إسلام العيوطي - أهمية التعليم فى النهوض بالأمة

إنّ أهمية التعليم مسألةُُ لم تعد اليوم محلّ جدل فى أي منطقة من العالم ، فالتجارب الدولية المعاصرة أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن بداية التقدم الحقيقية - بل والوحيدة على الإطلاق هى التعليم وأنّ كل الدول التى تقدمت بما فيها النمور الآسيوية تقدّمت من بوابة التعليم ، بل إن الدول المتقدمة نفسها تضع التعليم فى أولوية برامجها وسياستها .
ولقد تأخرت الأمة العربية والإسلامية كثيرًا فى القرون السابقة تحت وطأة ظروف عديدة بعضها خارجي والآخر داخلي ، فسبقتنا دول كثيرة وتناءت بيننا المسافات ، واتسعت فجوة التخلف حتى تضاءل الأمل عند الكثيرين فى اللّحاق بالمتقدمين الذين أغدقت عليهم الطبيعة
والذين استفادوا من الفرص والإمكانات
والآن قد حانت الفرصة ليستعيد هذا الشعب العريق مكانته وهذا المكان العبقري صدارته ،، إن أمامنا الآن فرصةً ذهبية
لنستفيد من قوة جديدة ومتجددة هى فى الواقع تطوير واستثمار لقوة قديمة كنا نحن أصحابها يومًا من الأيام ألا وهى قوة العلم إن هذا ممكن إذا توافرت لدينا قوة الإرادة
والتفاني الذي هو سمةُُ من سمات أجدادنا العظام .
فهل نتمسك بهذه الفرصة التى قد لا تتكرر ؟
وهل نسلك الطريق الذى يصل بنا إلى التفوق ؟
هل آن لنا أن نستعيد تماسكنا الإجتماعي ؟
وهل آن لنا أن نتخلى عن الأنانية وحب الذات ، وأن نتذكر أن أمامنا جميعًا رسالة فى هذه الحياة حتى لا يصبح وجودنا
حياة نقضيها بلا عمل يشكر ، وخطى نمشيها بلا أمل يُذكر
هل آن لهذا الشعب العظيم - الذي أشعل يومًا مشعل الحضارة وأشاع ضوء الإستنارة فى العالم منذ آلاف السنين - أن يتجاوز مرحلة التباهي بالماضي التليد وأن يضيف إلى اعتزازه بتراثه العريق إرادة قوية قادره على تحقيق مكانته في المستقبل ، تضاهي عظمة الماضي وتليق بمعدن هذا الشعب وعبقرية هذا المكان ؟
إن تقديمنا لرؤية مستقبلية شاملة لتطوير التعليم فى أمتنا العربية والإسلامية قد يستدعي الحديث عن التعليم قبل الجامعي ، وإلقاء الضوء على التعليم الجامعي من منظور عالمي ، باعتبار أن لكل منهما أهدافه و وسائله التى تتلاءم مع المرحلة العمرية التى تتعامل معها. هذا وإن كانت رؤيتنا لمستقبل كل منهما لا تختلف كثيرًا إلا بما تفرضه اعتبارات المرحلة العمرية التى تتعامل معها كل مرحلة تعليمية
وإن كان كل جيل مسئول عن أفكاره التى قد تتسرب بعلمه
أو بغير علمه إلى نفوس الأجيال الجديدة ، لذلك يحسن تفسير تلك الأفكار من حين لآخر حتى لا يساء فهمها فالدنيا حلقات
كل جيل يجب أن يمد يد العون والمساعدة للجيل الذى يليه
إذا تم ذلك فى أمة فقد صح كيانها واستقام شأن الجسم السليم بسلسلته الفقرية المتماسكة ، وإذا لم يتم ذلك فنحن أمام كائن سقيم إنفصلت حلقات وجوده وأنفصم عمود ظهره ولم يعد يصلح للبقاء .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى