عبد الحميد الصائح - تكاليف حظر التجوال

هل إن حظر التجوال يتمثل بإبلاغ الناس البقاءَ في بيوتهم وكفى؟ .. مالذي يترتَبُ على ذلك من التزاماتٍ سواءً من طرف المجتمع المحظور خروجُه الى الشارع أو الحكومة التي تفرضُ الحظر؟ . لاسيما وأن الحظرَ ومنعَ التجوّل لم يأتِ فرضاً بالقوة من سلطاتٍ عسكرية قامت بانقلاب، بل من دولة تريدُ حراسة شعبِها من انتشار الوباء .
ربما يبدو هذا السؤال محلولاً الى حد ما في البلدان المتقدمة رغم قساوة الحلول، فهي تعرف أن الكثير من الناس رزقهم وحياتهم في الشارع ، ابقاؤهم في المنازل بمثابة اعدام وتجويع لعوائلهم .
مثلا حظر التجمعات ومنع التجول والخروج الى العمل في بريطانيا كلّف حتى قبل فترة قصيرة ما يعادل مئتي مليار جنيه استرلليني،والحديث عن الدعم وليس خسائر الجبايات ، حيث تكفلت الدولة بدفع ماقيمته 80% من رواتب العاملين بحد اقصى 2500 جنيه.. فضلا عن دفع نسب تعويض للشركات الصغيرة والكبيرة واصحاب المحال التجارية على شكل قروض طويلة الأمد بدون فائدة تصل في حدها الأدنى الى 25- 50 الف جنيه . وحرصت أيضأ على ابقاء العاملين في الشركات بإعانتها على دفع رواتبهم دون عمل أو العمل من البيت اذا أمكن ذلك واستمرار المساعدات وزيادتها في مجالات المعيشة والسكن والصحة وصرف الأدوية المجانية للعاطلين ..
كذلك رافق فرض الحظر توسيعُ أنظمة الاتصالات لاستيعاب التعليم الالكتروني، بل ودفع مبالغ إضافية للطلبة الذين لايملكون أجهزة حاسوب لمواصلة دروسهم من المنازل و دفع تكاليف الانترنيت لمن لايقدر على ذلك .بالاضافة الى تحديث وابتكار برامج جديدة لتسهيل الفحص العام والإتصال وبرامج للسيطرة على المنافذ والمطارات وايجاد بدائل لاحتواء الارهاق بالانفاق الذي يصل الى مايقارب 60 مليار إسترليني فقط بالنسبة لشركات الصرافة وحركة المال الداخلي.و 200 مليار من دخل السياحة الذي يمثل 10 بالمئة الناتج المحلي لبريطانيا. فضلا عن عقود وتكاليف اللقاحات التي تستورد لمكافحة الجائحة .
بمعنى آخر - وليس الأمر للمقارنة التي لاتصح اطلاقا مع دولة بلا نظام ولاسيطرة ولا خطط محترفة كالعراق - ، أنّ الحظر له تكاليف وواجبات تعالِج الحد الادنى من الكارثة المعيشية للناس . في هذه الحال يمكنُ لمنع التجول ان يكون طبيعيا ومجدياً . أما انك تمنع الناس من الخروج للشارع ليموتوا في منازلهم بدل أنْ يموتوا بالكورونا فهذا أمر بعيد عن الحكمة والتدبير .. المهمة تضامنية بين الدولة والناس الذين عليهم أن يعوا خطورة الوباء وأن لايتصرفوا معه باعتباره قدَراً وكفى / لايفحصون فلاتعرف عدد المصابين/ ولا يعلنون عن الوفيات بسبب الكورونا / ويتعاملون مع الوفيات على أنها وفاة طبيعية وكانهم يسترون عاراً !!. مع غياب كامل للتثقيف العام والتزام القدوات في الحد من التواجد المكثف في المنتديات والأسواق والمؤتمرات. وأيضا من جانب الحكومة التي عليها أن تطمئِنَ الناس الى الحد الأدنى من البدائل المعيشية اذا ظلوا في منازلهم دونَ عمل ودونَ موارد وكأنّ تطبيقهم لتعليمات الحظر استبدالُ جائحة بأخرى.




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى