علجية عيش - الفنان الجزائري أحيل على البطالة المقننة في زمن كورونا

السلطات سمحت للتجار استئناف نشاطهم و الفنان في الجزائر ظل حبيس العزلة

(المنشد عبد الجليل أخروف: نفتقر إلى مدرسة لتكوين الفنان و التعايش وسيلة للتغلب على الأزمات)

عبّر فنّانون حاملي المشاريع عن استيائهم للوضع الذي آلوا إليه منذ ظهور جائحة كوفيد 19 ، و لم يستطيعوا إنجاز مشاريعهم التي هي مجمدة الآن بعدما احيلوا على البطللة المقنّنة بسبب الإجراءات الوقائية المشددة للحد من تفشي الوباء و فرض الحجر الصحي، إلا أنه لا يزال الحلم يراودهم في استئناف نشاطهم و العودة إلى حياتهم الفنيّة
images

الفن الأصيل هو آخر مشروع في برنامج السلطات العمومية خاصة في ظل الجائحة و فرض الحجر الصحي، و هذا تجنبا للتلاقي و الإحتكاك، و الضحية الوحيد هو الفنان الذي وجد نفسه فجأة على الهامش و لم يجد الإهتمام أو الرعاية من قبل السلطات التي سمحت للتجار استئناف نشاطهم و عودة وسائل النقل، وسمحت كذلك بفتح المحلات و المقاهي، ماعدا النشاطات الثقافية، و رغم ما يلاحظ من نشاطات هنا و هناك من معارض للألبسة و الحلويات التقليدية و إحياء مناسبات وطنية كما هو الشان بالنسبة لعاصمة الشرق الجزائري ( قسنطينة ) التي احتضنت مؤخرا معرضا للصناعات التقليدية بدار الثقافة محمد العيد آل خليفة، حيث شهد بهو الدار احتكاك للمواطنين، إلا أن الفنان القسنطيني ظل حبيس العزلة ، بعدما جُمِّدَتْ مشاريعه و أحيل على البطالة المقننة، بحيث لم يستطع تنفيذ أعماله و مشاريعه الفنية ميدانيا، بسبب فيروس كورونا، في ظل التحولات التي فرضها الوباء، فانقطع الإتصال بينه و بين العالم الخارجي.

و رغم وجود الفضاء الرقمي إلا أن الظرف الصحي أدّى إلى تعطل سوق الفن، ناهيك عن غياب ثقافة فنية لدى بعض افراد المجتمع الذين اعتبروا الإنشاد (كعيّنة) أمرًا ثانويًا، وانحسار المنتج الفني لدى نخب تعيش داخل صالات مغلقة، فالفنان سواء كان منشدا أو مطربا أو فنانا تشكيليا اعتاد الإحتكاك بجمهوره و تقديم له من يناسب ذوقه، طالما الفن كما يقول "بابلو بيكاسو" يمسح عن الروح غبار الحياة اليومية، فهو قادر على أن يزيح كل البرافانات (الحواجز)، التقينا بالمنشد عبد الجليل أخروف مؤخرا خلال اختتام ملتقى الأديب رضا حوحو بقصر أحمد باي فكانت لنا دردشة معه ،حيث قدم بعض الملاحظات عن الحياة الفنية للفنان في الجزائر، في ظل الجائحة، موضحا أنه رغم الظرف الصحي الذي جعل الفنان يعيش في عزلة ، فهو لا يزال يأمل في مرحلة ما بعد الوباء، مشيرا أن الفنان قادر على التعبير حتى عن الجائحة، إما بصوته أو بلوحة، فرغم تهميشه، فالفنان الجزائري له عزة نفس و هو يترفع عن كل الممارسات التي تجعل منه فنانا مهمشا، له دور ثانوي في الحياة .

و حول برنامج الفنان أوضح عبد الجليل أخروف أنه لا يوجد برنامج معين للفنان حتى لو كان حاملا بطاقة فنان محترف و له جواز سفر كفنان، لأنه كما أضاف لا توجد مدرسة لتكوين الفنان، حتى أن بعض الفنانين يجدون أنفسهم محاصرين، لدرجة أن البعض منهم ينتحرون، و كشف عبد الجليل أخروف عن وجود مشاريع لفنانين لكنها مجمدة لأسباب عديدة منها الوباء، و في رده على سؤالنا حول تأثر الجمهور الجزائري بمنشدين من خارج الجزائر على غرار المنشد الإيراني سامي يوسف، أشار محدثنا أن الإنشاد في الجزائر يحصره البعض في ليالي رمضان و الأعياد الدينية فقط، ثم أن التوقيت أحيانا ( الليل) لا يناسب بعض العائلات لحضور أي مهرجان ديني، و يعتبر الفنان أخروف "الإنشاد" فن ملتزم و مرافق للحياة اليومية ، و لذا فهو يختلف عن بقية الفنون الأخرى، سواء من حيث الكلمات أو الأداء، بحيث يجعلك في خشوع دائم و يشعرك و كأنك في حضرة الإله، لأنه رباط داخلي مستمر لا ينقطع، و المنشد حين يصعد للركح أو المنصة يشعر أنه ملتصق بهما، أو أنه جزء منهما و لا يريد الإنفصال، طالما المنشد كما يقول هو في لقاء روحي مع الله، و الإنشاد في رأيه دواء للروح و للنفس، لكن للأسف فن الإنشاد في الجزائر و رغم أنه أصبح مطلوبا، فهو لا يزال في حاجة إلى دعم كبير من قبل السلطات حتى يصل إلى مستوى العالمية.

و حول المشهد الذي عاشته الجزائر مؤخرا وهي تحيي الذكرى الثانية لليوم الوطني للأخوة و التلاحم بين الشعب و جيشه ( الحراك الشعبي)، عبّر الفنان أخروف عن موقفه بالقول: من حق الشعب أن يُعَبِّرَ عن رأيه بالطرق السلمية الحضارية، فكل واحد له مشاكله الخاصة، خاصة و العالم يشهد تغييرات على كل المستويات، و حسب رأيه فالتعايش الوسيلة الوحيدة للأزمة العالمية، بل لكل الأزمات ، منوها بالقول أن الحراك الشعبي في الجزائر برهن أصحابه على ثقافة التحضر لصالح الوطن، و لذلك يقول الأستاذ أخروف لا يمكن أن نعطي للواقع نظرة سلبية مهما كانت قساوته، و علينا أن نكون إيجابيين، متفائلين بالمستقبل، لنا أمل في الذين يُسَخِّرُونَ جهودهم لبناء الجزائر الجديدة و إعادة الوطن إلى مكانته الأصيلة ، مختتما حديثه بالقول بأن الوطن يبنيه الرجال، تجدر الإشارة أن المنشد عبد الجليل أخروف واحد من أبناء دينة قسنطينة ( 700 كلم عن العاصمة) ، ينحدر من عائلة فنية ملتزمة، بدأ مسيرته الفنية كفنان محترف نهاية التسعينيات و في سنة 2000 أسّس فرقة إنشاد سمّاها "روضة الحبيب"، و كانت له مشاركات في مهرجانات دولية خارج الوطن، و حظي بالعديد من شهادات التكريم ، في حقيبة المنشد أخروف مشاريع ينتظر تفجيرها على ركح مسرح قسنطينة الجهوي أو في الفضاءات الأخرى دار الثقافة مالك حداد أو قاعة العروض زينيث.

علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى