حيدر غراس - الحزن العتيق

يا أمي ...
معذرةً لا أقوى أن أكتب أكثر
كلُّ حرفٍ إليك هو انتحار..
موتٌ اكبر
كم يفضحني حرفي
لا سلاماً في الرسائل
يموتُ أولادكِ تباعاً
( تأكُلنا الأرضَ واحداً واحد )
أُماه ...
أين أبي..؟؟!!
لعلِّ أقرأ لهُ شيئاً من حزني العتيق
لعلِّ التفُ بكوفيته دِثاراً
أشكيهِ وحِشةَ الطريق ...
أين أبي أُماه.. ؟؟
البارحةَ قبل ليلةِ العيد رأيتهُ
يطوفُ حولَ الأضرحةِ الخضراء ..
يمسكُ سعفةً منزوعٌ منها ( الخوص )
يُشيرُ لي بسبابته (كفاكَ نوماً ..اصحى ..استفيق)
أُماه اقرصيني على خدي أماه كما كُنتِ تفعلين حين عنكِ أغيب ...
لعلكِ تحققي دعوات أبي كي حقاً استفيق
يا أمي...
حيث رُكننا المعزول والدّكّة القديمة ورواقِها المبلول بحكايانا العظيمة ...
أذكر مرّةً قُلتِ لي :
ابوك في المجيئ
اغسل ما علق بقدميك
لا تفسد ما تبقّى من لمتنا اليتيمة...
ها أنا يا أمي كل غُروبٍ
اغسلُ قدمي قبل ولوج البيت... ولا أبي يأتي..!
يا أمي ...
لماذا قبلَ كُلِّ عيدٍ أرى أجنحةً في السماء ..
سمراءَ وبيضاءَ وحمراءَ ترفرفُ ؟؟؟
لماذا....
ألمحُ كوفية أبي مُعلقةً على جذعِ نخلةٍ تدور من حولها الحمامات ؟؟؟
تصفقُ وتهفهفُ وكلما حاولتُ الامساكَ بها ..
لم أجد بين كفيَّ سوى حفنة نجوم وبقايا دموع بين عينيَّ ترتجف...؟؟؟
يا أمي ...
وحدي أنا من أصغر
وأنتِ كُلَّ حينٍ تكبرين
فكلُّ عيدٍ بلا أبي يُنجبكِ أولاداً آخرين...
مُشاكسونَ هم مثلي ؟؟؟
(تُخبرك حِقنُ الأنسولين...)
.
. حيدر غراس

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى