رحو شرقي - الشخصية وأبعادها في الرواية العربية رواية "قيامة البتورل الأخيرة " أنموذج

- مفهوم الشخصية:
من أصعب العقبات التي تواجه القاريء المتمرس، هو تحديد معنى واحد جامع، ألا وهو مفهوم الشخصية لغة واصطلاحا، ولقد ذُكر هذا المفهوم في عدة معاجم وكلها تعطي معنى خاصا للشخصية بحيث تعددت الآراء حول مفهومها واعطاء إطار ثابت لها.
• لغة:
عرفها ابن منظور في معجمه "لسان العرب" فيقول:
شخص: الشَّخْصُ: جماعةُ شَخْصِ الإِنسان وغيره، مذكر، والجمع أَشْخاصٌ وشُخُوصٌ وشِخاص.
• اصطلاحا:
تعد الشخصية من المفاهيم الأكثر تعقيدا واختلافا باختلاف دارسيها من(علماء النفس، السيميولوجيا، علماء الاجتماع، الشكلانيين، النقد الأدبي )
• علماء النفس :
يرى إمانويل كانط (1724 - 1804 ) أن الشيء الذي يجعل الإنسان يدافع عن نفسيه (كجزء من العالم المحسوس) هو الشخصية لا غير فهي الحرية والاستقلال عن كل ميكانيزمات الطبيعة.
ولهذا تعددت الآراء كثيرا حول دراسة مفهوم الشخصية عند علماء النفس، ولا يمكن حصرها في مفهوم واحد وقد أخترنا هذا التعريف لتقريبه من مجمل التعريفات الوارد عند علماء النفس.

• مفهوم الشخصية عند علماء السيميولوجيا
عند الجيرداس جاليان غريماس :
أهتم غريماس بالجوانب العميقة للشخصية في الخطاب السردي، وحاول مقاربة الشخصية من خلال ما سماه بالمسار "التوليدي"؛ وهو الخط الذي تظهر من خلاله بناء الشخوص بنية ظاهرة( سطحية) وبنية عميقة.
تتألف البنية العميقة من مستويين ينهض كل منهما على مكونين: دلالي و تركيبي؛ كما تهر في لغات أخرى مثل في اللغة السينمائية والخيالية وفي الرسم والتشكيل إلخ.."
• الشخصية عند علماء الاجتماع:
حسب غوردن آلبور ( 1887 – 1967 ) هي عبارةٌ عن المجموع الكليّ للأنماط السلوكيّة الظاهرة والباطنة الموجودة لدى الفرد سواءً كانت هذه الأنماط مكتسبةً لدى الشخص أم متوارثةً من الأهل، وتكامل الميّزات الفردية التي يحملها الشخص في منظومةٍ فرديةٍ تحاول التكيّف مع الظروف المحيطة باستمرار.
كما يرى ألبورت أن لكل إنسان شخصيته المتفردة، وهذه الشخصية متحولة ، غير تابثة تؤثر عليها عوامل الطبيعة (الجينات) والتنشئة (البيئة).
لقد كان اهتمام علماء الاجتماع بدراسة الشخصية محصورا على العوامل الاجتماعية خاصة المتعلقة بالأدب الذي تكونه.
كما يرى الماركسيون أن الأديب، هو انعكاس للواقع الاجتماعي وكل ما يتعلق بالفرد سواء (سلوكه، شخصيته...إلخ). ومن خلال الأدب نتمكن من معرفة سلوك المجتمع وطبيعة شخصيته.
• الشخصية عند الشكلانيين ( 1916):
فـ"رولان بارت" ينظر إلى الشخصية على أنها دليل له وجهان، أحدهما دال والأخر مدلول، فمن جهة أّنها دال فهي تتخذ عّدة أسماء وصفات تلخص هويتها، أّما من حيث هي مدلول، فهي مجموع ما يقال عنها في النص، ولا تكتمل الشخصية إلا حينما يكون النص الحكائي قد بلغ نهايته.
الشخصية في النقد الادبي: الدكتور عادل بدر
علم الاجتماع معنيّ بالشخصيّة بوصفها أحد أسس النظام الاجتماعي؛ فثمّة ربط لأفعال الإنسان الفردية والاجتماعية بما ينتج عنها من نظم اجتماعية تتمثل في العادات والاتجاهات؛ وكأنّ المجتمع بعامة يمثل شخصيّة لها نمط معين يمكن لهذا النمط أن يُفرز شخصيات تنتمي إليه مع مراعاة الاختلافات النوعية المتمثلة في السمات النفسيّة (ويُعنى علم الاجتماع بالجماعة التي تتكون من الأشخاص).
دراسة الشخص تكون ضمن إطار المجموعة التي ترتبط بسمات مشتركة وبعوامل تتحكم في نشاطها، وقد اهتم علم الاجتماع بهذه الجوانب من الشخصية التي لا تظهر إلا مع الجماعة.
أمّا مفهوم الشخصيّة في علم النفس فإنه متعدد تبعًا للمحددات التي يضعها المحلّلون لدراسة طبيعة الشخصية، ويمكن حصر أهم تعريفات الشخصيّة في علم النفس في أربع مجموعات: تنظر المجموعة الأولى إلى الشخصيّة بوصفها مثيرًا خارجيًا في الآخرين. وتنظر المجموعة الثانية إلى الشخصية من جانب الاستجابة للمؤثرات المختلفة. وهناك مجموعة تُعرّف الشخصيّة باعتبارها متغيّرًا يرتبط بعوامل تتجاوز المثير والاستجابة. وتركز المجموعة الرابعة على تفاعل الشخصيّة مع العوامل المختلفة، بوصف الشخصية وحدة نتائج متداخلة منها الثابت ومنها المتغيّر. ولكل مجموعة مما سبق عناصر يُركز عليها مفهوم الشخصية، وتلك العناصر هي محور الدراسات النفسية في تنوعها واختلافها، فيما يتعلق بنظريات الشخصية وطبيعتها وأساليبها، ويمكن القول إنه تبعًا للتعريفات السابقة قامت نظريات تدرس الشخصية وتحللها من جانب اللاوعي أو جانب الاتجاهات، وغير ذلك مما يتعلق بتحليل السلوك النفسي للشخصية التي لها سمات خاصة.


تلخيص :
من خلال كل مارأيناه نستخلص أن الشخصية هي التي تمنح للإنسان الحرية وتمنحه الإرادة على مواجهة الصعوبات والاستقلال عن كل التأثيارت الطبيعية التي تؤثر على نفسية الإنسان وباقي الأفراد.
أنواع الشخصية في الرواية عامة:
تعتبر الشخصيات الروائية من صنع الفنان، فالشخصية تلعب دورا هاما في بناء الرواية باعتبارها العمود الفقري له، إذ من خلالها تتكون الأحداث وتتشابك وتتضح الرؤى سواء كانت شخصية رئيسية، ثانوية، ويميز المنظرون او المنشغلون بمقولة الشخصية بنوعين هما:
الشخصية الرئيسية :
ظهور الشخصية الرئيسية من خلال بداية الحكي إلى نهايته وتكون بارزة يعرفها المتلقي من الوهلة الأولى، لها دور محوري ذات حركة مستمرة، من خلال أحداث متواترة على خط زمني مستمر الى نهاية النص.
الشخصيات الثانوية:
لها مكانتها ودورها الخاص في الرواية، وفي الهندسة البنائية للرواية تلعب دورا دافعي في الأحداث، حيث تظهر إما في حدث واحد أو في أحداث متباعدة تعمل في كل الاتجاهات حسب المهام المكلفة بها.
فتكتفي بالحدث ثم تمضي، فهي التي تساعد على توضيح صورة البطل في أذهاننا.
أما "فيليب هامون" فيميز بين ثلاثة أنواع من الشخصيات:
الشخصية المرجعية:
هذا النوع من الشخصيات يتم التعرف عليه من خلال خلفيات معرفية سبقت المعرفة بها، كأن تكون شخصية تاريخية معروفة في ثقافة مجتمع ما.
كما وجدنا في بعض المراجع شخصيات أخرى " المرجع مبين أدناه"
الشخصية النمطية:
هي شخصية عادية ليس لها تجربة متميزة، تختلف عن غيرها .
الشخصية النموذجية :
هي شخصية عكس النمطية لها ميزات وتجربة تميزها عن غيرها من الشخصيات.

آنموذج " قيامة البتورل الأخيرة"
ملخص الرواية
"أنّ ظهور الرواية اتصل بانهيار سُلّم القيم السائد في المجتمع." جورج لوكاتش
جاءت أحداث الرواية متزامنة مع سياق المأساة الجارية في سوريا، بإحدى الأحياء الشعبية وقد ذكر المكان " حي البندرة" بمدينة حلب.
جرت القصة في حيز مكاني ضيق، ليفسح المجال أكبر لرصد وذكر تفاصيل التفاصيل، فكلما ضاق المكان، اتسعت الرؤية و الرصد وهذه نقطة فارقة للكاتب.
وكما يقال " الوصف بداية معرفة العالم"
القصة تروي لنا حدث هام ومركزي، ألا وهو الإغتصاب الذي يتزامن مع المأساة، ولو كان الحدث غير متزامن مع الحرب الأهلية كما يسميها الكاتب لأخذت بُعدا آخر غير هذا البعد والرؤى في تيمتها.
حاول الكاتب في الفصل الأول مسرحة القصة بطريقة عرضية ومسح شامل لحي البندرة وشخصيات القصة.
وحسب رؤيتي الشخصية أن الرواية من أدب الجريمة التاريخية وأعيد التنبيه أن أحداث القصة جاءت متزامنة مع سنوات المأساة، أو أستعمل الجريمة التاريخية لإعادة بعث الهوّية في أول جملة مستقلة عن نص الرواية " سورية بلدكم ، أينما كنتم ، وهذا حقكم، فحطم سيفك، وتناول معولك ، واتبعني لنزرع السلام والمحبة" ص05
حيث غلف الكاتب القصة بغلافين: الأول هي الجريمة الكبرى الحرب الأهلية، والثانية اغتصاب البتول وقد استطاع أن يوهم المتلقي بعدم التفريق بين البتول وهي الوطن ( سوريا) والبتول هي الفتاة المغتصبة من خلال إسقاط مكين وقد نجح فيه لحد بعيد؛ ربط الكاتب اغتصاب البتول باغتصاب كل النساء في قوله الراوي ... "وإعلان تضامنه ّ مع مأساة البتول التي تمثّل برأيهن كّل نساء الكون المضطَهدات" ص46. كما أن المكانية كان لها دور كبير في القصة حيث أطلق الكاتب الجزء وأراد الكل، فحي " البندرة " لا يختلف عن أحياء سوريا في العيش داخل المأساة باعتبار المكان في رواية قيامة البتول، ماهو إلا خلفية لوجه الوطن العام؛ لهذا انطلق الكاتب من الجزئيات الى الكليات.. والشيء الملفت في إختيار المكان في القصة أن الكاتب حاول بقدرة مكينة مسرحة الأحداث والوقائع حيث أقام ركحا بامتياز في حي " البندرة" وكأنه يؤسس الى إتاحة اقتباسات لاحقة لجنس أدبي آخر ألا وهو المسرح، إلا أن قراءتي للرواية بعيدة عن هذا المنال كما أعتبرها نقطة فارقة أخرى تضاف الى رصيد الكاتب لاقتداره من خلال هذا المنظور وحسب وجهة نظري البسيطة.
لم يكن في الرواية أزمنة عجيبة بالمفهوم الفني واالهندسي قدر ما احتوت عليه من أزمنة نفسية فاضحة لغلبة الشر على الخير وقد نجح لحد بعيد في تكسير الزمن بالإنتقال عبر شخوص القصة من الأحداث وبزوغ الأمراض النفسية الدفينة، وكأن الكاتب يريد القول أن وقائع الحروب الأهلية تبدأ من الصراعات النفسية وتنتهي عند الإقتتال ، القصف والتشرد.
الرواية ثؤثث لتوثيق أحداث ستصبح لاحقا تاريخية بنظرة استشرافية الى مابعد المأساة ، وتخبيء للأجيال القادمة رسالة ألا وهي " لنتعلم معنى الوطن".
في انبعاث مكاني جديد لأن التاريخ صديق المكان الذي يهمس إليه في صمت لتسمعه الأجيال .
وكأني أتفحص تيمة الرواية في انبعاث الهوّية من جديد من خلال الشواهد المادية للتاريخ " يمتطط السور النائم من خلال مئات السنين....يتثاءب السور العظيم معلنا قيامته الجديدة" ص 19
و قد أشار الكاتب بإلحاح على الفاعلون في الأحداث والووقائع من خلال سكان حي " البندرة " واختلاف انتماءاتهم، عقائدهم، أصولهم - مسلمون ، مسيحيون، يهود أرمن ...إلخ من جهة التعايش " إ ْذ لم يكن بين أهل الحارة ، مختلفة الطوائف والأديان، قبل هذه الحروب، أي تفرقة أو عنصريّة " ص 37 - الذي كان يشهده الحي ومن جهة أخرى العيش تحت حسابات خاصة من منطلق خلفيات ، كما ذكرها الكاتب كتقديم لشخوص القصة في ومضات موخزة للمتلقي المتمرس وقد استجلى الكاتب ذلك الإختلاف في التعايش وليس الخلاف وكأنه يخبئ تحت جلد النص، أن المعتقد والأصول لم تكن يوما محل بؤر تنازع... فالمآمرة قدمت من خارج أسوار حي " البندرة " إشارة في " أخوة الحليب والفلا " وهذا يحمل تحذيرا خطيرا للأجيال القادمة وعدم التلاعب بأحلامهم مستقبلا .
الفكرة الجوهرية في القصة والتي اتخذت منحى آخر في المسار السردي هو الدمار العظيم الذي مس الآثار وهي بمثابة الشواهد الحقيقية، مشيرا الى التاريخ لصناعة جيلا بدون تاريخ حتما سيُحكم عليه مسبقا بالتيه والفوضى، وبطبيعة الحال هذا يحيلنا الى تنفيذ أجندات أجنبية خبيثة تعبث بالوطن.
فالبتول حسب قراءتي للنص هي الحدث المركزي، من خلاله يتم إذكاء كل الوقائع والصراعات ورغم كل هذا التشويه للواقع من خلال الحرب، يزرع الكاتب بذرة أمل في " عبدالسلام " النحات، المثقف، صاحب المباديء، والحارس الآمين للبتول( التمثال) في نظرة إيجابية تأملية الى مابعد المأساة .
ومن خلال " عبدالسلام" يرسم الكاتب خريطة جديدة في مفهوم الوطن من منطلق الثقافة الرصينة والتي تمثل القبة الحديدية لحماية الأوطان والخط الأمامي.
كما يشير الى أمر خطير أن ليس فضاعة القتل والتشرد وحدها في المأساة بل أكبر
بكثيرا من خلال تجربة غزو العراق، فلسطين، ليبيا واغتصاب آثارها المادي الذي يحمل رأس المال المعنوي لمستقبل الأمة.
خط المسار السردي في القصة أخذ سلما تصاعديا من الدمار، الجثث، زنا بالأموات، اغتصاب البتول ، الى آخر درجة في سلم المأساة وهي اغتصاب التاريخ بمفهوم الشمولية؛ وأخيرا سنثري موضوع دراستنا في رواية " قيامة البتول الأخيرة " برؤية عميقة تطبيقا لما سلف ذكره من نظريات لإذكاء الفعل القرائي والحس الإبداعي في هذه القصة المتفردة .
تبقى القصة بدون نهاية ولاعقاب في قول الكاتب "إّلا أ ّن جثّة البتول: "فُّص ملح وذاب"، اختفت بلا أثر، بلا قبر، أو شاهدة، ولم يستطع أحد أن يؤّكد أنّها قد فارقت الحياة لعدم وجود الدليل القاطع، والإثبات بالبيّنةكحد السيف "ص 16 - وباتت الجريمة بدون جاني أو قبر، تاركا ملفها مفتوحا في يد الاجيال القادمة، دون إلقاء اللوم على أحد بل على الجميع الذين خانوا أوطانهم وأضاعوها بصدق كبيرين.
جمعت القصة عدة شخصيات فاعلة أهمها ...
عبد السلام – البتول - الحاج عبد القادر الهلالي – يحيى - أبراهام فارحي – ليزا - ابو الرمز الفلسطيني - الوليّة "خاتون" - - أخوة الحليب –الثريا- أمّ القطط "هنودة" - الخياط هوجيان الأرمني -إيلين.
العجائبية : " يهرب التمثال من ناظريه، يتحّرك دون أن يحّركه أحد ما، يدور في القبو/الكهف من تلقاء نفسه، يهرب من الصمت، والخوف، والجبن، والترّدد، يريد البوح بأسرار كلام" ص19
"وتمتلك خا ّصيّة أخرى غريبة، إ ْذ إنّها ترى أيضا من خلال تفسير الروائح المختلفة!" ص31
التناص : "كل السراديب تؤدي في النهاية ، الى حضن المدينة"
" الدين لله، والوطن للجميع"

أنواع الشخصيات في رواية قيامة البتول الأخيرة:
سنعتمد هنا على تقسيم "فيليب هامون" للشخصية.
الشخصية الرئيسية:
"عبد السلام" بطل القصة، ذلك الشاب الذي أنهكه التفكير في أهل حارته شخصية رئيسية إحتوائية يصفه الكاتب باقتضاب وهذه فنية أخرى في الرواية من خلال أعماله ونشطاته، وهو البطل الإشكالي الذي يرفض واقعه، ومجتمعه في محاولة لتحقيق واقع أفضل، وهو الواقع المثالي الذي يحلم به "عبدالسلام" عبرالإنتقال من الواقع الى الممكن. مما يجعل هذا الأخير يعيش صراعا داخليا.
وقد وصفه الكاتب ب "واستنهاض العقل الباطنّي، وهذا ما يناسب شخصيّته، وحالاته النفسيّة، غير المستقّرة" ص 13.
إذا حاولنا البحث في جملة من المقاطع السردية للشخصيات ، فإننا لم نجدإلا الضمير الغائب، و هو الغالب لأن السارد أراد المعرفة المحايدة للراوي، حيث يتكلم الراوي بضمير الغائب، ولا يتدخل، ولكن الأحداث لا تُقدّم إلا كما يراها هو، لا كما تراها الشخصيات بنمط وصفي مرافق ( خطوة بخطوة مع الشخوص) والذي يعتبر فنية يستعملها المؤلف للرواية كي يتمكن من الإحاطة في عملية الرصد ومن كل الأبعاد..." يشعر "عبد السلام" أ ّن نبضات قلبه تكاد تنفجر، يمِّسد صدره، وقد ارتفعت درجات ضغطه عاليا" ص13
الشخصيات الدينية : "عبد القادر الهلالي" . " إبرهام فارحي "
والذي يصفه الكاتب بالأب الروحي في الحارة ص "13 "، لعبت شخصية "عبدالقادر الهلالي" الدينية في الرواية، كان لها دورغير متوقع وتركت أثرها السلبي ضمنيا في حارة بنات اليهود " البندرة" في قول الكاتب " رجل لا يشبه ماضيه" حيث تألم لصقوط مئذنة المسجد العتيق ولم يتألم للبتول ص 52 -عكس ابنه "يحي" خريج كلية الشريعة الذي وعد بالثأر للبتول ص " 13" ، في نقيظ لشخصية " عبد القادر الهلالي " يذكر " ابرهام فارحي " من أصل يهودي الذي يسعى للحفاظ على المخطوطات وهي مفارقة بين رجل الدين المسلم والآخر ، من دوره كإمام بالمسجد "... و رجل دين.
الشخصيات الاجتماعية
أبو الرمز الفلسطيني: شخصية اجتماعية باعتبار أنه كان أستاذا لمادة التاريخ ويملك أرشيفا ضخما ومفتاحا كبيرا مما جعله في أعين الحارة لها سلطة ثقافية إن صح القول.
الشخصيات الفنية: "عبد السلام "، " الخياط هوجيان "
تتجسد في القصة شخصية "عبد السلام" بفنها وابداعها الذي يعطيها ميزة متفرة في الرواية، فهو المسرحي السابق والنحات ورغم الظروف المحيطة التي تمر بها الحارة إلا أنه لم يتوقف عن فن النحت، كما هي شخصية "الخياط " الذي يخيط ويصمم ألبسة لجنود النظام .
الشخصيات الاستذكارية:
الشخصيات الإستذكارية عديدة في نص رواية قيامة البتول الأخيرة أهمها :
" والد عبد السلام" وحمايته للعائلة اليهودية " ابراهام فارحي" بعد نكسة حرب 1967م " البتول " الشخصية البطلة وهي الغائبة الحاضرة في مسار القصة.
" أبو عصام " الفلسطيني الذي طرد من بيته ، النائب اليهودي "يوسف لينادو"
والنائب وحيد مزراحي ص 37 ، "الدكتور فؤاد" ص 42 ، "جيلدا" ص44 ، " بن جامين " ص45 ...تمثل الشخصيات الاستذكارية دورا هاما في الرواية فمن خلالها يمكن التعرف على بعض مخفيات حارة " البندرة" وما وقع فيها سابقا وما سيقع مستقبلا.
الأمر الذي اكتشفته في القصة كثرة الشخصيات الإستذكارية وهذا يدل على أمرين لا ثالث لهما : - النظرة السودوية للواقع والرجوع الى الماضي .
_ و إلا إعادة بعث الهوّية في الحنين والمقارنة مع الواقع.
الأمر الثاني: الملفت في القصة ، محاولة الكاتب لخلق التضاد بين الشخصيات ، على سبيل المثال شخصية " عبدالقادر الهلالي " تقابلها شخصية " إبراهام فرحاتي"
في دروها السلبي والإجابي داخل القصة لخلق الصراع الدرامي في القصة.

أبعاد شخصيات الرواية

إن هذه الأبعاد تمثل المسارت الرئيسية المكونة للشخصية وهي ابعاد تستمد
قيمتها من قدرة الكاتب الفنية على ربطها بنمو الحدث والشخصية لتحقق المبنى والمعنى في العمل الأدبي والفني .
أبعاد شخصية:"عبد السلام"
البعد الجسمي: "يرفع يده، يمسح جبهته، يشعُر بانقباض حا ّد، وتج ّمد في أنامله الرقيقة، يُطلُق زفرة طويلة، ث ّم يسح ُب نَـَفساا عميقا" ص11
البعد النفسي: يسمع صدى قلقه المكتوم: "هلكن ُت مخدوعاا إلى حِّد البلاهة؟!"، يتساءل مع نفسه، ثّم يهَّز رأسه ويجيبها" ص11
- البعد الاجتماعي: عضو المسرح الجامعي " عبد السلام نفسه الذي اشتُهر بتقديمه عدة أدوار مهّمة مع فرقة المسرح الجامعي، ولكنّه اخت ّص بعد تخّرجه بالنحت على الحجر والرسم السوريال ّي فوق الواقعّي" ص 13
أبعاد شخصية: "البتول"
البعد الجسمي: ".....كجدائل مهرة أصيلة....ّ
البعد النفسي: خجولة...." ولكنّهاشعرت بالخجل"ص 32
-"...قلبك الطيّب..." ص 23
- البعد الاجتماعي: الفتاة الوحيدة ل " أبو الناصر"
- ماكثة بالبيت وتعيل أباها المريض.
أبعاد شخصية : العجوز العمياء "الثريَّا"
البعد الجسمي : تمشي ببطء شديد .... إّلا أن عنقها طويل،كعنق الزرافة، وَمن يتأّمل لمتوثبة حركة رأسها"
البعد النفسي: حنون، "بتأثير آلام "الروماتيزم"، في مفاصل فخذيها"
البعد الإجتماعي: عجوز كان لها دور الحكيمة في العنصر النسوي داخل الرواية "يعلم أنّها امرأة ُمفعمة بالذكاء، تحاول أن تساهم،رغم عميها وعجزها، في إخماد عسس الدخان والغبار، وأن تطرد ذاك الخوف المعِّشش في قلبها"
بعد أخذ عينات من الشخصيات في القصة التي حملت أبعادا دلالية تخدم فكرةالقصة و من خلالها أراد الكاتب إيصالها الى المتلقي، وقد قدمت بعضها لكثرة الشخصيات وهي كاملة الأبعاد، من بعدها الخارجي (الجسمي) والنفسي وحتى الاجتماعي.
وفق الراوي استعمال أسماء الشخصيات، كما ألحق بها مواصفات مناسبة للقصة.
أختار الكاتب هذه الشخصيات وبأبعادها النفسية من خلال أفعالها، ليخرجها من الشخصية الورقية الى الشخصية الواقعية كما أرادتها الراوية، سلط السارد الضوء على الشخصية الرئيسية " عبد السلام "من بداية الرواية إلى نهايتها، فجاءت هذه الشخصية مكتملة من حيث الأبعاد والاحداث.
من المسلمات أن نفرق في هذا السياق، بين الشخص وبين الشخصية. بين الكائن المصنوع من لحم ودم، وبين الكائن المصنوع من ورق، فالشخصية في مختلف أوضاعها، بمحاسنها أومساوئها، مركزيتها أو هامشيتها، هذا الذي وضعت فيه هي منظور المؤلف ، فالشخصية هي إنسان أو إطار زماني و مكاني في فضاء حياة القصة.






قائمة المراجع :
- ابن منظور لسان العرب
- مستويات التحليل السيميائي للنصوص " سيمياء السرد الغريماسي نموذجا "
د. عقاق قادة جامعة سيدي بلعباس / الجزائر
- سمات الشخصية نظرية جوردن آلبورت مقال جواد من مدونة الواقع بتاريخ
22 /02/2017م
- مفهوم الشخصية من التخييل إلى التأويل - صحيفة المثقف العدد: 5287 بتاريخ
25 - 02 – 2021م
- مقال مفهوم الشخصية في النقد الأدبي للدكتور عادل بدر بجريد الوطن /قطر 29/11/2017م
- كتاب الدين والضمأ الانطولوجي د. عبدالجبار الرفاعي الطبعة الأولى 2016
- الكتاب: "قيامة البتول الأخيرة (الأناشيد السرية)
المؤلف: زياد كمال حمامي -الناشر: دار نون 4 للنشر والتوزيع عدد الصفحات: 376 صفحة تاريخ النشر: كانون الأول/ ديسمبر 2018م
- مقال الراوي والمنظور في السرد الروائي " منبر الثقافة والفكرو الأدب للدكتور الراحل محمد عزام / سوريا 21/أفريل 2017م

بقلم رحو شرقي / الجزائر









1614694011489.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى