محمد الرياني - نخيل

اللوحُ الزجاجي العريض أمامه ، الرخامُ الأنيق تحت قدميه، النخلُ الذي يصطفُّ على مدّ بصره بينما صوتها المضطرب يريد أن يطمئن، قال لها : إنه يحب النخل، وأن أمه كانت تضعه تحت ظل النخلة وتدخله في قطعة قماش مربوطة في ركبتي السرير وتهزه كي ينام، وقبل أن يغمض عينيه يظل ينظر في سعف النخلة وهو ينتظم على الجذع الطويل كالرموش ، تتعبُ ساقاها من التحريك لدرجة أنها تصيح!! تعبت رجلي وأنت لم تنم، نم.... وتقول كلمة بريئة لتخيفه، يقفل جفنيه وصورة النخلة في عينيه، أحبَّ النخلة إلى الآن ويعجبه الهواء المار بها، وقف في الصالة الأنيقة يرقب النخل الباسق ، يبدو أن كثرة النخيل في الممر الطويل في الساحة الواسعة لم يجذب أمًّا لتحرك ابنها في هندول لينام، عندما كبر تمرد على النوم، أصابه أرقٌ وقلق ذات يوم على الرغم من الخضرة التي تضيف جمالًا للوح الزجاجي ، السؤال الحائر القادم من بعد جاءه ليطمئن، صوته المبحوح من الألم ترك أكثر من سؤال واستفهام، تمنى أن يعود طفلًا لينام في (هندول) تحت نخلة واحدة، وأن يحكّ بشرته من النمل الهارب من جذعها ليسكن معه في مهد طفولته ولكن هذا لم يحصل، قالت له: إن صوتك متغير، كأن بك شيء، طمأنها وعيناه على النخل ويده على الزجاج تكتب بلا مداد كي يتسلى، وجد كرسيًّا وحيدًا بالقرب من الزجاج المطل فجلس عليه، تنحنح كثيرًا ليزيل ماعلق بحلقه حتى صفيَ صوته، اتصلت عليه من جديد ليطمأنها بأنه بخير، فاجأته بوقوفها خلفه، حضرت بنفسها لتتأكد من أنه لم يمسسه سوء، ترك لها المقعد ووقف إلى جوارها، أشار بإصبعه نحو قاطرة النخل ثم رفع صوته ليسمعها أنه يحب النخل.



محمد الرياني

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى