د. عبد القادر رابحي - تَأهَّبْ للعَرْضِ الحَيِّ مِنْ خَارجِ فَصْل المُوضَة..

-1-
هَلْ مِنَ المعقُول
أَنْ يَكونَ كلُّ شيْءٍ لذيذًا
كَثيرٌ مِنْ الأشْيَاء مُرّة جِدًّا
و مُقْرِفةٌ كثيرًا
و لِكنَّك تَراهَا كُلَّ يوْم
عَالِقةً بين عَيْنَيْك
كَمَا تعْلَقُ الذّكْرَيات المٌرّةُ
بيْنَ أَسْنَانِ العُمْرِ الأجْعَد..
الذكْرياتُ لثّةُ الكلِمَاتِ الصَّدِئَة،
فُسْحةٌ بين عَاجَيْن
و توَرًّدٌ مؤْلمٌ بيْن بيَاضَيْن..
-2-
هَا أَنْتَ تعُودُ كمَا كُنْت
بِلاَ رَبْطةِ عُنق
إلى بيْتِكَ الأوَّل..
مَنْ كانَ يُصدِّق
أنَّكَ سَتنْزِلُ ذَاتَ يَوْم
منْ رُباعِيّة الدَّفْع السَّوداء..
لاَ يَزالُ محرِّكُها يَدُور
في عُيونِ أَتْرابِك الغيُورِين!!
😚

كُلُّ شيْءٍ علَى المَقَاس
اخترْ فقَطْ ما يناسِبُ قامَتَك
و تَأهَّبْ للعَرْض الحَيِّ
مِنْ خَارجِ فَصْل المُوضَة..
ستُصَفّقُ لكَ كثِيرا
تِلْكَ الطُّيورُ الهرِمَةُ التِي تَقِفُ عَلَى غُصْنِ الحيَاة
و أنْتَ تنزعُ القُفّاز الأسْوَد
و تحيِّي المُصوّرين
بيَدِك البيْضاء النّاعِمة..
-4-
قَدْ تصِلُ باَكِرًا
وتَنْتظِر ُطَوِيلاً
و لاَ يَأْتِي أحَدٌ..
هكَذا تكُونُ الموَاعِيدُ
أُمْنِيةَ الرَّجُلِ الذَّائِب
فِي كَأْسِ الوَقْتِ المَثْقُوب..
-5-
مَنْ سَبَقَك
لمْ يسْبقْك
و إنّمَا ذهَبَ قَبْلَك
و وَصَل قبْلَك..
أيْنَ كُنْتَ أنْت
حِينَمَا كانَ يتأَهّبُ للسَّفَر
مُتَحَزّما بأَسلاَكِ الرِّيح
و مُثْقَلاُ بِزادِ الأَسْئِلَة.؟
-6-
المِجرَّاتُ بَعيدَةٌ جِدًّا
لاَ يسْتَطِيعُ الحَالمُون أنْ يَصِلُوا إليْهَا..
يَمدُّون أيْدِيهُم عَاليًا
لكِنْ دُونَ جَدْوَى..
أَصْوَاتُهُم قَصِيرةٌ،
وأعْناَقُهُم مَرْدُومةٌ تحْتَ رُؤوسِهِم الثّقِيلَة..
الأَجْنِحةُ تُباعُ خِلْسةً فِي السُّوق الموازِيَة،
لكنَّها لاَ تطير..
و حَتّى لوْ طَارَت،
فلَنْ تذْهبَ بَعيدًا..
كعَادَةِ الصَّوارِيخ التي لاَ تُصِيب..
هذَا الأفقُ مُكْتظٌّ بالطَّامِحِين
لكُلٍّ حُلمُهُ البَارِد
كفِطْرِ شتَاءٍ مُجْتثٍّ مِن تُربةٍ هَزِيلَة..
فِي الرَّصِيفِ المُبلَّطِ حَدِيثًا
أَعْقَابُ سَجَائِر تَنْطفِئُ بِهُدُوء
فِي رِئاتِ المَارّةِ السّوْدَاء،
وَ وقْتٌ طَويلٌ يَضِيع
كَمَا في قَصَصِ العهْدِ القَدِيم..
-7-
ليْس للظُّلمَةِ سُلْطةٌ علَى أحَد..
بإمْكَانِكَ أنْ تُشْعِل شَمْعة
و يَنْتَهِي كُلُّ شَيْء..
نَزقُ الفَيْلسُوف،
و يقَظةُ الثَّوراتِ الكاذِبة،
و حَماسُ الزُّعمَاء الواقِفين في الطَّابُور..
النُّورُ لاَ يُباعُ فِي بطَّارِيّة مُستوْردَة..
النُّورُ يَأتِي مُبَاشَرَةً
مَنْ نَبْعِ قَلْبِكَ النَّاسِكِ
ذَلَك السَّاكِن فِي مَعْنَاك
كَمَا تَسْكُنُ السُّوسَة المُبَرمَجَة..
فِي ضِرْسِ العَقْلِ المَحْض..
-8-
مَنْ أعْطَاك الحَقّ
في أنْ تُعيِّرَ الأعْرجَ. !
الأَعْرجُ خَيْرٌ مِنْك..
هُوَ، عَلَى الأقَل،
يَرى العَالَمَ السَوِيّ
مِنْ زَاوِيةٍ لاَ ترَاها أنْت..
-09-
بَدْلةٌ زَرْقَاء
و قَلْبٌ فَاتِر
يَكْشِفُ كُلَّ شَيْء
كَأنّمَا المِرآة في كبِد الجَسَدِ الفَارِع..
ليْس للعُشّاق
مَا يقُولُون هذِه اللَّيْلَة..
-10-
كعَادَتِها السَيِّئة
تنْتَهِي الحُروبُ المنْسِيّة
بِموْتِ الطّفل اليَتِيم
تَحْتَ وطْأة الجوْعِ الأزْرَق...
هَكَذَا أَخِيرًا
يَتعَانَقُ الأعْدَاءُ
وتُصَفِّقُ الحشُود لانْتِصَارِ الحِكْمَة،
وَيَعُودُ الأَبْطالُ إلى نِسائِهِمْ الوَحيدَات..
-12-
كُلّ شيْءٍ جَميلٌ
لَوْ أنّكَ تَمعَنْتَ في هذِه الأشْيَاءِ
و هيَ تَأْوي إِلَيْك
كَمَا تَأْوِي الأَرْواح
إلى مِرآب النّهَايَة..
تَمعّنْ فِي هذِهِ الأحْجَار
كمَا لوْ أنّكَ أنْتَ
مَنْ شيَّدَ حَدَائق بَابِل..

سعيدة في:27/06/2020


  • Like
التفاعلات: عامر البري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى