أ. د. عادل الأسطة - محمود شقير "حليب الضحى"

أهداني القاص محمود شقير مجموعته القصصية الأخيرة " حليب الضحى " الصادرة عن مكتبة " كل شيء " في حيفا في العام الحالي ٢٠٢١ .
لم اقرأ كل ما أصدره القاص تحت جنس القصة القصيرة جدا ، ولكني قرأت " طقوس للمرأة الشقية " ١٩٨٥ و " احتمالات طفيفة " ٢٠٠٦ ، ويمكن القول إن " حليب الضحى " أقرب إليها منها إلى " ورد لدماء الأنبياء / صمت النوافذ " ١٩٩٠ و " مرور خاطف " ٢٠٠٢ .
يقسم القاص كتابه إلى أربعة أقسام كل قسم يحمل رقما ( 1 /2/3 / 4 ) ويصدر كل رقم بمقولة :
1- لا تخف من الكمال فإنك لن تدركه ( سلفادور دالي )
2 - بغير هذا الحب لا تكن ( جلال الدين الرومي )
3 - عندما أبكي بجوار زهرة ، تنمو بوتيرة أسرع ( إميل سيوران )
4 - أجحد كل مخاوفي مقابل ابتسامة شجرة ( إميل سيوران ) .
وفي مجموعته هذه يكتب الكاتب عن القدس ولكنه يذهب إلى يافا قبل ١٩٤٨ وإلى أريحا ومدن أخرى .
من المؤكد أن تقسيم القصص إلى أربعة أقسام وتغير الأسماء والساردين يحتاج إلى تأمل وإمعان نظر ، وما يحتاج إلى إمعان نظر أيضا قراءة المجموعة في ضوء كتابات سابقة لشقير ، فعدا أنه صدر القصص بسطر من روايته " ظلال العائلة " هو " نظرت ليلى إلي بعينها الباقية، ابتسمت وقالت : نتبنى طفلة " نجده يوظف في " حليب الضحى " بعض أسماء كان وظفها في أعمال سابقة . بل إن السطر السابق من " ظلال العائلة " يرد في ص ٦٩ من " حليب الضحى " في قصة " سؤال " :
" والآن أتساءل : لماذا لم تفكر سناء بتبني طفل أو طفلة ؛ مثلما فعل قيس وليلى ؟! "
في خربشاتي على المجموعة وقراءاتي قسم من قصصها كتبت إن محمود شقير يخلق أشخاصا يسقط أفكاره عليهم ويجعلهم ينطقون بما ينطق به .
مثلا قصة " رقم " وقصة " المدينة " في الصفحتين ١٥٨ و١٥٩ . إن أفكار عليوان لا تختلف إطلاقا عن أفكار شقير نفسه . الموقف من المدينة وأثرها على من يقيم فيها و الموقف من العشيرة ثم حب مدينة القدس .
على الرغم من أن السرد يتم على لسان عليوان إلا أنك تشعر أنه قناع ليس إلا ، قناع للكاتب .
هل أذهب إلى ما هو أبعد فأكتب إن الكتابة الناعمة الأقرب إلى البوح تذكر بمجموعة محمود درويش الشعرية " حالة حصار " ٢٠٠٢ . كما لو أن أسلوب " حليب الضحى " خارج من معطف " حالة حصار " .
من يقرأ " تلك الأمكنة " ٢٠٢٠ لمحمود شقير ويتتبع علاقته بمحمود درويش وقراءته لشعره سيتساءل إن كان لهذه العلاقة وذلك الإعجاب وتلك القراءة تأثيرها في شقير ونصوصه .
" حليب الضحى " عموما تحتاج إلى قراءة دقيقة والنظر في كل قسم والعلاقة بين الأقسام ، وأما دال العنوان فيتكرر في قصص كثيرة منها القصص التي وردت في الصفحات :
٧٢و ٨٤ و ٩٦ و ١٠١ و ١٨٠ .
عنوان القصة في ص ٨٤ هو " حليب " ونص القصة هو :
" قالت ليلى : من ثديي سأرضعها حين نحضرها من حضانة ما .
سأرضعها حليب الضحى الذي يحميها من الشرور .
قلت : يبهحني هذا ، إن تعطف ثديك
واستجاب " .
طبعا القدس لها في القصص حضور لافت ، وصار دال القدس يطلق على الفتيات " قدس " مثل يافا وحيفا وبيسان و ... .
في مجال التجنيس كتب على الغلاف " قصص قصيرة جدا " وهي ليست منفصلة عن بعضها البعض ، فثمة رابط يربط بينها .
الغلاف يحتوي على رسم لرجل وامرأة ويحمل على رقبته طفلا .
مبارك الإصدار للقاص وشكرا على الإهداء .
٨ نيسان ٢٠٢١

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى