رسالة سارتر الى سيمون دوبوفوار

ربيع عام 1929
فتاتي الصغيرة العزيزة :
أردت أن أكتب لك منذ وقت طويل، مساءً، بعد إحدى تلك النزهات مع الأصدقاء والتي سأصفها قريبا في "الهزيمة"* . إنها من الليالي التي أصبح فيها العالم ملكاً لنا. أردت أن آتيك بسعادتي كمنتصر وأضعها أسفل قدميك كما كان الرجال يفعلون في عصر ملك الشمس.* ثم - متعباً من كل صراخي- أخلد إلى الفراش. أنا اليوم أفعل هذا من أجل متعة لا تعرفينها بعد، متعة الانتقال المفاجئ من الصداقة إلى الحب، من القوة إلى الحنان. الليلة أحبك بطريقة لم يسبق لك اكتشاف وجودها فيّ. لست مرهقًا من الترحال ولست محاصراً برغبتي في وجودك قربي. إنني أتقن فن حبي لك وأحوّله إلى عنصر أساسي من عناصر نفسي. هذا يحدث أكثر بكثير مما أعترف لك به. لكنه نادراً ما يحدث عندما أكتب لك. حاولي أن تفهميني: أحبك وأنا منتبه لأشياء خارجية . في تولوز أحببتك ببساطة. الليلة أحبك و المساء ربيعيّ. أحبك والنافذة مفتوحة. أنت لي، والأشياء لي، وحبي يغيّر الأشياء من حولي وهي أيضا تغيّر حبي.
فتاتي الصغيرة العزيزة، كما أخبرتك، ما ينقصك هو الصداقة. ولكن حان الوقت الآن لإعطائك نصيحة أكثر عملية. ألم تستطيعي إيجاد امرأة تكون صديقة لك؟ كيف لتولوز أن تفشل في الاحتواء على امرأة واحدة ذكية تستحقك؟ وتذكري، ليس عليك أن تقعي في حبها. أنت دائماً مستعدة لإعطاء حبك، إنه أسهل ما يمكن أن يُؤخذ منك. أنا لا أتحدث عن حبك لي، لأنه أبعد بكثير. لكنك مسرفة في علاقات حبك الثانوية الصغيرة. كتلك المرة في ثيڤيي* عندما أحببتِ ذلك الفلاح أسفل المنحدر في الظلمة وهو يصفّر بعيدا، والذي تبيّن أنه أنا.
حاولي أن تتعرفي على الشعور الخالي من الحنان والذي يأتي من وجود شخصين معاً. إن هذا صعب جدًا لأن كل الصداقات حتى بين رجلين كاملي الفحولة لها لحظات حبٍ خاصة بها. ولكنك تستطيعين الحصول على صديقة رغم هذا. ليس لدي غير مواساة صديقي الحزين حتى أحبه. إنه إحساس يسهل إضعافه و تشويهه؛ لكنك قادرة عليه ويجب أن تجرّبيه. و هكذا، بالرغم من مقتك العابر للجنس البشري* هل تخيلت كم ستكون مغامرة رائعةً أن تجوبي أنحاء تولوز بحثاً عن امرأة تستحق صداقتك دون الوقوع في حبّها؟ لا تقلقي بشأن المظهر الخارجي أو الحالة الاجتماعية. ابحثي بإخلاص. وإن لم تجدي شيئاً، حوّلي هنري پونز الذي بالكاد تحبينه بعد الآن إلى صديق.
أحبك من كل قلبي وروحي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى