رسالة من حسن مطلك الى اهله

إلى أمي، وأم أشِقائي
إلى أصدقائي وأخوتي، وصغار البيت المُناقِرين دجاج المعمل.. إلى فضاء قريتي وأماسيها الخرساء. كل ما يذكرني بالحرية والحزن الجميل، ما يذكرني بكتبي وألعابي السحرية بالقلم، بالأبقار على سجادات الروث، بالعشب النابت على السقوف وقرب مرحاضنا.. كل قطعة، وكل ما يتفتت عن تلك القطعة: كبيرة وصغيرة، حتى الغيبة والنميمة في عُرف العجائز وشِيّاب الجامع العتيق واللاعبين بالخِصى والمسبحة.
تلك الفراغات، أو حزمة العدم، أو وزرة الهواء.. كل ما يبدر من بطش تجاه شخصي الرقيق، وما أعانيه من اضطهاد ومحو للإنسان الذي حوّلَته النقلات إلى عوّاء.
كان هنا حلم وتفَتت. كان عنق ينحرف نحو السماء فقُطِع. كان ثمة قلب وروح رقُوص، أصبح كل ذلك ذكرى.. كان ثمة إنسان ثم انتهى..
أعلن لكم عن فجيعة صغيرة غير محزنة.. بل مُفتِّتة.. لقد دَمّرَتني العسكرية، حيث لا راحة بال ولا نفس.. لا حق للعقل ولا حق للجسد ـــ هنا الشتائم... لقد كنتُ أدّعي المعاناة والآن أعيشها.. لا أستطيع أن آتي، لا أريد أن يتهمني أحد ان قلبي عليكم أشد ميلاً من قلبكم عليّ.. خاصة أمي... لم أُمنَح اجازة حتى ليوم واحد.. تدريب حتى في الجمعة، وربما سآتي في الأسبوع القادم إن شاء (السيّد) المُقَدّم.
تحياتي للجميع.. أرجو منك يا صديقي محسن أن تدرس جيداً وتقرأ كثيراً.. قبلاتي لأمي.. وسلام للأخ أحمد.. وكل الأخوات.
حسن مطلك
1983ــ 12ــ21

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى