عبدالله البقالي - الملك و الوزير

في سلسلة "اقرأ" أورد الراحل "أحمد بوكماخ" حكاية لملك الغابة الذي كان قد اتخذ في لحظة مزاجية قرارا عين بموجبه الحمار رئيسا للوزراء. ومع مرور الايام، لا حظ ان مجلسه قد انخفض مستوى الحضور فيه. فهذا قط يداعب فأرا. و ذلك كلب يلهو بعظم. و ذاك قرد يتسلق عمودا.
لم يرقه الوضع. فبعث للوحوش الضارية يستفسرها عن سبب هجرها لمجلسه. فبعثت الوجوش رسولا حاملا الجواب:
رأي الرعية فيكم = من رأيكم في الحمار
هذه الواقعة - و ان كانت متخيلة- فهي تطرح إشكالا حقيقيا. ونقاشا حول معايير الحكم و فلسفة التدبير للشأن العام. و الاسس التي يجب ان تقوم عليها أنظمة الحكم. و المكانة التي يجب أن يحظى بها الكائن داخل هذه الانظمة. وما إن كان يتوجب النظر للكائنات على قدر من التكافؤ، أم يجب ان ينظر لكل واحد على حدة. و يولى له اعتبارا انظلاقا مما قد يمثله من مكانة وما يمتلكه من قدرة على التأثير. علما أن الحكاية لا تحمل توجها ثوريا في فلسفة الحكم. إذ وجود الحمار كوزير اول لم يترتب عن نضال الرعية. بل ترتب عن لحظة مزاجية انتابت الاسد. وهذا يفيد ان الاسد يمارس ارادته دون ان يولي الاعتبار لاحد. بما في ذلك الوحوش الضواري. و معنى ذلك ان الوحوش لا تعاني من قصور في الفهم و انما تدرك مدى عحزها و ضعفها. فهي تعي ان ما اقدم عليه الاسد هو عبث بتنظيم اقرته قوانين الطبيعة من خلال جعل اسفل السلسلة في الاعلى و الاعلى في الاسفل و هو ما يفترض ان ينتج عنه تحول اللاحم الى عاشب. و العاشب الى لاحم. وهو وضع ترفض ان تزكيه و تمنحه شرعية.
بالعودة الى جواب الضواري ، يتضح انها لم تتعد السقف الذي توقعه الاسد في رد فعلها. فهي لم تستطع ان تجهر بما تفكر فيه حقا. ولم تستطع انتقاد عبث الاسد الذي تجاوز حدود ارادته و قوته. ان سلطته لا يمكن ان تتجاوز زمن حياته. و انه مهما امتلك من قوة، لن يستطيع تغيير طيع الاشياء وكنهها ، وان كان يستطيع مؤقتا ان يغير المظاهر وتوزيع الادوار.
الضواري خافت من المواجهة. وفضلت الغياب. وحين تحدثت قالت ان الحمار هو المشكلة.
ماذا لو لم يكن هناك حمير؟ باي لغة واي حبر كان سبتم كتابة الرسائل؟

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى