رسالة من صباح محسن جاسم الى فاضل ثامر

العزيز الأستاذ فاضل ثامر المحترم
تحية واعتزاز

رسالتكم - وهي بحق رسالتنا جميعا - الموجهة إلى زميلنا وصديقنا الشاعر الكبير سعدي يوسف ، جاءت مناسبة لتعبر عن ما يجول في ضميرنا العراقي.
فترة خلت ومنذ إطلالة نهضتنا المفترضة كان في مسعانا الشخصي وبتواضع نعتز به طموحا في أن نمد يد العون لشخصية مهمة تستحق منا الوقفة العراقية لانتشالها من براثن ما تمليه الغربة والتغريب ، عليها وعلى العديد من رموزنا العراقية التي نشترك وإياها في تجارب عديدة ومعاناة متفردة لم نتخلص من براثن مشاريع من يقف وراءها ليسجر نيران فرقتنا بحسب طبيعة ما تمليه الصراعات الأوربية- الغربية ومدى اقتراب وابتعاد مصالحها الرأسمالية التي لم تعد بخافية على أحد. غير أن من المؤلم أن تبقى تستغلنا وتثلم في كرامتنا بتبريرات واهية بحكم انفلات ذلك الحبل السري الذي طالما بقي في شد وشداد مع من تغرب عن وطنه ليوقع به كيف ما تمليه طبيعة مصلحة مثل ذلك الصراع .

الرسائل لسعدي هي غير كل الرسائل فهو يستحق منا الوقفة بالطريقة التي نسلم بها عليه من الإيغال في بحر هذا التمزق الذي بدأ يضبب له رؤاه بالضرورة التي قست عليه بها الغربة المقيتة.
تبقى الرسائل خالصة بعراقيتها المعروفة والتي لا يقرأها كل من كتب. نحن بحاجة ماسة لإنقاذ ما تبعثر من بعضنا خارج وطننا المنكوب وسعدي ليس بالأخير ولا بالأول – تلك لعبته الاستفزازية المعروفة -.
نعم هو وضع صعب للغاية ولا يفهمه ويدركة سوى العراقي الممتد.
نحن في اتحادنا المهيب نشعر بقوتنا الحقيقية من خلال التوجه الذي تواصلونه بدءا من المسعى الحثيث للحفاظ على هوية اتحادنا المستقلة وبعيدا عن أساليب الثقافة الدكتاتورية وجهودكم القيّمة في استعادة المكانة الطبيعية لإتحادنا وسط لحمته العربية وضيائه الدولي.
مؤكد تماما نحن لسنا أمام خيارات جاهزة بل وسط تفاعل وتجاذب وشد نحقق وحققنا أساسيات وجودنا كجسم حي وليس مجرد وسيلة كما أرادت وطمحت إليه دكتاتوريات زمن الثقافة المستلبة.
نحن الآن أمام فرصة لحراك ثقافي نعوض به ما فاتنا طيلة عقود ولنتفاعل مع أدبنا العربي والعالمي بكل ألوانه سيما والطموح المتميز لأديبنا ومثقفنا العراقي الذي صقلته ضروب التجارب والعذابات.نحن كذلك العصفور الذي كتب عليه الأنحباس داخل قفص طيلة عقود وما ان حانت فرصة سقوط بابه فأصابه الأندهاش - كم نعرف عن أدب جوارنا ؟ ما نسبة ما طالعناه من الأدب الهندي والتركي والفارسي وأدب دول الخليج ؟
ما ينجزه اتحادنا الآن وفي ظل كل هذه الظروف من عقد اصبوحاته وأماسيه الثقافية ونشاطاته الدورية لا ينجزه سوى اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين وعلى مستوى العالم.
كان طموحنا لمن هم خارج الوطن أن يوصلوا رسالتنا الإنسانية ويدعمونا فيما هم يقيمون حفلات البيتزا ويمرحون منتشين بما يليق بهم وأكثر، وأن يباركوا لنا جهودنا ونحن نقاوم مخلفات دكتاتورية مقيتة إضافة إلى جهد مواجهة مباضع محتل مهدت له دكتاتورية عهود سابقة مبيتة لنا كل هكذا أمر.
ما يفترض في سعدي هو التفاعل من أجل أغناء الجهد الثقافي العراقي ابتغاء حراك حقيقي داخل عملية تفاعلنا الاجتماعي لا الغناء لمجرد الغناء والتلذذ بالتألم خارج السرب وكأن العراقي جبل على الألم في عقد دم دائم لا فكاك منه كعقد (مفستوفيلس ). لا بأس إن أختار هو البعاد لكننا نريده أيضا معنا هنا في أتون نصارع أواره مجتمعين. نريده معنا لأننا نعتز بقوتنا لا بضعفنا الذي يطبل له منتفعو أزلام نظام حرق الأخضر واليابس.
نحن العراقيون نذيب عذاباتنا وتمزقنا وغربتنا ونلم أعواد عشتنا الخالدة .. لقد احترقنا بما فيه الكفاية وآن لنا أن نتجاوز مثل ذلك المخاض العسير فلقد ( تجهجر) فجرنا العراقي وليس من مثلنا من تحمل ويتحمل آثار مشارط التغيير صوب خطوتنا اللاحقة .. نحن فقط ممن يملك زمام ثقافتنا الحقيقية الملونة ولا فضل للون على آخر.
وطنك باق يا سعدي .. لا هولاكو ولا جنكيزخان ولا غيرهم بمقدوره تشويه شمس بلادنا رغم كل محاولات السلب والنهب والتدمير.. ذلك لأننا كتب علينا أن ننبت شجرتنا من جديد.
يبقى سعدي حر فيما يتخذه ويقره ، هو جزء منا ولا نفترق عنه بالمعنى الذي يدركه هو .. لكننا نريده أن يبقى في تعامله واتهاماته بالحدود التي تمليها الموضوعية. ولا نريد منه أن يكون تلك ( التعلاوة) فوق كل ما ننوء تحته من حمل. فلتترفق بحق بنا يا سعدي ولتتذكر أنك تخاطبنا جميعا .
مجتمعين متعاونين سيبقى الوطن بنا وبخلافه ، لا سامح الله ، لا نطمح لمن يركب الموجة-الفخ أن يشرب من ماء بحر فالحياة هي التي تسير كما دجلة والفرات وهي بعينها الأبقى والأرقى

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى