حمادة عبدالونيس الدرعمى - بينونة كبرى!

محدثا نفسه فى غضب عارم :تبا لهذه المساحيق التي شككت المرء فى كل شيء حتى نفسه التي بين جنبيه صارت فى قفص الاتهام لا يفتأ يجلدها موبخا بين الفينة والأخرى : ويحك أيتها النفس! كم كنت ساذجة!
أتظنين أن للثعالب دينا ؟ !كتاب الحياة مفتوح أمامك على مصراعيه !تصرخ المواقف فى وجهك مرات ومرات :لن يكون الذيل رأسا ، كتب الذل على المستضعفين ، أبت الخسة إلا أن تفضح أهلها على رؤوس الأشهاد! ينتفض مغاضبا قاطعا الطريق من مدرسته إلى البيت فى سرعة خاطفة يستوقفه تلميذ فى المرحلة الابتدائية :أستاذى هل من الممكن أن تقرأ لي هذا الحديث؟!
لا يجد بدا من الاستجابة لهذا الطفل البهي فالأطفال أحباب الله وهم أنقياء النفوس على الفطرة لا يعرفون حقدا ولا غلا !
يتناول الكتاب ينظر فى الدرس يصعق فكأن القدر ساق له هذا الدرس خصيصا حتى يعيد ترتيب أوراقه ويجمع شتات نفسه ويتخلص من ركام الأنقاض الذى علق به طويلا مستنفدا طاقاته دونما فائدة !
ردد يا بني ورائي:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل".
وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير ".
وروي عنه أيضا أنه قال : "لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ".
قرأ الدرس التلميذ فى دقائق معدودة ثم قبله قبلة حانية هامسا فى أذنه :أرجو أن تظل نقيا كما أنت ،إن أخشى ما أخشاه عليك الذئاب فى مسلاخ إنسان!
طوى الطريق إلى البيت فى سرعة البرق ، ألقي السلام متلاحقة أنفاسه ، تسأله زوجه : مابك ؟!لماذا عدت سريعا اليوم؟!
لم ينبس ببنت شفه ، يعمد إلى دولاب ملابسه يخرج ملابس داخلية جديدة لم تلبس من قبل ، يدخل الحمام يمسك بماكينة الحلاقة يحلق شعره يبالغ فى تقصيره حتي أضحت رأسه كبصلة بيضاء جردتها ربة المنزل من قشرها الخارجي!
الجو قارس ، يفتح الثجاج البارد ينزل تحت الماء ، يليف جسده ، يخرج الزفير بشدة كحصان جامح !
يرتدي ملابسه الجديدة، يقف أمام المرآة ، يبتسم يضحك مقهقها ، اليوم ولدت من جديد ، أخبروا الثعالب أن طفل قلبى شيبته المواقف الجليدية ! بلغوا القرود أن بساتين موزي ماتت كمدا ! ضربتها خسة الأنذال بالتعفن ، خبروهم أن أفدنة الفول السوداني شلت فى أرضها ، قولوا لهم : إني طلقتهم طلاقا بائنا لا رجعة فيه ، لا تبكوا على اللبن المسكوب ؛ فالصيف ضيعت اللبن .



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى