السيد خلف أبو ديوان - د. سيد شعبان‏.. مارد السرد الجديد.

السيد شعبان جادو الشادي المتفنن ملح أرضنا الطيبة ونبت حصاد البأس والبؤس معًا، أحد أهم المبدعين منذ مديدة على ساحتنا الأدبية حضورا ومرارة، في لغة جديدة عذبة لفظا ومعنى، غريبة عن المشهد العام، وهذا يحمد له- والمحمود كثير- ويتسق مع مباديء مدرسة الجن التي تقدس حيوية اللغة وتجدد في أعرافها بإحياء معجمها الجميل؛ ليحور النص حلقة الوصل بين أدوات الأديب والمتلقي، فيرتقي الجمهور إلى الفن الخالص في رحلة صعود وكشف.
لا يملي الرجل على جمهوره سلسلة من الوعظ أو مسلسلا من جلد الذات في تقريرية ومباشرة لا يخدمان الحدث الأصلي إلا بصورة ضئيلة وبطريقة غير مباشرة، فهو يعي أنه ليس خطيبا- وإن كان يجيد لا شك- رغم إصابة الأبواب بالخرس، وتسلُّلِ ألف واشٍ في مصيدة أهداف خزي وزيف بمرمى ذاكرة مريضة، تهش بنصف عصاها على أحلام مرتعشة سرقها الجن وأخفى بعضها في فحولة ضامرة، وباع الآخر لذات منكسرة له فيها مآرب أخرى.
بل يتفوَّه بالحكمة بين عناكب كومات القش وألواح الخوف وبرودة الأوهام في أوراد مطمورة منذ قرون الصمت اليائس في مزاج سوداوي مأساةً وملهاةً، فلا تدري من يجسد ماذا وماذا يشخص من؛ فمرة تراه جُحا، وأخرى الناس، وثالثة الحمار.. في مدار متصل لا يقطعه غير لعب الثعبان في قرن الثعالب الثائرة، فوق ظهر فيل يضرب بخرطومه نيران السحر الأسود مسمارا سرديًّا، في جينات الحروف انتصارا لحوار ملحمي مع النفس، رغم تعدد الشخوص وكثرة الشخصيات وتنوع العناصر كافة، وصيرورة كل حاضرٍ بطلا رئيسا ومحركا لا يستغنى عنه، في إخراج تحفة فنية زاخرة بصوت راوٍ عملاق بين تعدد الأصوات في سواد غالب وسط ثورة الألوان النابضة.
صاحبنا أحد أمراء مملكة السرد الماتعين: تشريعا واختراعا..معجما ودلالة وأسلوبا.. صورة في عمق وتطهير.. ناقدا لا طبيبا.. مخبرا لا قاضيا، في صراع أزلي بين الذات الموهوبة والجمهور الجلاد، بين النص الأنا والمتلقي الآخر..
مهما يكن من أمر فسنظل معول هدم وبناء.. مستبدلين العفاريتَ بالأصنام؛ لاستعادة كل فراديسنا المفقودة، حتى يتوب الماءُ وتعتذر الأحجارُ. والله من وراء القصد.

#السيد_خلف_أبو_ديوان_رائد_مدرسة_الجن
18-9-2018.




1618486799913.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى