رسالة طلعت سقيرق الى سميح القاسم

صديقي الشاعر الكبير سميح القاسم

بين المسافة والمسافة تتوهج وردة القصيدة .. تذكرتك وأنا أطالع اليوم آخر كتاب أهديته لي .. كنت أتتساءل بيني وبين نفسي كم من الوقت مضى على اللقاء الخير بيننا .. تصور يا صديقي كم هي مسرعة عجلة الأيام في دورانها .. كان هناك حديث طويل ، أذكر أن الدكتور عزمي بشارة قد تركنا لأن موعد محاضرته كان قد اقترب.. طويلا حدثتني عن حيفا ، طويلا حدثتك عن هذه المدينة التي أنتمي إليها ولا أعرف عنها أي شيء لأنني في منطق العصر الهوج ولدت خارج الوطن .. قلت لك وقتها إن الشعر يحضر عن حيفا مثل حلم ..أذكر أنني لم أحضر أمسيتك لأن الناس كانوا ينتشرون في الشوارع بعد أن غصت القاعة بهم .. آثرت أن أنتظرك في الفندق .. سألتك عن النجومية ، قلت : النجومية وهم ، ليس هناك نجم .. أتدري يا صديقي ، عندما ودعتك قبل رحيلك ، بقيت رائحة كفك في كفي ، وشجر العناق الخير مزروعا على طول قامتي .. سرت في شوارع دمشق وأنا أتساءل : متى سأراك مرة أخرى؟؟.. كنت أخبرتني أننا سنلتقي قريبا .. ضحكت : أي قريب هذا ؟؟.. كتب علينا يا صديقي أن نلتقي في لحظة وداع ، وأن نبني كلماتنا على مقعد ننتظر فيه طائرة ستقلع .. صعب يا صديقي أن نحمل الوطن على هذا الشكل .. صعب .. قبل أيام اتصل بي الشاعر عبد الناصر صالح من طولكرم قال : يا طلعت أنا مشتاق إليك شوق العالم كله ، ورأيتني أبكي يا سميح .. أبكي تمزقنا في هذا العمر الشائك .. كل واحد منا في مكان .. الشاعر محمود درويش كان سيأتي ، ولم يأت لأن الاحتلال بالمرصاد .. انتظرت .. وذهب الانتظار .. وها أنا أشتاق إليك يا سميح ، اشتاق لدفء كلماتك ، لشبابك الذي لا يعرف إلا عنفوان الشباب .. فمتى أراك أيها الحبيب الرائع .. متى ؟؟..

طلعت سقيرق

27/5/2003

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى