ذياب شاهين - انشطار..

قادِماً مِنْ سُدمٍ بَعيدةٍ
يفتحُ عينيهِ
يسمعُ ضحكاتٍ مُريبةً
ثمَّ يسمعُ نشيجاً خافتًا
يسابقُ السَّنواتِ لتهذِّبَ ذاكرتَهُ
كما تهذّبُ الفأسُ
لحاءَ الشجرةِ
حالِماً يقفزُ في قفرٍ شاحبٍ
كوعلٍ ملولبِ القرنينِ
إنّها السنونواتُ تصطدمُ
بخشبِ الواجهةِ
ساقطةً في الشرفةِ
أهذا ما يسمونَهً الحتفَ
لمَ هذا العناءُ
لكنَّ السؤالَ يقصُرُ عن البوحٍ
المكانُ واسعٌ، تطيشُ فيهِ الرّصاصاتُ
أركضْ... أيُّها الشقيُّ
لكن إلى أين؟
إلى المستقبلِ الذي غدا ماضياً
يبتسمُ بمرارةٍ
يأخذُ نفَساً عَميقاً
لا يَرى في الافقِ سِوى أفقٍ آخر
وهِباتٍ ملطّخةً بالذنوبِ
يمسحُ بإصبعهِ بضعَ قطراتٍ
تصبغُ جبينَهُ
فيعدو هامساً: هنالك شيٌ ما...
لا بدّ من وجودِ شيءٍ
يسمعُ ضحكاً مخنوقاً
وصليلَ حصىً تحتَ كعبيهِ
تباغتهُ الظلمةُ
كضحكةِ شَرطيٍّ بوجهِ سَجين
ينامُ مثلَ كلبٍ فاتحاً
عينيهِ بالوصيدِ
فالليلُ كهفٌ واسعٌ كالبحرِ
الروحُ تتحرّرُ والعالمُ يتبدّلُ
الناسُ أشباحٌ
سواسيةُ كأسنانِ المشطِ
الحواجزُ تتكسرُ، والمرأةُ
التي لا يعرفُها
وضعتْ نهديها بفمهِ
للأرواحِ جوائزُ أيضاً
الماءُ يغسلُ أجسادًا عاريةً
لأصدقاءٍ ماتوا
وجوهٌ غاضبةٌ لأقاربَ
قاطعَهم منذُ زمنٍ بعيدِ
قريباتُهُ الميِّتاتُ
فرحنَ برجوعهِ
همسَ: ياللسماءِ
أيُّ عالمٍ فاتنٍ
إنّها الأرواحُ الخوالدُ
وما يتبقى منّا
أسعدني النوُمُ بما
عجزتْ دونهُ اليقظةُ
أيُّ جحيمٍ لولا الحلمُ
سعيدًا بانشطاري
بين ظلمتينْ بيضاءَ وسوداءَ
أيَّتُها الكفُّ اِغطسي بالترابِ
لألقاكِ تؤشّرينَ لي
مثلَ صوارٍ عارٍ بينَ الموجِ
في الجهةِ الأخرى
من العالمِ البائدِ

البصرة- الخميس
‏‏08‏/04‏/2021

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى