فوز حمزة - زهايمر.. قصة قصيرة

وهو جالسٌ يرتشفُ قهوته السادة ويَسحبُ بين الرشفة والرشفة نفساً عميقاً من سيجارتهِ التي كانت له خير رفيقة ..
مرتْ من أمامه .. تختالُ في مشيتها .. نظراتهُ ظلتْ تلاحقها .. أعادته رؤيتها أربعين عاماً إلى الوراء فهمس لنفسه :
مَنْ هذه التي أمامي .. هل هذه العجوز زوجتي ؟!
أين اختفت تلك الفراشة الملونة التي كانت تملأ أيامي بهجةً وسحراً ؟!
أين الزهرة اليانعة التي لطالما ملأ عبيرها أنفاسي ؟!
حبيبتي .. كيف استعمر الزمن جسدكِ الممشوق ؟!
كيف انتصرَ على جمالكِ ؟!
أين اختفى ذلك الشعر الحريري الأسود ؟!
كيف هان عليه استبداله بهذه الخصل البيضاء .. وهذه الرقبة .. كيف زحفتَ عليها التجاعيد هكذا ؟!
أما هذه النهود الثائرة .. فلا أعلم كيف ألقتْ سلاحها هكذا واستكانت ؟!
لا .. هذه ليست بزوجتي ..
هذه أخرى ببطنٍ مترهلة .. أما امرأتي فقد كانت تملكُ أنحفَ خصر وأجملَ بطن .. بطنٌ لي معها ألف حكاية وحكاية وتلك اليد الرقيقة الناعمة ..
كم كنت انتشي وأنتِ تلامسينَ بها خدي!!
يا للأيام القاسية!!
لم تترك بوصة واحدة في جسدك لم تعبث بها !!
متى رحلَ ذلك الجسدُ البض الجميل ليحل محله جسد مترهل ؟
أين فرتْ امرأتي ؟
أيتها السنون اللعينة .. كيف هان عليك فعل ذلك بيّ ؟!
وهو يحاول مغادرة كرسيه .. لم يشعر إلا ويدها الخشنة المعروقة تسحب يده لتعينه على الوقوف قائلة :
هات يدك .. اتكأ عليّ .. لاتخف .. أنا معكَ ••
- فوز حمزة

أحدث المراجعات

نص مدهش، رشيق الأسلوب، سلس العبارة، ومكثف المعاني.
استطاعت الكاتبة ببراعة الإمساك بتلابيب القارئ.
أتمنى قراءة المزيد من النصوص التي تماثل هذا النص في جودته.
وانا ارتشف قهوتي السادة وأقرأ ما كتبت واستمتع وعند الانتهاء انتظرت والتفتُ يمينا يسارا كي أحضى بيدها تعينني على النهوض ونسيت انني كنت أقرأ ليس غير شكرا جميلة قصتكِ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى