د. سامي عبد العال - لماذا يغيب التسامح؟!(2)

تاريخياً، لم يكُن التسامح خالصاً للإنسان بما هو كذلك، لأنَّ السياسة تعتبره أحد وجوه الهيمنة الناعمة على المجتمعات. حيث لم تتراجع الأنظمة الحاكمة عن هذه المنحى طويل الأمد، ولو كان الأمر بإشاعة ثقافةٍ تلتقي مع أهداف سلطتها بطرق مراوغةٍ. في كلماتٍ واضحةٍ: سيكون التسامح محدَّداً بما يُراد له أنْ يكون، لا وفقاً لحرية الإنسان تجاه الإنسان ولا بتأسيس تعدديةٍ تستوعب اختلافات البشر. وقبل السياسة( أو بالقلب منها ) كان الدين مُمسكّاً بأطراف التسامح ناحية مرجعيةٍ ذاتيةٍ لا يرى سواها. كلُّ خطاب ديني لا يخرج عن ذاته إلاَّ داعياً أتباعه لقبول الآخرين تمهيداً لاستعمالهم. حتى لو ألّحَ هؤلاء بكونهم أحراراً ويجب التسامح إزاء ما يفعلون ويعتقدون، فسيكون لهم " نصفَ تسامح "half tolerance على أفضل الأحوال، والنصف الآخر لون من المقايضة واجبة الدفع عند اللزوم. لأنَّ عملية المقايضة- في هذه الحالة- تستوجب الدينونةَ لمن يعطي نصفاً ممتلئاً، وسيظل النصفُ الفارغ هو مصدر الأشباح المخيفة في ثقافة المجتمعات، فقد يصبح صراعاً يلتهم رقعة الحرية من الأساس.
اللاتسامح
يكشف الخيط السابق- غرباً وشرقاً- عن جذور اللاتسامح intolerance في الذهنيات البشرية، وعن ارتباطه بالتكوين الثقافي السائد، وهو ما يتطلب توضيحاً لهذا الجانب الممتد. وأقرب نقطة هي ابراز عملية التوظف السياسي للعنف في المجتمعات العربية الاسلامية، ذلك نظراً لوثاقة صلتها بالفكرة والسياق. ولأنَّ التسامح لا يكون جزئياً أو هكذا ينبغي، فهو يضع مجتمعاتنا برمتها تحت طائلة الاستفهام. فأمّا تسامح بملء الكلمة أو لا يتحقق، وليس مطلوباً حصره في زاوية ضيقة إلاَّ تمهيداً لمعرفة طبيعة التعامل معه وجوهر الأبنية التاريخية للمجتمعات الأقل تسامحاً. لأنَّ اللاتسامح بدوره يتشكل في ضوء تاريخٍ ما، حين يسيطر ردحاً من الزمن، بل حين يستغرق عصوراً بمجملها ويصبح لصيقاً بأنماط الفكر والفعل.
1- تراث العنف.
لعلَّ الإقصاء والعنف قد شكلاً تراثاً ثقافياً في حواشي ومتون المجتمعات العربية. منذ عصور الإسلام المبكر، حين تمَّ اغتيال الخلفاء الراشدين في السياق الإسلامي الواحد تلو الآخر، حيث قُتل عمر بن الخطاب(23 هـ)، مِن قِبل أبي لؤلؤة الفارسي، وعُرف بعد الحقبة الصَّفوية في إيران: بابا شجاع الدِّين، وشُيد له ضريح هناك، لشحذ العاطفة العرقية والطَّائفية. ثم الخليفة علي بن أبي طالب(40 هـ) مِن قبل عبدالرَّحمن بن ملجم الخارجي. واغتيل صاحب علي مالك الأشتر(37 هـ) مسموماً بالعسل، وأُتهم معاوية بن أبي سفيان (ت60 هـ) به، بالتواطؤ مع دهقان القُلزم على طريق مصر، مقابل الإعفاء مِن الخراج، ولما مات الأشتر ووصل الخبر إلى معاوية قال: " إن لله جنوداً منها العسل". وتباعاً قد انتشر القتل في عهد معاوية عندما أمر بقتل حجر الكندي الذي قال عنه المسعودي هو أول من قُتل( نُحِرَ) صبراً في الاسلام، وكان القاتل قد وصفه بأنه رأس الضلال ومعدن الكفر والطغيان(1). وعلى هذا النحو كانت الاغتيالات وسيلة سياسية لترسيخ التعامل مع الأنظمة السياسية مؤيدين ومعارضين. وهناك قصص لا تُحصى ولا تُعد مِن الاغتيالات الدِّينية ذات الدَّوافع السِّياسية. لأن العنف نبت من جذور ثقافية سيّست الدين لخدمة السلطة القائمة.
وظلت الاغتيالات أداة التغيير السياسي- ربما الأداة الوحيدة - طوال العصور العربية الاسلامية، الأمر الذي جعل التسامح عملة نادرة في ثقافتنا القديمة، بقي سياسيّاً شبحياً تحمله كلمات التمني والرجاء والجود والسخاء كما أوضحت. إنَّ التاريخ السياسي العربي طُبع بفكرة الاقصاء حتى الثُمالة، وهو ما كررته مفاهيم الدولة والحاكم والمؤسسات جرياً على معاني الخلافة التي شهدت الأحداث الدموية سواء أكانت حروباً بطريقة الإغارة والغزو أم ملاحقة الكفار وأهل الضلال باسم الدين.
ولذلك يصعُب أنْ نتحدّث عن التسامح بمعناه العمومي في "البيئات العربية الإسلاميّة". فالمجال العام ليس مُعدَّاً سياسياً بناء على مفاهيم التنوير وآلياته، لأنها بيئات طاردة وفارزة لأصحاب الديانات الأخرى. وربما تكون هناك أقليات دينية موزعة بحسب انماط العيش، لكنها بالنهاية تدور في فلك الأغلبية وبخاصة بصدد إدارة الشأن العمومي. وطبقاً للأنظمة الدينيّة الخادمة لأجهزة الدولة تحت عباءة إمبراطور أو خليفة أو سلطان أو ملك أو رئيس، لم تعرف التّسامح كحقٍ عام يجده الإنسان المتمتع بحقوق المواطنة.
يمثل " التسامح الديني" مأساة إنسانية بحرفية العبارة، لأنَّ قبول الآخر الديني والحماية القانونيّة لحقوقه أشياء ظلت محاطة بالمحظورات، بدءاً من وجوده اليومي وانتهاء بدور عبادته الملقاة للإهمال والسخرية. إنَّ التفكير في الآخر نوع من العنف المقنَّع، فالخطاب السياسي ليس مؤهلاً ليكلّمه وكذلك الخطاب الديني ليس به عبارات مدنية تراه مواطناً مساويا لغيره. فمصطلح أهل الذمة في دولة الخلافة كان نوعاً من الفرز الميتافيزيقي، ضربً من "تسامح الاستقواء" إزاء الضعفاء. فكلما ورد وصف(أهل الذمة) على اليهود والمسيحيين كأنه يردد: أنتم أقل مكانة من المسلمين، أنتم في موضع تفتيش لما تضمرون لأن عليكم واجب ينبغي تقديمه كالجزية على سبيل المثال!!
ومع أنَّ هناك نصوصاً ذات طابع إنساني مثل أشعار الحب والغزل وكتب الرحالة والنصوص النثرية للجاحظ والتوحيدي وكتب المتصوفة، إلاَّ أنها كانت مهمشة ثقافياً، كان مصيرها الإهمال في مقابل الاهتمام بكتب الفقهاء ورجال الدين الخادمين للحكام. وهذا ما جعل أية كتب تدور حول الإنسان والتنوع الثقافي والتعدد العرقي من باب نصوص النوادر والغرائب والطرائف، وهذه لعبة الثقافة العنيفة مع نفسها(2). فلم تعرف بنية المجتمع العربي استراتيجية التسامح عمليّاً. ومع أنه، نظريّاً، لدينا رصيد زاخر من السرديات المقدسة والأحاديث والقصص التي تتكلم عن التسامح ووجود الآخر والتصالح والإخاء، غير أنها لا تطبق في الواقع، تقف فقط عند حدود التخيُل والأوهام النظرية ليس أكثر. مما يكشف عن انفصال اللغة عن الحياة انفصالاً يعري المجتمعات ويكشف زيف الثقافة الدينية الرائجة.
2- التطرف الديني.
التطرف الديني هو المستوى الظاهر من أيديولوجيا العنف، الذي يسرطن أجواء التسامح وخطابه إنْ وجد. بل يعيد تشغيل العنف المضمر في الخطابات الدينية الراهنة، حين تستند إلى تراث العنف وبخاصة نصوص التيارات السلفية التي أدت أدواراً في الطرح الإيديولوجي للعقائد. إذ تحول الخطاب الديني إلى علاقة داميةٍ مع كل آخر بأطيافه العقدية، فهي نصوص تجري بناء على مواقف الإقصاء والاستبعاد. وكأنَّ المسلمين لن يكونوا كذلك متمسكين بدينهم دون اتخاذ مواقف عدائية من آخر ما، سواء أكان الشيطان أم المجتمعات أم الآخر المغاير( شيطنة أصحاب الديانات).
هكذا يجسد التشدد الديني مظاهر العنف عبر تحديد العلاقة العقدية dogmatic مع الآخر المتنوع. لقد تم احياء الكراهية بإغلاق منافذ الحوار وعدم الاعتراف بالآخر، هناك من رجال الدين الذي اعتبر أنَّ الاختلاف قيمةً سلبيةً دافعة للانقسام والتناحر، وتمثل خطراً على فكرة" الجماعة " التي حثَّ عليها الإسلام. هكذا فُسر الحديث الوارد عن رسول الاسلام( من بدلَّ دينه فاقتلوه...) بخلاف الحقيقة وهي أن المرتد المبدل لدينه كان موقفاً سياسياً وكانت عقوبة قتله سياسية أيضاً. لأن حد الردة غير موجود لا في القرآن ولا في الاسلام من حيث المبدأ. أي كان المرتد مرتداً عن الجماعة السياسية التي يفترض منها "تمتين الصفوف وتنقيتها" و"إشهار كلمة الدين السائد" و" تأكيد الإجماع ". حيث انتشرت تدريجياً أفكار" التعالي الديني" religious transcendentality و"المركزية العقدية "dogmatic centrism، و"الاحتقار" لبقية العقائد.
حالة العداء هذه داخل التمثل الدينيreligious representation للآخر شوهت الحرية والمواطنة والتعايش وقبول المغاير، كانت مفاهيم غريبة( دخيلة) على الموروثات الدينية التي تتحكم في سلوكيات الناس العاديين. وجراء ذلك ظهرت سمة التشدد في مجمل ثقافتنا الجارية وليس فقط في الخطاب الديني، وهي سمة مؤسسة بأطر الحقيقة والمعنى والتاريخ والفكر وشكلت امتداداً لها حتى الآن. فالإنسان العادي في مجتمعات العرب يمثل حاشيةً خفية لجماعات الإرهاب، لا بالمشاركة في الأحداث، لكنه بمثابة الظهير الشعبي بسبب رسوخ المعتقدات العنيفة حول الحياة. إنَّ هناك تضامناً مشتركاً بين الإرهابيين والدهماء نتيجة تاريخ الثقافة الحاملة للبذور نفسها. لدرجة أن هذه الثقافة تحدد من تصح عليه الرحمة أو اللعنة ومن هو الكافر والمؤمن، ومن هو القريب والبعيد ومن هو المقبول عند الله ومن هو المذموم في كتابة سيناريو اسلامي قديم" لصكوك الغفران"indulgences ضمن الحياة اليومية.
يعدُّ الدين الشعبي أكثر عنفاً من الأيديولوجيات الصريحة للأسباب التالية:
1- أن المعتقدات الشائعة مشبعة ببذور العنف الخفي( المتحول أو الموروث).
2- غياب الوعي الناقد، بدليل التصديق الساذج لكل ما يُقال وما يتم استعماله في أفكار دينية.
3- انتشار مناخ التقاليد والأعراف والخرافات دون غربلةٍ لما هو حقيقي وغير حقيقي.
4- الاستعمال السياسي المستبد للجماهير مما يجعلهم رصيداً فارغاً من المعنى للإرهاب والعنف.
5- انتشار نزعات التقديس بدءاً من العائلة وليس انتهاء بالأضرحة والشيوخ مما جعل الأفكار العادية محل تقديس هي الأخرى.
6- غياب الثقافة العلمية في التفكير ومعالجة المشكلات وجاءت الثقافة الأصولية بديلاً عنها وزاحمت الأفكار العنيفة كلَّ انفتاح ممكن.
هذا التطرف سواء أكان من جماعات الارهاب أم من الثقافة الشعبية، وضع مجتمعاتنا العربية على حافة الهاوية. وبات المغاير محلاً لتصفية الاحتقان والكراهية، ولذلك ليس هناك من قيم ثقافية أو معرفية تقوم على النسبية في النظرة إلى العالم والحياة. وأكثر من هذا فقد ضاعت اجتهادات الأفراد في ابداء قيمة التسامح مع الآخر المختلف، لأنها بالنهاية مسائل خاصة لا تؤثر في المناخ العام. بينما صُلب المجتمع ظل بمنأى عن التأثر كما لا يوجد فضاء للإنسان القادر على إبداء أفكاره الحرة. مما رسّخ سيادة النمط الواحد عيشاً وفكراً، واختفى تنوع العقول والمعارف اللازمة لنهضة المجتمعات.
3- ثقافة القمع.
القمع السياسي في البيئات العربية كان الحاضنة الزمنية والمتكررة لتراث العنف الديني. ورغم الادعاء المتواتر أيضاً بكون الأنظمة السياسية تحارب الإرهاب ولا تقبل به، غير أنها بلا وعي تجدد العنف وتسمح بنموه لا تراجعه. وربما الفكرة هنا بعيدة عن التناول، غير أنَّ من يتأمل التاريخ الحديث، سيكتشف التواطؤ بين الاستبداد والإرهاب.
أولاً: تستعمل الأنظمة العربية الدين بشكل براجماتي للهيمنة على قطعان البشر السائبة. وهذا معناه أنها تنمي ثقافة العنف الموروث في ظل غياب التنوير الحقيقي. فلم تكن الأنظمة سوى هياكل سلفية متنكرة بمظاهر التقنيات الحداثية والعلاقات السياسية الخادعة، ولا سيما منذ قيام الدول القومية بعد الاستعمار الحديث. وسواء أكانت جمهوريات أم ممالك أم أمارات غير أنها لجأت إلى الدين الشعبي لتطهير صورها أمام الجماهير والانضمام إلى ارتال المدافعين عن الموروثات باسم الحفاظ على ثوابت الأمة.
ثانياً: حاربت الأنظمة العربية الأفكار الحرة وخطابات النقد(حتى النظري منها)، وهذا ما عطَّل فكرة المجال العام وجعله مجالاً دون معايير، الأمر الذي سمح بـ"ثقافة الطحالب" سواء أكانت في هيئة الفنون الهابطة أم الجماعات الاسلامية في أشكال متأخرة من أحلام الخلافة. إن أنظمة من هذا الصنف أفشلت مشاريع التنوير والتحديث، لكونها تعلم أن التنوير سيزيحها عن السلطة وأنَّ الخيار الحر سيكون أمام الإنسان العادي وهو ما ترفضه. ناهيك عن تهميشها للمفكرين والعلماء والمبدعين، مما اتاح الفرص سانحة لشيوخ الإفتاء والدجل لتشكيل ذهنية الجموع. وقد انتشرت ثقافة الخرافة والتمسح بالأضرحة السياسية المعاصرة وتقديس شيوخ الشاشات الفضائية وخطاب التزلف السياسي الديني للأنظمة الحاكمة.
ثالثاً: غلبت الأنظمة المستبدة ديناً على آخر، وهو الدين الاسلامي عادةً حيث نصت عليه في الدستور بوصفه ديناً للدولة. فرغم أنَّ الدولة كيان معنوي ويستحيل تديينها، غير أنَّ هذا البعد الأسطوري مازال سارياً. ولذلك فهمت جماعة الإخوان المسألة بشكل مقلوب، بمعنى أنها سعت لأخونة الدولة طالما كانت مسلمةً في السابق. وكل ذلك كان في مواجهة المسيحية والأديان الأخرى، مما رسخ التسامح فقط بمدلول الوجود الهامشي لأهل الأديان، في حين ظل الفرز السياسي باسم الدولة هو الغالب.
رابعاً: روجت الأنظمة السياسية لنوع من التسامح الزائفfalse toleration. وهو ما ترعاه الأنظمة بنفسها عن طريق موائد الحوار والندوات العامة والمنتديات السياسية والتمثيل البرلماني بين أهل الديانات. وسبب هذا التسامح الزائف أنه نخبوي وإعلامي أكثر منه ثقافياً وبنيوياً يمس القطاع العريض من المجتمعات العربية.
وهو كذلك "تسامح زائف" بوصفه لا يعمل على مستوى المبادئ والممارسات العامة التي تخص الدولة والمجتمع. كما أنَّ القائمين عليه شخصيات سلفية سياسياً ودينياً – حتى وإن رفعوا شعارات التنوير والانفتاح- بسبب أنَّ نظرتهم قائمة على الثنائيات التقليدية بين الأديان: المؤمن والكافر، الجماعة والفرد، الاتفاق والاختلاف، الحزب والأمة، وهو الأمر الذي تكرر في السياسة بالتصنيفات نفسها. أي قد يكون هناك رجال سياسة أو اقتصاد أو علوم، لكنهم سلفيون حتى النخاع. لأن السلفية تشكل نماذج التفكير وأساليب الفهم والتعبير بملايين الوجوه والذهنيات. ولذلك يلغي هؤلاء كلَّ مساحة حرة للتنوع مدعين أهمية الاتفاق الشكلي على الحوار الديني. هذا المصطلح الذي لا يعترف في سره بالاختلاف الوجودي بين البشر وحقهم المصيري تعبيراً عن كامل معتقداتهم دون خوفٍ ولا وجل.
4- إعادة انتاج الكراهية.
يضيق الخناق حول التسامح عن طريق الأخلاقيات والخطابات الاجتماعية المتداولة التي تسيس الكراهية لصالح الدين أو النظام الغالب. وإعادة انتاج الكراهية عملية ثقافية فكرية بالأساس تبث عن طريق ماكينة سياسية واسعة الأطراف والمؤسسات، إذ نجد هناك مواداً تربوية وتعليمية وإعلامية قائمة على التقليل من شأن الديانات. وقد لا يحدث ذلك صراحةً، لكنه يتم بلغة" الصوت المتعال" transcendental voice، وهو صوت تاريخي تشكل داخل العادات والتقاليد والمعارف السائدة.
إنَّ الثقافة العربية قائمة في متونها على الصوت الديني المسيّس، باختلاف الأنظمة والعصور ينبعث من تحت الرماد ليجتاح كافة مجالات الحياة. وليس أدل على ذلك من كون الجماعات الإرهابية تحمل برنامجاً تراثياً كاملاً لإعادة تشكيل وعي الناس، لا يقصدون تعليم الناس ولا إخبارهم بدعوة أو أفكار، بل يهتمون بكيفية تدجينهم واستعمالهم أيديولوجيا لأغراض الجماعة. وهو برنامج يضبط عقارب الزمن ناحية الموروثات العنيفة وكأنها قدر تاريخي لا مناص منه( مثل الصراع السني والشيعي في كل المجالات). وكذلك على سبيل التوضيح الحديث المشهور الوارد عن الفرقة الناجية، حيث روي عن نبي الاسلام أنه قال" ستفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة كلهم في النار إلاَّ واحدة. قيل ومن هم يا رسول الله قال ما أنا عليه وأصحابي". والحديث يرد في سياقاته ليس بأسلوب المعرفة، بل للتأكيد على ضرورة التفرقة دون نهاية، لأنه جاء بصيغة المستقبل لا الماضي.
ويُمعن أعضاء الجماعات الإرهابية في شرح الحديث والآراء حوله لتوثيق التفرقة بين الإيمان والزندقة، وضرورة التمايز بين أهل الأيمان وأهل الضلال. وتحول نص الحديث من مجرد حديث نبوي صحيح أو ضعيف إلى كونه آليه أيديولوجية للتفتيش حول مصير الناس والمذاهب والمعتقدات. ولكونه حديثاً غير واصف، فهو يحمل نبرة النبوءة كما يُستعمل. ويحول التفرقة والتمييز بين مكونات الجماعة الإسلامية إلى واقع سائر إليه الناس قبل أنْ يصير كذلك. وحتى دون معرفة سياق الكلام، سيكون التمزق هو المصير الأكيد للمجتمعات.
في هذا المناخ إذا حدث تسامح، فهو بصيغة اللاتسامح، كنوعٍ من الحجْر على الآراء والأفكار. لأنّه تسامح بآلية التفرقة وأية أفعال تترتب علية ستكون مؤقتةً وصولاً لمرحلة " التمكين" بلغة الاخوان. فالتسامح مجرد هدنة انتظاراً لاستئناف الصراع. ويرتبط المعنى بإنتاج خطاب الأقليات والآخر الديني القائم على:" لهم ما لنا وعليهم ما علينا". وبالمناسبة فهي مقولة مدمرة أيضاً لكل تنوع ممكن، لأن السؤال الجوهري: من الذي سيقول ذلك(هم ونحن) إنْ لم يكن متحكماً في مصير المتحدث عنهم والمترصد لهم بالوقت نفسه. وطالما وجد تصنيف، فلن يتحقق أي تسامح بمعناه الإنساني، لن يميز إنساناً عن آخر إلاَّ بمآل الأقصاء في نهاية المطاف.
بأية صيغة يتم التسامح؟
مرّت فكرة التسامح في التراث الغربي بمراحل من التطور حتى وصلت إلى معنى يتجاوز قبول الآخر المختلف، إلى احترام هذا الآخر وتوقيره والاعتراف به وجعل الحقوق أساساً للتعامل معه. وهذا ما أكده الفلاسفة المعاصرون مثل أكسيل هونيث واليوناني كورونيليوس كوستريادس ونانسي فريزر وسيلا بن حبيب الذين تجنبوا ما قد يفهم من التسامح كاستعلاء، لذا نادوا بأهمية أن ينتهي التسامح بالاعتراف الكامل وغير المشروط بالآخر.
التسامح بالمفهوم الذي أراده هؤلاء الفلاسفة لا يعني أنه رخصة يمنحها الأقوى للأضعف بحيث يتيح ممارسة شعائره الدينية مثلاً في حالة الأغلبية تجاه الأقلية، إنما يجب أن يتعدى إلى معنى التقدير الشامل. وأن يتم- كما يؤكد هونيث- نقض سياسات الاحتقار disrespect الواقعة على الإنسان، لأن الممارسات التي تقلل من شأنه هي أعراض مرضيّة pathological لمسيرة العقلانية التي انحرفت سياسياً في تاريخ المجتمعات(3). وهو ما أكده الفرنسي إديموند جُوبلو Edmond Goblot بأنَّ التسامح اعتراف تام بوجود الآخر دون أن يتخلى الآخر عن قناعاته ومعتقداته، وبالوقت ذاته يواصل السعي لإظهارها والدفاع عنها، مع الامتناع الجمعي عن استعمال أية وسيلة من وسائل التجريح والتدليس، وبكلمة قاطعة: ضرورة احترام الوجود والآراء مثلما نريد أنْ يقدرنا الآخرون.
ولعلَّ هذه الدلالات للتسامح في تاريخ الحداثة الغربية دفعت المفكر الألماني راينر فورست Rainer Forst إلى أنْ يفرّق في كتابه " التسامح في حدود الصراع: الماضي والحاضر" Tolerance in Conflict: Past and Present بين أربعة انماط للتسامح وهي أشبه بالنماذج التي تحدد طبيعته وكيف كانت في التاريخ أشير إليها فيما يلي:
• النمط الأول: تسامح الإذن permission وهو الذي يحدد العلاقة بين الأغلبية الحاكمة والأقلية (أوعدة أقليات) بأنَّ تمارس الأخيرةُ العيش بحسب قناعاتها، لكن على ألَّا تتعارض القناعات مع سيادة الأغلبية وألَّا تتشكك في هيمنة سلطتها من قريب أو بعيد؛ ولذلك أطلق فورست على هذا المستوى وصف (الإذن) وهو غير مقبول لما فيه من عدم المساواة والنظرة الفوقية. ومرسوم نانت لعام 1598، الذي كان من المفترض أنْ يضع حداً للصراعات بين الكاثوليك Catholics والهوجونوت Huguenots ( اتباع الكنيسة البروتستانتية المتأثرين بكتابات كالفن) في فرنسا، يمكن أنْ يكون بمثابة مثال تاريخي، وفي العادة يكون هذا النمط متاحاً لأسباب برجماتية عملية(4).
وفي السياق العربي تسود هذه الفكرة بشكل طاغٍ عبر الأنظمة الاجتماعية والسياسية ذات الأغلبية، وهو تسامح تحت( أسنة الرماح ) كما في تاريخ المجتمعات العربية، فلو تحسست الأغلبية تمرداً أو تململاً من الأقليات سيكون مصيرها الإبادة ولو ثقافياً. والغالب أنَّ الثقافة هي مضمار الصراع، حيث يتم حجب الثقافات الفرعية التي تغذي سلطة الثقافة الغالبة. كما أنَّ الإذن يتم بحكم مرحلة التجاور الخارجي ليس أكثر، وتظل الأغلبية مترقبة( متلصصة) على من يتحرش بأفكارها المهيمنة. والخطورة أن أعضاء الأقلية يضطرون لأن يعيشوا حياة مزيفة طوال الوقت، حياة ليست حياتهم، إنما هي قميص خادع لما يتحاشونه وإلّا فالبديل الصراع الذي قد يضع حداً لوجودهم من الأساس.
• النمط الثاني: تسامح التعايش coexistence حيث لا يتعلق بأوضاع الأغلبية والأقلية، بل بمجموعات وطوائف متساوية داخل المجتمع الواحد. ورغم ما في هذا المستوى من مساواة ظاهريةٍ، إلاَّ إنه لا يُنظر للتسامح كقيمة إنسانية في حد ذاته، بل كوسيلة تحقق المصالح وتجنبنا الصراع. ولذلك قد يتمتع بقدر من الاستقرار والاستمرارية، لكنه أشبه بالهدنة المؤقتة من القتال والحروب، فلا يعقل أنْ تستمر الحروب بلا نهاية. تلك الهدنة المعرضة للخرق بأي وقت نظراً لفقدان الثقة بين عناصر المجتمع الواحد. ويعد هذا النمط ذات مساحة أوسع من الأول نتيجة أنَّ آثاره أفقية وليست رأسية كما في النمط الأول(5).
وهذا النمط يُوجد في الثقافة العربية نتيجة "التعايش التاريخي" بين أهل الأديان، وهو ناتج عن تكوين الطوائف بحكم الواقع وحسب. ورغم التاريخ الذي يضمر نوازع الصراع وإثارة الفتن، لكن الأجيال تستشعر أنَّ العيش معاً هو أقرب الحلول لإنجاز مصالحها المشتركة. أي بواقع الحال: ليس هناك مجال للصراع، فلنعش جنباً إلى جنب، وذلك لا يحول دون أحداث العنف وبخاصة من أصحاب السلطة السائدة. ولذلك فإن أتباع المسيحية واليهودية والإسلام تعايشوا مع بعضهم البعص بفضل الارهاق من الصراعات وأنه ليس في الإمكان أفضل مما كان وبالتالي لا توجد ثقة متبادلة بين أطراف هذا النمط.
• النمط الثالث: تسامح الاحترام respect وهو قائم على الاحترام المتبادل بين الأفراد والجماعات في المجتمع الواحد، إذ يرى كلُّ فرد في المجتمع السياسي أن الآخر مساوٍ له في كافة الحقوق والالتزام بالواجبات تحت حكم القانون(6) ، مما يستوجب أيضاً احترام المرجعية الأخلاقية والقيمية لكل الطوائف والجماعات، وهذا ناتج هن درجة الاحترام المتبادل للقيم والرؤى التي تتمتع بها عناصر المجتمع، إذ ينظر أحدها للآخر بعين التقدير وباعتباره لا يقل أهمية عنه في الممارسات العامة(7).
• النمط الرابع: تسامح التقدير esteemويمثل قمة مستويات العلاقة بالآخر، وهذا النمط يُفترض تطبيقه في المجتمعات المتنوعة ثقافياً ودينياً وسياسياً، لأنه يتجاوز فكرة الاحترام الأخلاقي إلى تقدير الآخر وقيمه الحضارية. أي يعتبر الآخر ومعتقداته قيمة في ذاته وأن ما يعتنقه ويعبر عنه يمثل شيئاً مهماً لإثراء المجتمع ولا يقل أهمية عما يقدمه أي انسان، لأنَّه يُجسد التعددية pluralism في أخصب صورها(8).
ومن ثمَّ علينا أن نتجاوز التسامح بمعناه التقليدي ليصبح ممارسةً إنسانيةً- فردياً وجمعياً -محققة للتنوع الإنساني والمشترك الكوني. وهو فضاء حُر أو يجب أنْ يكون كذلك نابعاً من ثراء الإنسانية داخلنا لا استعمالها بشكل قميء. إذ ذاك فالتسامح يرسم مساحات وخطوطاً مشتركة بين الناس جميعاً دون تفرقة ولا تمييز. وعندما يكون ثراءُ الإنسانية بيننا، فإننا نأخذ منها ما يجعلنا ملتقى للآخرين لا العكس، أي لا نجعل انفسنا عنواناً للإنسانية كأنها مرهونة بوجودنا وتكويننا التاريخي فقط. ومن هذه النقطة تصبح إنسانيتنا قادرة على تجاوز الخلافات العقدية والمذهبية، وتهدف إلى تحقيق قيم الاحترام والتقدير المتبادل، والنظر إلى الإنسان كإنسان دون البحث عن خلفياته الدينية والعرقية، فالإنسانية قيمة تتجاوز كل معطى ديني يحدد العلاقة مع الآخر، والانسانية هي الدافعة لمزيد من الاندماج مع البشرية جمعاء، بغض النظر عن انتماءاتها الثقافية. لأنَّ الإنسانية تكاد تكون واحدةً في تنوعها العام.
وإذا كانت الجماعات الدينية تقمع إنسانية الإنسان بفضل الخلاص الذي تزعم أنها تمتلكه وحدها، فذلك يمكن نقضه من الجذور لو امتثلنا للإنسانية في ذاتها. لأنَّ الأخيرة هنا معيار لا تستطيع أن تبلغه أية جماعة متطرفة، بل هو معيار يقوض بنيتها. لأنَّ الإنسان كإنسان لا تعرفه جماعات الإرهاب، بحكم تكوينها. وقد أكد إيمانويل كانط على ضرورة اعتماد التسامح وفعل الخير لذاته في كتابه مشروع السلام الدائم perpetual peace، لأنّ الواجب في فلسفته يقتضي ذلك، حيث يجب أن نفعل الخير لأنه خير و نبتعد عن الشر لأنه شر، وهذا يعبر عن الحرية التي نتمتع بها ككائنات إنسانية أولاً، ثم تبلغ تلك الفكرة مرتبة الدستور المستمد من التعاقد بين أفراد المجتمع ثانياً. بجانب تقدير فكرة الحق التي تجسدها السياسة العملية والتشريعات تجاه الآخرين كمواطنين متساويين ثالثاً(9). مما يمثل خطوة استباقية نحو جعل التسامح حقاً متبادلاً يؤكد السلام، ويعني أن التقدير قيمة لا بد من تأديتها لمن يستحقها، فالتسامح قانون إنساني يكاد يبلغ مرحلة القداسة، كل إنسان يجب أن يحاط بالاحترام بوصفه غاية مطلقة في ذاته.
وربما لن يبلغ الإنسان تلك المرتبة إلاَّ إذا انتشرت قيم العقلانية التي توفر مناخاً من التعاون لإنجاز الأهداف وهي القيم التي ترى في الحروب المذهبية والدينية عنفاً لا طائل من ورائه. أي أنَّ التسامح قد يُبني على أساس الفهم، لأن الإنسان ما لم يأخذ حياته بالاحترام والتعايش بمعناهما العام، فيجب أن يتفهم بحسب رأي فيلهلم دلتاي ما يجعل الآخر جزءاً من وجوده، يعيش ما يعيشه ويتألم مما يتألم له ويتعاون كما يتعاون الآخرون وأنَّه لا مناص أمامه من الحياة التي تجعله إنساناً لا شيء آخر.
كانت التعددية دافع الفلاسفة الليبراليين إلى التسامح، ليس من زاوية تراثه المشحُون بالصراع والتناقض، لكنه فرضية مطروحة ضمنياً في كل ممارسة سياسية حرة. ففي القرن العشرين والواحد والعشرين أصبح التسامح ضرورة خارج الأطر والمذاهب والأيديولوجيات. إنَّ التاريخ الدموي القريب للدواعش والقاعدة وغيرهما استحضر حاجة البشرية إلى التسامح لإنهاء العنف السياسي والديني. فلربما يحول التسامح الحيوان داخل المتحاربين إلى كائن إنساني يعرف ماذا يقدر ويحترم. وقد يكشف بالعكس أنّ المذاهب والتنظيمات الدينية قد تعود بالإنسان إلى مرحلةٍ بدائيةٍ من الاقتتال الحيواني وهدم المجتمعات.
إنّ التسامح التعددي العادل، القائم على العيش المشترك، لن يتحقق طالما تم التمسك بمفاهيم أهل الذمة والجزية، أرض الحرب وأرض السلم، ومفهوم الدين السائد، ومفهوم استاذية العالم لدى تنظيمات الارهاب. ولا شكّ كذلك أنّ الدساتير الناصة على الدين الرسمي للدولة، ترسخ للعنف تجاه غير المعتنقين له. فحين يتم تكريس دين بعينه، يصبح الآخر في محل مساءلة: ماذا عنك؟ هل تساير هذا الدين أو ذاك؟ كيف ستتصرف عندئذ؟، وبهذه الحالة ستضمحل المساواة والعدالة بين المواطنين، بل يتحولون إلى مجرد رعايا، وتختفي التعددية الدينية.
وبالنتيجة فإنَّ التسامح له أكثر من وجه، له أكثر من معنى، له أكثر من تاريخ. لكن الأصل أنْ يضع الإنسان نفسه مكان الآخر، فالاثنان يرددان وجود بعضهم البعض رمزياً، كما يقول ابن رشد في كتابه تهافت التهافت: "من العدل أنْ يأتي الرجل من الحجج لخصومه بمثل ما يأتي بها لنفسه، أعني أنْ يُجهد نفسه في طلب الحجج لخصومه كما يُجهد نفسه في طلب الحجج لمذهبه، وأنْ يقبل لهم الحجج من النوع الذي يقبله لنفسه"... لأنّ تسامح الاعتقاد يغاير الفهم نحو الانفتاح على كل آخر ممكن، فالحجج بموقع الآخر اعلان عن الوجود الإنساني المتعدد دون تعالٍ ولا فوقية.
والمعنى أنَّ المجال العام يقوم على افتراض تبادل المواقع شعوراً بالآخر. شعور أنطولوجي تاريخي لا خيالي وحسب. فلو أخذ إنسان هذا المكان المفترض واطمأن إلى ما آل إليه، لوجد هناك تساوياً في المكانة والقيمة ولن يمارس أحدهما دوراً فوقياً إزاء المختلف. وابن رشد يضع الآخر بالتوازي مع رمزية الخطاب الذي يفترض أنَّ جوانبه واحدة، لأنَّ الحُجج التي قد يأتيها لغيره تعادل الحجج التي يأتيها لنفسه. كأن هناك نسقاً عاماً يحدد الخلفية ويدير المسألة بكل حيادٍ وتعادل، وهو خطاب الدفاع عن الآخر مثلما لو أنك تدافع عن نفسك. أي قبل أنْ يحدد الأنا موقفاً أو غيره عليه أن يضع نفسه مكان الآخر ولينظر ماذا يكون. وهذا يقتضي من الأنا الوجود دوماً موقع هذا الآخر. لأنَّه ليس مكاناً خاصاً فقط، بل كذلك نتيجة التواصل والمنطق واللغة سيكون الآخر حاضراً كحدود لا نعبرها إلاَّ وقد عبرنا أنفسنا. والدلالة اللطيفة أنَّ الإنسان هو الفرد الممتد داخل( مواقع) المختلف، وهو الاختلاف عبر مواقع الواحد بالتبادل لا بالإحالة. لأنّ الاحالة تخلق نوعاً من المركزية العنيفة، أما التبادل فيعني أفقاً كلياً يجمعنا تنوعاً لا تناقضاً.
______________
1- الحسين بن على المسعودي، مروج الذهب ومعادن الجوهر، الجزء الثاني، المكتبة العالمية للكتاب، بيروت لبنان، الطبعة الثانية 1990، ص ص 3-4.
2- تندرج في هذا الإطار كتب الصداقة والنساء والحمقى والمغفلين، فهي تفتش في طبائع الناس وأحوالهم، وتعد كتباً أشبه باليوميات والذكريات وتناقش نوادرهم وحيواتهم وتكشف طبيعة المجتمعات وثقافتها. وأغلب مؤلفيها فقهاء ورجال دين وهذا أمر دال لأن هناك تشدداً تجاه الآخر، بينما يمكن اعتباره أحمق أو مغفلاً لو أدرج في باب النوادر واللطائف.
- أبو القاسم النيسابوري، عقلاء المجانين، تحقيق عمر الأسعد، دار النفائس، بيروت- لبنان، الطبعة الأولى 1987.
- أبو الفرج بن الجوزي، أخبار الحمقى والمغفلين، شرح عبد الأمير مهنا، دار الفكر، بيروت – لبنان، الطبعة الأولى1990.
- ابن القيم الجوزية، أخبار النساء، عرض وتحقيق نزار رضا، منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت– لبنان، الطبعة الأولى 1982.
3- Axel Honneth, Disrespect: The Normative Foundations of Critical Theory, Polity Press, 2007, PP3-43.
4- Rainer Forst, Toleration in Conflict: Past and Present, Translated by Ciaran Cronin, Cambridge University Press , New York, 2013 , P27.
5- Ibid, P28.
6- Rainer Forst, Toleration in Conflict: Past and Present, P29.
7- Ibid, P 30.
8- Ibid, P32.
9- Immanuel Kant, Perpetual Peace, A Philosophical Essay(1795), Translated. with Introduction and Notes by M. Campbell Smith ... with a Preface by Professor Latta. London, G. Allen & Unwin ltd, 1915, PP120-121.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى