتمامِ كُلِّكْ) ....
هكذا تَتغلغلُ داخلي
ذبذباتُ صوتٍ كشلّالٍ هائجِ الهديرْ ....
مُرتفعٌ جدّا...
مُواظبٌ كثيراً ....
حَريصٌ أكثرَ ....
هذا الصوتُ القديمُ الجديدُ
على أن أبْقى رهْنَ ... انتباهْ ...
لطالما رافقَ خطواتِ أناملِي
كلّما قرَّرَتِ القيامَ بجولةٍ استِطلاعيةٍ
في الشوارعِ المَسحُوقَةِ مَصابيحُها
لأقصّها على الوَرقْ ....
..............
بعيداً ما يَكونُ فِكري
عنِ التَّاريخِ وتأشيراتِهِ
لأفوزَ بنعيمِ الخُلودِ
في سجلّاتِه بمُجلّداتِها الكثيرةِ الألوانِ
والاتّجاهاتِ والمشروعاتْ...
وأنا أتوغّلُ في الصورةِ
أبحثُ عن مكانٍ يسعُني بِظلِّي وصَوتي
لأجدَني بيني وبيني على قيدِ الحياة ....
كلُّ الأشياءِ والصّوَرِ
تَستدعيني لأقفَ أَمامَها طويلاً
برؤيةٍ أكثرَ ثباتاً
بعيداً عن اهتزازِ الألوانِ في عيني ،
ربّما شعرتْ أخيراً
أنّني بها ( شاعرِة )
.........
أنا الآنَ كما مِنْ قبلُ...
كُلّما أحسستُ بالعطشِ
احتلَّتني أسئلةٌ بحجمِ الهلعْ :
كمْ للظّمأ من حناجِر؟
كيف يَعطشُ الموجُ
والبحرُ يطفحُ ماءً ؟
أتُرى هل المِلحُ شرب الماءَ ،
أم ْما خَلْفَ البحرٍ
ابتلعَ أحلامَ النّوارس؟
أيّتها الرّمالُ
كيف تغوصُ في عمقكِ الأحلامُ
وأقدامُها هرولتْ
إلى ما وراءَ الأُفقْ ؟
في قهرٍ مُشابهٍ آخرَ
كيف تتحوّلُ المسافةُ
إلى سنواتٍ ضوئيةٍ
بينَ ال هُنا .....و.... ال هُناكَ
والعالمُ حفنةُ كفّْ ؟
.........
تلك الَّسنابلُ التي مَزّقَها الصَّقيعُ
في بيادرِ الغربةِ
تذرفُ سُكَّرَها كلَّ رَشْحِ نبْضٍ،
تصنعُ حلوَى بعرقِ الحنينِ ،
تُقدّمُها لأَفواهٍ خاليةٍ
من أبجدياتِ التّرابِ
ونظراتُها تَعبرُ المجهولْ...
بابتسامةٍ فارغةٍ
مِن ذاكرةِ الفرحِ
وبأصواتٍ في مهبِّ العراءِ
تُردّدُ الوَجعَ على مَسامعِ الرّيحٍ،
يا عواصفَ النّسيانِ ... اشتعِلي
............
الطّينُ المُبلَّلُ بنَدى الأُمنياتِ
غاصتْ فيه حقائبُ اللّهفةِ
والخَطواتُ تبكي انفراجَِ العَطبْ...
أيتها الحدودُ
من يَحكي للرّيشِ
عنِ انكسارِ العصافيرِ
والأجنحةُ خاويةُ الهواء؟
يا رفيقيَ الأزَليَّ ،
أيّها الصّوتُ الجليّ ،
هو الألمُ الممتدُّ
في أوردةِ الأيامِ
وهُطولُ الدَّمعِ
مِن عُيونِ الشّمسِ
وهيَ تَدَّعي الضَّحِكَ
منذُ الشّهقاتٍ الأخيرةِ
للرّبيعْ !..
،،،
نبيلة الوزّاني
29 / 01 / 2021

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى