محمد عبدالعزيز أحمد (محمد ود عزوز) - سلسلة الخروج من ثقب الليل( ١)

باصابع تبدو قوية في مشهدها ، ما إن نمدها للايادي التي تطلب النجدة حتى تتحول الى ضباب وتتلاشى ، هكذا في الكوابيس الليلية الجميع يغرقون في سائل قرمزي غير متناهي في جوعه للاجساد الهلعة ، ونستيقظ لنكتشف بأن اظافرنا علقت بها تلك السوائل ، نشعر باصوات من ماتو في احلامنا تُداهم الصباح ، نرتدي دخان السجائر ونخرج ، لنأول كوابيسنا
كوابيسنا حقيقية مثلنا ، وخيالية مثلنا ، أنها في الحقيقة تحمل الصفتان
بالأمس
شاهدت في الحُلم جدار من الجماجم ، اجل جماجم بشرية مُتحدثة ، كانت تتحدث وكأنها تشخر ، صوتها ثقيلاً مثل مشهد امعاء تخرج من بطن خنزير مبقورة ، ورغم ذلك كانت تلك الجماجم حزينة
كان لصوتها صدى
قالو بأنني ملعون لأنني قتلت احدهم في حُلم قديم ، وأنني ممتلئ بالشر ، وقالو أنني سيء ، لأنني اغتصب النساء اللواتي اعجز عن اغوائهن في الواقع الفعلي / الواقع الافتراضي بطريقته الخاصة
العالم الذي نُسميه بالحقيقة ، وكأنه أبدي
وكأن تغير الفصول هو مجرد حيض عابر يحدث عن تغتسل منه
الاحلام ايضاً تتألم ، وتشعر بالشهوة اتجاهنا ، فليس غريباً أن نجد كابوس كلما ذاد صراخنا ذادت وحشيته ، يُمارس على اجسادنا القضة ساديته
حين قاطعتني حبيبتي قبل عدت ايام
بجملتها اللطيفة تلك
( اهدئ ستجد نفسك في ركن ما داخلك )
كنت اشعر كما لو أنني احدث امرأة مُسنة ، كنت اكتشف لأول مرة بأن في روحها تجاعيد
ليس هي فحسب ، على الطاولة ، ودخان القهوة الشبق ، واصوات رواد المقهى ، والنادلة
اكتشفت مؤخراُ أنني ارى حبيبتي بمنظاري المزاجي ، فاحياناً تبدو لي كائن ملائكي خُلق من رخام ، حتى أنني اتخيل احياناً أن الرب نفخ لها الوعي فحسب وجعلها تُخلق نفسها ، تختار جمجمة ، وعينين وفم ، اراها تمد يدها لتركب اصابعها ، اظافرها ، اثداء تُجرب عدت اثداء ، حتى ذلك الفصد بين فخذيها شقته باحترافية ، كحسناء تقطع تفاحة برزانة انثوية مغوية ، اراها امرأة من نور
و حين اغضب
ارى قرن خروف اسود ينمو في جبهتها ، حتى أنني اخفض نظراتي بعيداً ، انشغل بسيجارتي ، بفنجان القهوة ، بشتائمي السرية للعالم وللنساء جميعاً
واحياناً تبدو بزيل اسود مرقط ، تبدو لي بشعة ، كيداي كصدري ، كانفاسي
ككل الاشياء حولي باهته
كزوجة جاري المترهلة ، كمُدرسة اللغة العربية في طفولتي كانت رائحة عرقها تشبه رائحة الطبيخ في انف المُصاب بالملاريا رائحة مقذذة
واحياناً تبدو لي وكأنها خُلقت لاكتبها دائماً ، كلما ازعجتني التفاصيل من حولي
امرأة تكتب دائماً يعني أنها امرأة احجية لا تفصح عن اسرارها كاملة ابداً تُحل تدريجياً
يا رباه
كم انا مغرور وساذج ، مثل طفل يشعر بتميزه عن اقرانه ، لكنه يبقى طفل
يدافع عن العابه ، قد يؤذي اقرانه واذا فشل يبكي ، هذا ما افعله دائماً
افشل ثم انكفئ على الكي بور ، ابكي حتى اخر حرف
ثم اغسل يداي من الملح ، من الرغبات ، واشتم نفسي والاشياء التي بكيتها
في الحقيقة ساموت يوماً بذلك الغرور الساذج
لكنني ساتهم العالم بقتلي دائماً ، اتساءل لو وفر لي ما اطلبه ؟ او اذا وقف العالم امامي وسألني ماذا اريد ؟ بماذا اجيبه
انه لشيء ساخر أن لا نعرف ما نريده حقاً من العالم ، فلا اعتقد أنني ساطلب وظيفة ، ومنزل ، وامرأة جميلة
هل ساطلب أن اكون اكثر قوة ؟ أن لا انكسر للاخرين ، أن لا انكسر امام نفسي حين اخفق ؟
اعتقد أنني مغرور بما يكفي لارفض عطاءه ، سابصق فيه ، سارتشف زجاجتي امامه واقول له ساخراً
اعطني فقط زجاجة اخرى ايها الحقير او اغرب عن وجهي
اننا جميعاً بحاجة لاستراحة عن العالم ، حين نقول ذلك فنحن نطلب الخروج عن " الزمكان " الى منطقة ما خارج المكان وخارج الوقت لنعيد تقيم تجربتنا الحياتية
لنفهم مشاعرنا الملتبسة اتجاه الاشياء والاحداث ، واتجاه الحبيبة
لست مذنب في تلك الفكرة لقد تحدث هاروكي موركامي عن ذلك العالم في روايته " كافكا على الشاطئ " هل غشني ؟
عالم نضع فيه ارجلنا على الفراغ
نقشر الحبيبة داخلنا ، ناخذ عينة من دمها من مخها من قلبها من مفاتنها ، ثم نحلله
نبحث عن شيء لا نعرفه ، ولكنه شيء حقيقي ، حين نكتشفه سنعرف انه المطلوب
كذلك نفعل مع بقية الاشياء حولنا
لنعرف
اي نحن من انفسنا الآن
#عزوز

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى