حسين عبروس - مسرخنا... ومسرحهم ..

المسرح فن الفرجة،وفن انفراج الأزمة،صرخة في وجه الظلام حينما تشتدّ الأزمة، هو فجر الوعي الساحر في زمن الغباء، وهو نافذة على كل الفنون اللوحة والإيقاع، والكلمة المبطّنة المزدوجة بين النقد والمتعة.هو انبعاث من رحم المعاناة،وحركة محسوبة على خشبة الركح، والممثل فيه إمّ شعلة من لهب تهب المتفرج مساحة من الفرح ، وإمّا خيبة داكنة تزيد المشاهد أزمة على أزمة، لا أبالغ بأن اقول لكم: كم شدّ انتباهي عالم المسرح منذ الطفولة، من حركة مسرح (الميم) إلى حركة مسرح ( البانتومايم) ، ولذا عرفت عن خبايا المسرح الكثير، كما عرفت الكثير من أهل المسرح كتّابا وممثلين . لقد عشت أجمل تجربة مسرحية كنت فيها الممثل، وذلك في فترة طفولية أو بالأحرى فترة الوعي الشبّاني الجميل ، يوم كنت مع مجموعة من زملاء الدراسة في تانوية الأمير عبدالقادر بالجزائر العاصمة، وقد شاركنا بعرض مسرحي فيى المسرح الوطني الجزائري عام 1981وكان عنوان المسرحية ( إسمع واسكت يا حسان) وكانت مسرحية سياسية ونقدية للوضع الإجتماعي. تتناول مشكلة البطالة والسكن والنقل وكل الأزمات الداخلية،وكان مهندس تفاصيل المسرحية الصديقي الممثل والمخرج ( ابراهيم شرقي) ، ولمّا انتهى العرض تمّ توقيفنا من قبل الجهات الأمنية، وذلك رغم أن المسرحية نالت إعجاب المتفرجين ،وحصلت على الجائزة الأولى.وما أقلق بعض المتابعين السياسين استخدام بعص المقاطع الشعرية للشاعر أحمد فؤاد نجم التي تقول:
- شيّد قصورك ع المزارع // من كدّنا وعــــــرق الجبينا
- والخمّرات جنب المصانع // والسجن مطرح في الجنينا
-واطلق كلابك في الشوارع // واقفل زنازيــــــــــنك علينــــــا
- عمّال فلاحيـــــــن وطــــلبه// دقّت ساعتـــــــنا وابتديـــــــنا
-نسلك طريق مالهـش راجع // والنصر قرّب من عينينا.
ولكن بعد هذه البداية المسرحية الواعدة ،وجدت نفسي أختار الكتابة ،وأبحر في تجلياتها نصوصا مسرحية وشعرية ونثرية ونقدية ، وتركت الرحلة ليكملها صديقي ابراهيم ومن كانوا معنا.واليوم أقف من جديد لأقول أن المسرح الجزائري سقط في وحل الإقتباس الذي أضرّ بالمسرح الجزائري، كما سقط في متاهات التأليف الجماعي الذي لا أعترف به أصلا. كما سقط في رتابة اللهجة المحلية التي لا تتجاوز حدود الوطن. فسلام على أهل المسرح الذي يوقظ الناس من سباتهم ، ويوقف الطبقة السياسية عن غيّها من أجل بناء الوطن والمواطن الأكثر وعيّ والأكثر اعتزاز بالمسرح الهادف الواعي.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى