د. منى حلمي - إله واحد فى السماء ومائة مليون إله على الأرض

كيف يتجدد الخطاب الدينى، والمحاولات كلها، تشرب من البئر نفسها؟.. كيف للأبجدية القديمة أن تكتب كلامًا جديدًا؟.. واللحن المغاير لا بُدّ له من نوتة موسيقية جديدة . هذا بديهى، ومنطقى.

كيف التجديد، وأحزاب المرجعية الدينية، نشطة وتروج للفتاوى السلفية المستوردة؟، والتفسيرات الدينية الجديدة، المسالمة، لا تحمل أسلحة قتل مادى أو معنوى، مدانة بالكفر والارتداد، عن الدين؟ كيف نُجدِّد، وقضايا التكفير الدينية تطارد، منْ يفتح فمه، برأى مختلف، فى الطقوس الدينية، ودورها فى تقدُّم مجتمعاتنا، وارتقاء البشرية؟

إله واحد فى السماء، يقول: «لا إكراه فى الدين»، وملايين الآلهة على الأرض، تُكفِّر، وتشتم، وتهدر دم أصحاب الرأى الدينى المختلف.

تجديد الخطاب الدينى، يسبقه تجديد خطاب الحياة.. وهذا يعنى ترسيخ الدولة المدنية الحديثة، فى الحياة الخاصة، والعامة، وإلغاء الذكورية، ومحاكمة جرائمها، ليس فقط على النساء، نصف البشرية، ولكن على البشرية كلها، تمامًا مثل محاكمة مجرمى الحروب، والأفكار الفاشية.

إذن يكمن التغيير الحقيقى، فى «تجديد خطاب الحياة».. أقصد تدعيم لغة الصواب والخطأ، وليس لغة الحلال والحرام، أو لغة التمييز الدينى، وإلغاء قوانين ازدراء الأديان، وإنكار المعلوم من الدين بالضرورة، وإلغاء خانة الديانة، ومحاصرة فتاوى الإرهاب.

علاقة الإنسان بربه، تحسم أنها علاقة شخصية خاصة، لا يحق التدخل فيها، أو الوصاية عليها، حتى من رجال الدين أنفسهم.. ولا بُد من توفير حدود دنيا كريمة للعدالة الاجتماعية، وتمثيل عادل للأقباط والنساء، فى الوظائف والمناصب، وإطلاق الحريات التى لا تؤذى أحدًا، واستشارة النساء فى تعديلات الأحوال الشخصية، وتنفيذ أولويات نهضة الدول، واحترام الآراء غير المألوفة، ليس فقط فى الدين.

فأنا أندهش، حينما أقول، أفضل «أسمهان» السورية، عن «أم كلثوم » المصرية، حيث أتهم بالذوق الفاسد، والتجرؤ المريب، على رفض الذوق الجماهيرى من المحيط إلى الخليج، إلى درجة الاتهام بالخيانة الوطنية. وعندما أقول، أفضل الموسيقار «عبدالعزيزمحمود»، والمطرب « كمال حسنى»، «مصريين»، على «عبدالحليم حافظ»، يتهموننى بافتقار الحس الموسيقى، والذوق المشبوه، وخيانة ثورة 23 يوليو 1952، لأن عبدالحليم، كان صوت الثورة. أهذا مناخ صحى لأى تجديد؟

أنا مثلاً، أحب فاتن حمامة،، إلا أننى لا أتهم أحدًا، يفضل أخريات.. ليس من حقى، ولا أقبل أن أكون جلادًا، يعدم حرية وخصوصيات الناس، فى أذواقهم الفنية، التى لا تضرنى، ولا تنفعنى.

إذا كنا نعتبر نقل المومياوات، حدثًا عظيمًا، احتفاء بالحضارة المصرية القديمة، فإن الحدث الأعظم، هو صناعة الحضارة المصرية الحديثة. حضارة تكسبنا نزاهة الأخلاق، وأمانة الضمير، ورقى الحياة.

من واحة أشعارى

الكذب
يعربد فى أجسامهم
مثل المرض العضال
يسرى كما الدم فى الوريد
النفاق
يقفز من عيونهم
نظرات
ومن أقلامهم العرجاء
كلمات
تكافئهم بجنة العبيد
الغِل
ينخر فى عظامهم
حتى النخاع
الحقد
يلتهم بشهية قلوبهم
كأشرس الجياع
الخبث
بضاعتهم الوحيدة الرائجة
وغريزتهم الموروثة الهائجة
عليها يحصدون
أوسمة التقدير والإبداع.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى