أحمد المرصفاوي - خالد عبدالغني وجهوده في علم النفس – نظرة طائر-

الدكتور خالد عبد الغني صاحب توجه فريد في علم النفس بعامة حيث أصدر أكثر من ثلاثين كتابا ، وأجرى ستة عشر بحثا تجريبيا حول القياس النفسي وعلم النفس الإكلينيكي والتشخيص للأمراض النفسية والفئات الخاصة واضطرابات النوم والقلق والاكتئاب والفصام والشيخوخة واضطراب الهوية الجنسية ، وله أيضا أكثر من أربعين دراسة نقدية منشورة في الدوريات والمجلات والصحف العربية من منظور علم النفس للأدب الحديث والمعاصر والفن التشكيلي وله قصائد شعرية منشورة بالصحف الخليجية خلال فترة عمله بالخليج في أوائل القرن الحالي وجمعها في ديوانين هما وحي التجلي وعروس البحر لا تدخل الجنة ، وله أكثر من عشرين دراسة فكرية وثقافية عامة من قبيل الشعر الجاهلي وموقف طه حسين منه والأصول الفكرية للرواية عند نجيب محفوظ والهوية وطريق الانتماء للشخصية المصرية الخالصة وموقف العرب من مقتل الحسين رضي الله عنه ومن المسئول عن ذلك ومختارات من الثقافة الإسلامية مثل كتابه الأخير الحج ومن قبله عن التطرف والإرهاب والعنف لدى الإخوان بعد وصولهم للسلطة وقراءة في أفكارهم حول الهوية والانتماء للفكرة الإسلامية وليس للوطن، كما كتب عن رموز الرواية العربية بدءا من طه حسين وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس وعبدالرحمن الشرقاوي ، وانتقل لجيل الستينيات فكتب عن إبراهيم عبدالمجيد وخيري شلبي وابراهيم اصلان ورضوى عاشور، وكتب عن الرواية المعاصرة وبخاصة لدى عزة رشاد وثريا لهي وفايزة حلمي وعلي لفتة سعيد وعلياء هيكل ، وكان لأمير الرواية العربية نجيب محفوظ الاهتمام الأكبر فقد نشر عنه كتابين هما "نجيب محفوظ وسردياته العجائبية و "نجيب محفوظ بين الأسطورة والتحليل النفسي" ، وكتب عن الشعراء من جيل الثمانينيات مثل الشاعر السوري عيسى الشيخ حسن ، وسمير درويش ومنار حسن فتح الباب ومن الأجيال الجديدة كتب عن رضا يس وريم صلاح ، وكتب عن الشعراء الراحلين مثل د.حسن فتح الباب ومحمد يوسف ونزار قباني والمتنبي وغيرهم الكثير والكثير، فهو مولع بعلم النفس وبالأدب العربي بمختلف أنواعه واتجاهاته الفنية وهو ما أهله لإصدار كتب قيمة أخرى تحت عنوان "التحليل النفسي والأدب نثره وشعره. التي صدرت بالقاهرة وعمان في المدة الأخيرة. وكتابه "الذاتي والموضوعي في الأدب العربي الحديث والمعاصر "، و"اضطراب الشخصية في نماذج من الرواية العربية"من وجهة نظر علم النفس،
ودراساته حول التناص مع القرءان في القصيدة المعاصرة وعلاقته باللاشعور لدى الشاعر السوري عيسى الشيخ حسن، والشاعر المصري الذي توفي بالكويت محمد يوسف، وملامح النرجسية لدى المتنبي. وخلص إلى نتيجة مفادها أن المتنبي أحس بتفوقه وسط محيط اجتماعي كان يحس فيه بنقص اجتماعي وشعور قوي بالدونية ومن ثم أصبحت مشاعر النرجسية تعويضاً عن هذا النقص، وتضميداً لجرح الإحساس بالاضطهاد "فالذات تمعن في احتضان ذاتها كلما أوغل الواقع في إحباط النزعات الفردية". إلا أن هذه النرجسية ليست سلبية دائماً خصوصاً وأن مفهوم الرجولة يتصدر قائمة القيم الاجتماعية في القبيلة العربية والاعتزاز بالأنا موضوع متواتر بشكل كبير في الشعر العربي. وقد جاء المتنبي ليجسد "نرجس" الأسطوري في أرض الواقع العربي. وفي الدراسة الرابعة حول ديوان "غرف سرية للبكاء " للشاعر رضا ياسين توصل كاتب هذه السطور إلى أن الشاعر اتجه لقصيدة النثر لغياب المشروع القومي والهم الجامعي العام في بداية التسعينيات من القرن الماضي وبرز الالتجاء للهموم الذاتية من مشكلات اقتصادية واجتماعية ووظيفية وفقد الأمان والأصدقاء وهجر المحبوب..الخ..
ودراساته حول التحليل النفسي والمؤثرات الأسطورية ومعالم النرجسية وتجلياتها في شخصية رادوبيس والفرعون الشاب، وكيف انتهى بهما المطاف إلى تحقيق أبعاد الأسطورة وهي " الحب والعزلة والموت ". وشخصية نجيب محفوظ وعاشور الناجي في ملحمة "الحرافيش" باعتباره إسقاط للذات والمصير، ومن ثم الاستبصار بالسيرة الذاتية في المستقبل والموت المؤجل،. وتحليل آخر ما كتب نجيب محفوظ وهو "أحلام فترة النقاهة" الذي وبلا أدنى شك يعد عمله المعجز، ويعد آخر أشكال السرد في الأجناس الأدبية بعد المقامة والرواية والقصة،. ومحاولة للإبحار في عقل نجيب محفوظ أثناء عملية إبداعه لرواية "اللص والكلاب"، حيث أراد ابتكار "أوديب" على النمط المصري،. ومحاولة لفهم البناء النفسي لدى البغايا كما ظهر لدى نفيسة بطلة رواية "بداية ونهاية" وكيف سبق نجيب محفوظ كل البحوث النفسية والتحليلية التي درست هذه الظاهرة.
كما قدم اهتماما خاصا موازيا لاهتمامه بنجيب محفوظ بالروائي والناقد والشاعر العراقي على لفتة سعيد .. اذ كتب ست دراسات نفسية عن ستة من أعماله وهي السقشخي ومزامير المدينة ومثلث الموث وفضاء ضيق والصورة الثالثة ومواسم الإسطرلاب وتناول ايضا ثلاثية على لفتة سعيد بمزيد من الايضاح والتفصيل ليقول عنها الثلاثية عمل علي لفتة سعيد الأخصب في مشروعه الإبداعي الروائي - السير ذاتي – فصحيح أن شخصيته موجودة في بقية أعماله الروائية الأخرى - التي كانت موضوع دراسات مختلفة منشورة - بخلاف الثلاثية. ". ومنذ أن قرأت على لفتة سعيد روائيا وشاعرا وقاصا وناقدا ومسرحيا أدركت أن ثمة شيئا في أعماقه يحركه وإنها لآية المبدع الحق والإبداع الحق الذي يأتي من عمق الشخصية فيكون متعدد الجنبات ويمثل الأديب على لفتة سعيد مشكلة وعقبة حقيقية أمام أنصار التيار النفسي القائل بوجود خصائص نفسية وإبداعية محددة لكل من "كُتاب الرواية والقصة والشعر" .. إذ كيف سيفسرون ذلك التنوع في إبداعه ما بين الشعر والقصة والرواية والنقد والمسرح والصحافة والتفكير والكتابة في القضايا الاجتماعية والسياسة وغيرها.
هذا وما يزال الدكتور خالد عبدالغني القيمة الإبداعية والإنسانية والعلمية يحتاج لمزيد من القراءة والعودة لمنجزه العلمي الضخم بين حين وآخر.







أحمد المرصفاوي - صحفي واعلامي مصري -


1614374289382.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى