علي الفقي - كلما رأيت حلما تحقق.. قصة قصيرة

حتما سنلتقى يوما ،فى يوم معلوم وساعة محددة ،ترتدين نفس الرداء الأحمر الفاتح الواسع ، كلون قرص الشمس الأرجوانى ، الشفاف الفضفاض ،كما رأيتك فى الحلم تقفين على حافة عشب أخضر وسط صحراء مظلمة ،النور الوحيد الذى يشع على جسدى المرتجف ،كان منبعثا من عينيك فأنار هذه الصحراء .
نعم .. سأتحدث معك وانت تضعين كفيك الرقيقتينعلى خدى تملسين بهما على كل وجهى . الا عيناى لأننى سأفتحهما عن آخرهما حتى ارى شفتيك الورديتين ، الكلام يخرج من بينهما ،حروفا ، دررا ،وأرى ابتسامتك وتفلج أسنانك البيضاء والفرحة تملأ جبينك العريض لرؤيتى . فأراك كل زهور الأرض وورود السماء ونفتح حوارا متصلا لاينتهى فى ليل لاينتهى وسط صحراء مترامية لا نعرف اطرافها ، ولا نريد الحضر من بعدها ، لوجودك أنت النبع الذى سننهل منه وانت المائدة العامرة باصناف الفاكهة ، التفاح على خديك ، الفراولة على شفتيك ، العنب يساقط من عينيك الرمان ينحسر على صدرك يافعا ،من عينيك ومن فوق جبينك يحيط بنا النور فنعرف طريقنا الذى كان ضالا ومن بين اصابعك تتساقط الثمر الطازجة ...كل هذا ولم لا؟
الست أنت السماء ؟أعترف أنك السماء ، وفى السماء الجنة ،، باقترابك اقتربت الجنة ،أليست الجنة للصابرين ؟ وأنا من الصابرين ، فلماذا لاأنال الجنة ؟ سنلتقى يوما وأرتمى بين يديك واضع رأسى على صدرك وأبكى ، تسألين لماذا تبكى يا ...؟
لأنى خائف ، خائف من الموت يخطفنى دون أن أدخل جنتك .
اموت ولا يتذكرنى أحد، دون أن يكون لى حبيب يشغف قلبه من أجلى ، لايعبأ حتى بموتى ! وينتحب لفراقى ، ارحل من هذه الدنيا دون ان يتذكرنى احد ولو بحسنة واحدة توضع فى ميزانى ،ولايتذكر أحد أنى فعلت معه معروفا يوما ما أو ساعدت بعضهم على الكتابة وتقنيتها أو عرفتهم طريق نشر أعمالهم الأدبية ، وعاونتهم لطبع كتبهم الأولى وحملت هذه الكتب فوق كتفى أقدمها للصحافة والنقاد، أفرح لفرحهم وأهاجم من ينتقدهم بالسلب ...
فى اليوم الذى أراك فيه سأحكى لك ماذا فعلوا معى وكيف يعاملونى الآن ؟؟أبسط ماأقول التجاهل والنقيصة والنميمة و...
- 2-
اذا كنت أنت السماء فأنا الأرض التى كانوا يتعلمون عليها السير ،برفق وحنو الى أن اشتد
عودهم فوطأوا بقسوة وبصقوا عليها ومسحوا بصاقهم بأحذيتهم العفنة ،لكن الأرض تثمر من جديد وما فعلوه سماد جيد لثمار طيبة أخرى ..
3- سنلتقى يوما وأترك قلبى بين يديك ، بعد سماع طبول دقات قلبك تهتف بارتجاف من هذا اللقاء ، وأقول لك ياسماء أمطرى ، فالأرض عطشى يكاد البوار يصيبها ، ياسماء أنزلى ماءك الطهور حتى أثمر من جديد ، وتطرح أرضى زهورا وأشجارا ..
فى هذا اليوم سيغلق هذا الجهاز الساحر الذى خط على شاشته كلماتنا الأولى ، حروف الهجاء التى كونت علاقتنا وشخصيتنا ،جملة بعد جملة عرف كل منا ما يعذبه وما يشقيه ، ما يفرحه وما يحزنه، وسطر بعد سطر تشكل الماضى وانفتح مستقبل بمفتاح قلب ضعيف وأنا لا اراك ولا اعرف متى وكيف اراك ؟
نعم أعترف بأن ما يسكن بين ضلوعى هو قلبى لأنه أحب ، وتتألم عينى لأجلى وتبكى .. تبكى على ماض سرق من العمر،ماض لم يترك لى ذكرى رطبة ، ترطب حلقى بذكرها وحكايتها للأجيال .
يوم أراك ستتشكل حكاية جديدة وأنت جالسة معى ، أمامى ، خلفى ، فوقى ،حولى ..أنت هذا الغلا ف الذى يحيطنى ، مثل غلاف الجنين الذى سيخرج للحياة ،يبكى أولا ثم يتمتم بذكرك ، ثم يحبو حولك فتضمينه فى حضنك ضمة حانية رقيقة ونبدأ الحكاية من أولها مرة أخرى ، ونكتبها لتكون أسطورة تتوارثها الأجيال كحواديت جدتى وجدتك ..
نبدأها بتحقيق الحلم الذى رأيتك فيه ، أتعرفين لماذا ؟ لأننى فعلا كلما رايت حلما تحقق ، ولى فى ذلك مآثر كبرى ، سيتسع المجال لذكرها عندما تضعين كفك الأيمن الرقيق بين كفى ، بينما يدك اليسرى مضمومة تحت خدك منصتة بايتسامة زاهرة ، نعم سألتقيك يوما فى مواجهتى فينصهر وجهى عند رؤيتك لأنى عرفتك ..
فهل ستعرفيننى؟

علي الفقي


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى