ابن الزيات - دعا شجوى دموع العين مني

دَعا شَجوى دُموعَ العَينِ مِنِّي
فَبادَرتِ الدُّموعُ عَلى ثِيابي
وَقالَ القَلبُ سَمعُكَ ساقَ حَتفي
عَلى عَمدٍ وَأَغرَقَ في عَذابي
فَقالَت سَمعُكَ الجاني هَلاكي
بِأَغلَظَ ما يَكونُ مِنَ العِقابِ
وَلا تَغفَل فَتفقِدني فَأَبقى
بِلا قَلبٍ إِلى يَومِ الحِسابِ
فَإِنِّي بَينَ أَطيافِ المَنايا
مُقيمٌ بَينَ أَظفارٍ وَنابِ
فَقالَ السَّمعُ حينَ عَتَبتُ لمهُ
على حُبِّ الخدَلَّجَةِ الكعابِ
وَعَيتُ كَلامَ مُكتَحِلٍ غَريرٍ
فَأَعياني لَهُ رَجعُ الجَوابِ
فَأَدَّيتُ الكَلامَ وَلَم أجِبهُ
إِلى القَلبِ المولَّع بِالتَّصابي
فَعاقِب قَلبَكَ المِلجاجَ فيهِ
وَدَعني لا تَنطَّع في عِقابي
فَقُلتُ صَدَّقَتني وَعَذَلَت قَلبي
وَلَم أحمِل عَلى عَيني عِتابي
فَقالَ القَلبُ ثُمَّ أَقَرَّ ها قَد
عَشِقتَ أَميرَةً تَهوى اِجتِنابي
تَصَبَّر قَد سَقَينَكَ كَأسَ عِشقٍ
حُمَيَّاها تَجول على الحِجابِ
تُنَغِّصُكَ الطَّعامَ وَكُلَّ عَيشٍ
وَتَمزُج ما يَسوؤك بِالشَّرابِ
فَقُلتُ لَهُ قَطَعتَ الصُّلبَ مِنّي
وَقَد أَلصَقتَ خَدِّي بِالتُّرابِ
لَعَلَّكَ قَد كَلِفتَ بِحُبِّ قَصف
فَقالَ القَلبُ قَد قَرطَست ما بي
فَقُلتُ قَتَلتَني وَأَذَبتَ جِسمي
وَقَد آذَنتَ روحي بِالذّهابِ
كَأَنّي عَن قَليلٍ غَير شك
مُسَجَّى بَينَ أَصحابي لِما بي
وَما لي لا أَموتُ وَهَمُّ نَفسي
يُباعِدُني وَيَزهَدُ في اِقتِرابي
إِذا عاهَدتُهُ عَهدَ التَّصابي
يُصَيِّرُ عَهدَهُ لَمعَ السَّرابِ
يُريدُ بِذاكَ تَعذيبي وَغَيظي
وَتَصييرَ الوِصالِ إِلى تَبابِ
وَلَم يَرحَم مُطالَبَتي وَجَهدي
وَما لاقيتُ من طول اكتِئابِ
أَصابَ جَفاؤُهُ قَلبي بِضُرٍّ
وَأَخلَقَ ما لَبِستُ مِنَ الثِّيابِ
وَناوَلَني وَراءَ الظَّهرِ مِنِّي
بِيُسرى الكَفِّ في غِلَظ كِتابي
فَكَيفَ تَلَطُّفي لِأَغَرَّ أَحوَى
إِذا ما زُرتُ أَسرَفَ في سبابي
لَقَد كُنتُ الغَني فَلَم يُجِرني
شَقاءُ الجَدِّ مِن حُبِّ الخِلاب
أعلى