كنانة حاتم عيسى - وغدٌ مصابٌ بالأبد

هناك شيء منك يضيء، فتنجذب له كل الفراشات المحترقة ، وتلوذ به كل بتلات الورد الهشة، والمتساقطة عن أمسية غريبةٍ، حتى الخيالات الأنثوية المجهولة. التي لا جسد لها.
أهي تلك الشامة المنضوية في خدك الأيسر؟ أم عروق يديك الناحلتين المتصببتين عشقًا لكل ما يخفق بروحٍ؟
أهو صوتك العنيد الذي يبزغ في أوقات الغضب حانيًا؟
نظرَ إلى وجهها الغض النَّضر متلعثمًا فقال :
- أعتذر... لا لا أجد ما تقولينه مقنعًا.
فأكملت... .
هذا التحبب المضن لسماع صوتكَ أو لمس وجهكَ أو التمرغ في حرارتك، كأن أتحامل على كل تلك الكلمات التي تذكي أنوثتي، ونرجسيتها المفرطة فأتغاضى عنها بتقليب أحاديث لا معنى لها في قلبي، فلا أبالي كم سيكون موجعًا ذلك الإهمال المتعمد إن أصررتُ على عِندي وغروري وكبريائي الفاضحين.
تململ في جلوسه القلق، أخفى تعرقه بباطن كفه المثلم وتمتم
أنا وغد مصاب بوسواس قهري، لا أحد يرغب بي....
تخلّت عني زوجتي منذ عام مضى، وأولادي لا يأبهون لوجودي، ولا أحد يفتقدني في عملي الروتيني الممل.
أنا نكرةٌ كريهةٌ معدمةٌ.
غمرته بعينين صافيتين وأكملت...
-لكنّه ليس عشقًا اوهذا غريب ولا هو حبٌ جارفٌ مختلٌ ولا شوق أرعن هائجٌ... إنه....
- نظر بلهفة وتوجس قائلًا:
-ماذا... أكملي
-هو معرفة قديمة..... قديمة... عتيقة عتيقة،كأننا كنا يومًا معًا في جسدٍ واحدٍ،فتنافرنا لشدة تطابقنا،
وانتهينا لشدة ما توحدت بداياتنا الغريبة، وافترقنا لشدة تشابهنا، فرحل كلٌ منا في منتصف دائرة... لا عودة منها.
تنهّد مطرقًا بأفكارهِ، نظر باضطرابٍ ،ذابت الكلمات في صمته، فقالت:
-انتهت جلستنا لليوم، أتمنى منكَ أن تعيد قراءة هذا الحوار مجددًا أمام المرآة، حتى نصل للنتيجة المطلوبة في العلاج.
نظر بصمتٍ وبؤس إليها ،فأكملت:
- حبة واحدة من الروهينبول ستساعدك على النوم ليلًا
أراك لاحقًا.
... كان الأبد في كل حواسه، قد انتشر بالعودة. .


كنانة حاتم عيسى

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى