زين العابدين سرحان - صورة الرئيس الوحشية

يطيرني الهواء إليكِ
أسبح في سماء مليئة بالدخان
ضاعت زرقتها
ونسيت فيها لون عينيكِ
يطيرني الهواء إليكِ
أنا الخفيف كالريش
والخفي كأثر القبل الخجولة
على خدود العذارى
هل تذكرين كيف كنا محاصرين
نتلوى بين قبضة الجوع والحرمان
ولكننا لا نزال محاصرين سيدتي
كنا صغارًا نلوك الزجاج
المعجون بالخبز الشحيح
و نشرب الماء مرًا و نجري في الأزقة
مثلما تشق الأنهار طريقها الأول
نحطم الصخور و وعورة الطرقات
لنمسك بقطع من الحلوى الرديئة
تقبضها أيادينا الخشنة
فتسيل مثل الدموع
على وجه الطفولة المنسية
هل تذكرين
كيف كان أهلنا يخافون
من أن تخدش أيادينا الخشنة
صورة الرئيس الوحشية المسمرة
في كتب الدراسة الأولى
و عند رؤيتنا تلك الصورة
تعلمنا الخوف في أول صفحات العمر
و عرفنا كيف نقبع تحت أغطيتنا
نغمض أعيننا و ننام في ظلام أبدي
لا نزال نخاف سيدتي
من أن نفزز ذلك الوحش
المتواري في الصور المعلقة
على ركام الجسور والمباني
ذلك الاسم الثقيل المكتوم في صدورنا
مثل تعويذةٍ قديمة أو كبسملة
كتبت على الوجوه المسحونة بالحزن
بسملة نرددها بطريقة لا نهائية
نظل ضائعين بها
و تبقى أبوابنا موصدةٌ بالخوف...


زين العابدين سرحان - شاعر عراقي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى