محمد عكاشة - الفتاة التي أحببتها

الفتاة التي أحببتها أنجبت مني أول أمس فراشات ملونة
رغم أنها كانت توبخني كل مساء وتطفيء السماوات التي تنير لي كي أعبر بروحي الحد الفاصل بين الليل والنهر
رغم أنها تعلم أني مرسل إلى العالم
كي أحول الوحوش الضارية لطيور بأجنحة
والطرق الوعرة لمسارات لملائكة سماوية تهبط عليها كل ليل
كي أحرك الأشجار بأرجل تمشي وتتنقل في الأماكن التي أحددها أنا
أقول لها
هنا في هذه الصحراء القاحلة ستنمو غابة
وهنا في هذا المنحدر الصخري ستتكاثف الأشجار وينمو العشب والكلأ
رغم علمها أن صدري ماهو إلا قبو تعشش فيه العصافير
كلما احتضنتني طار سرب منها حولنا
رغم علمها أن حبلي السري مربوط في خط الجدي
وأن القمر يتعامد علي في اليوم مرتين
الفتاة التي أحببتها محبوسة في المشفى وعليها حراسة مشددة
لأنها تنجب مني كل صباح فراشات ملونة
بأجنحة مزخرفة بالبنفسج واللازورد
كلما تأوهت خرج سرب من رحمها
ليملأ الغرف والممرات والجدران
يحط على وجوه المرضى ويلون الأسرة ومعاطف الأطباء
كلما صرخت في ألم خرجت فراشات بوجوه أجنة تضحك
تطير وتلعب وتتأرجح
الفتاة التي أحببتها تنجب مني فراشات وعصافير ملونة ونوارس أيضا
وعليها حراس مدججون بالسلاح
كي لاتخرج حتى تفرغ مابداخلها من ألم
لتملأ الأرض بهجة وحنينا
وتبلغهم عن الرجل الذي
روى أرضها
و الذي يرمي بذوره ليلون العالم
محمد عكاشة
مصر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى