د. نصير الحسيني - كوكب اليابان (١)

أقلعت بنا الطائرة من مطار بغداد الدولي في الساعة الحادية عشر صباحاً، قاصدين مطار دبي حيث سنقضي حوالي ١٣ساعة ترانزيت، وصلنا الى دبي في الواحدة والنصف بتوقيت العراق وفي الثانية والنصف بتوقيت دبي، حيث الفارق ساعة واحدة، استحصلنا فيزة ترانزيت من المطار بقيمة ٨٠ دولار تتضمن ايصالنا الى فندق المطار داخل دبي مع العودة الى المطار، بعد ذلك توجهنا بالمترو القريب من الفندق وعبره الى المحطة المجاورة والمرتبطة مع مول دبي عبر ثمان محطات . يتكون مول دبي من أربعة طوابق بالإضافة الى اربع مستويات كراج للسيارات وربما مخازن واشياء أخرى ، عدد لا يحصى من العاملين في المول من الأجانب بين أسيوين وسواهم من الجنسيات المختلطة ومن ضمنهم الصينيين والهنود، ونادراً ما تلتقي بإماراتي أو عربي، ولغة التعامل الغالبة هي الإنجليزي ، أما السياح فهم من بلدانٍ شتى تكاد لاتحصى . التقينا بعديلي المقيم في الإمارات منذ عشرين سنة مضت ، وأكلنا الهمبركر وتبادلنا أطراف الحديث، وخرجنا معاً قاصدين النافورة العجيبة والفريدة والتي تعمل مع الموسيقى بعرض فريد كل نصف ساعة مع الأضواء التي تغطي المنطقة برمتها، حيث تحيط بالنافورة أشكلٍ شتى من الابراج وهي تناطح السماء دون أن تتصل مهما بلغ علوها، وعلى اية حال ودعنا عديلي أبا سلام لارتباطه بعمل وقضينا باقي الوقت نستمتع بالمشهد الساحر والعجيب ، والأعجب من ذلك ترى الناس وهم سعداء وفرحون بهذا الشكل دون اية إزعاج يذكر أو يلاحظ . والحال بهذا الشكل إستمر حتى العاشرة مساءً ثم عدنا بالمترو الى الفندق وبعد قليل من الراحة تم إيصالنا الى المطار، وبحدود الساعة الثانية وخمسة واربعين دقيقة نحن نستقل الطائرة ونستعد للإقلاع الى اليابان -مطار ناريتا . فترة الطيران إستمرت عشرة ساعات . فترة طويلة ومزعجة جداً، فضلاً عن كون سعر الرحلة مكلفة أيضاً، لكن اليابان تستحق الزيارة والتضحية . قدموا لنا وجبتين طعام مع المشروبات الباردة والساخنة فضلاً عن الماء، الطائرة كانت كثيرة الركاب وربما تجاوز الثلثمائة وهي من نوع بويننك ، وصلت الطائرة في الثانية عشر ظهراً بتوقيت دبي أي في الحادية عشر بتوقيت بغداد ، لكنها بتوقيت اليابان الساعة الخامسة والنصف عصراً، وقد بدأ المساء حيث إختفت الشمس تماماً، أعطونا إستمارات خاصة بالوافدين تتضمن معلومات عن القادمين ومكان إقامتهم . أستقبلنا مندوب شركة سياحية ونقلنا الى الفندق بسيارة الشركة، ويبتعد ساعة كما ذكر ابن البلد السائق ، وعلى أي حال تسلمنا مفاتيح الغرف وبعد قليل من الراحة والحمام تجولنا لمدة ساعة في المدينة ، وشاهدت بعض من الشرطيات والشرطة بملابسهم الرسمية ، وهم يتجولون ، ورأيت كثير من الناس الشباب على إختلاف أعمارهم تقود دراجات هوائية . اليوم الثاني ، بعد الأفطار ذهبنا الى برج الإتصالات (سكاي تري) وهو بأرتفاع ٦٤٨ م وكان سابقاً أعلى برج في العالم وقد نجح اليابانيون من خلاله بتعمير المنطقة القديمة وتحويلها الى منطقة تجارية وسياحية مثمرة على شكل غير قليل من الأهمية وجنوب على عدة مولات ومحلات تجاري ومحطة ، وبني البرج في عام ٢٠٠٩ واكتمل بناءه عام ٢.١٢ من الفولاذ ويوجد قرب البرج مركز تجاري تحت الارض خمسة طوابق والأماكن منظمة بشكل يثير الدهشة . نظام السير هنا ايسر وما لفت انتباهي تأثيث الشوارع ولا يوجد مكانات للنفايات ولا توجد أوساخ او فضلات للاكل ترمى بشكلٍ مقزز في الشوارع ، وانما جرت العادة ان يحمل الياباني معه حقيبة يحملها على كتفه وفي داخلها كيس لجمع النفايات ورميها في داره ومن ثم الى مكان النفايات.
والنفايات تقسم عدة أقسام لفرض التدوير .
إنتقلنا الى معبد سن سوجي وهو في منطقة شعبية تسمى اساكوسا ، وهو معبد بوذي ، وقد بني المعبد حسب الأسطورة القديمة التي تروي عن أن إثنان من الصيادين ذهبوا للصيد في نهر الصميدا وأثناء رمي شبكة الصيد لاصطياد السمك ، وأثناء سحبهم لشبكة الصيد فوجؤا بصيدٍ ثمين عبارة عن تمثال ذهب ، وتداولا في الأمر معاً وقررا أن يعيدا التمثال الى النهر بأعتباره لا يعود لهم وهو ليس من حقهما ، والياباني لا يحب أن يأخذ حاجة غيرة ، ثم ذهبا الى مكانٍ أخر للصيد ورموا الشباك ومن ثم سحبوها بقوة نتيجة ثقلها واذا بالتمثال الذهبي يظهر مرةً أخرى عندهم ، وتداولا مرةً اخرى وقررا ارجاعه مرةً أخرى الى النهر انفس الأسباب ، وابتعدا عن المكان أكثر ورموا الشباك وظهر التمثال مرةً أخرى ، ورموه أيضاً في النهر وذهبوا الى مكانٍ اخر ، ورموا الشباك مرةً أخرى ، وهكذا تكرر الموقف خمس مراتٍ ، وذهبوا الى الكهنة وأخبروهم بالواقعة وبناءً على ذلك قررت الكهنة إقامة المعبد في هذا المكان وأعتبروا ذلك إشارة من السماء . وهكذا تم انشاء المعبد ، وراعية العبد الاله سما كانون وهي اله الحب والجمال والخير ، وكلمة سما تستخدم للاحترام .


طوكيو - ٢٠١٩/١٠/٢





تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى