أ. د. عادل الأسطة - ذاكرة أمس ٣٣ : المسجد الأقصى أجئت تزوره؟

أمس قرأت في صفحة " روايات وليد الهودلي
" كتابة عن المسجد الأقصى وزيارته ، للصلاة فيه ، في الجمعة الأولى من رمضان ، حيث تشدد إسرائيل الإجراءات الأمنية وتحد من تنقل الفلسطينيين وتمنعهم من الوصول إلى الأقصى .
الكاتب يقتبس فقرة عن قاض طلب منه أن يحكم في خصومة حول طفل بين امرأتين ؛ واحدة ولدت وثانية ادعت .
أراد القاضي اختبارهما لمعرفة الأم ، فطلب منهما أن تمسكا بالطفل كل من جهتها لتأخذه . الأم البيولوجية أمسكت والمدعية رفضت ، فحكم القاضي للتي ولدت ، باعتبارها الأحق .
والحكاية ليست كذلك .
القصة تعود إلى سيدنا سليمان الذي حكم للأم التي ربت لا التي ولدت ، فالأولى خافت على الطفل أن يمس ، من الشد ، بسوء ، وهذا الحرص افتقدته الأم التي أنجبت .
الكاتب الألماني ( برتولد بريخت ) وظف القصة في مسرحيته " دائرة الطباشير القوقازية " ليقول إن الأرض لمن يدافع عنها ، لا لمن يرثها ، وقد أفاد غسان كنفاني في روايته " عائد إلى حيفا " من المسرحية .
لمن فلسطين ؟ وفي مقال صفحة " روايات وليد الهودلي " لمن القدس ؟
كاتب المقال يقول إننا أصحاب المدينة والاسرائي ليون مغتصبون - يعني نحن الأم التي ولدت لا التي ربت ، وأنا عقبت على الكتابة برأي مختلف .
حتى لو كان اليهود أسبق في القدس منا ،
وكان هيكلهم تحت المسجد الأقصى ، فإننا نحن من عاش على هذه الأرض منذ ١٥ قرنا ، ونحن من دافع عنها في زمن الغزو الصليبي ، وأما هم فقد تركوها كما تركت الأم التي ولدت ابنها . نحن الأم التي رعت وبنت وأحيت وحافظت على المباني وما زالت متمسكة فيها رافضة تركها .
الولد لمن يربيه لا لمن يبذره ويتخلى عنه ، والقدس لسكانها المقدسيين ولأحفاد صلاح الدين الأيوبي الذي حررها بعد ٩١ عاما من وقوعها في الأسر الصليبي . أين كان أصحاب الهيكل يومها ؟
في العام ١٩٣٧ زار أمير سعودي مدينة نابلس وتوجه منها إلى القدس ليزورها ويصلي في الأقصى ، فخاطبه الشاعر عبد الرحيم محمود قائلا :
" يا ذا الأمير ! أمام عينك شاعر
ضمت على الشكوى المريرة أضلعه
المسجد الأقصى أجئت تزوره
أم جئت من قبل الضياع تودعه ؟ "
والمقدسيون منذ ١٩٦٧ وهم قابضون على الجمر ، متمسكون ببيوتهم ومساجدهم وكنائسهم . إنهم الأم التي رعت والقدس من حقهم والوصاية عليها لهم وللشعب الفلسطيني أولا وأخيرا .
لوليد الهودلي رواية عنوانها " فرحة " وفرحة هي أم الأسيرين عمر ونائل البرغوثي ، وهي امرأة مناضلة . كلما زارت ابنيها في السجن نطق السجان الإسرائيلي اسمها " فرخة " لا فرحة ، لصعوبة نطق اليهود الغربيين حرف الحاء ، حيث يلفظونه خاء ، وكانت هي تجيبه :
- فرخة ولكن أنجبت ديوكا .
وأمس كان يوم الأسير الفلسطيني وذكرى اغتيال " أبو جهاد " خليل الوزير .
في خلاف الإخوة حول بيت العائلة تجدهم جميعهم يريدونه لأبنائهم ، فمن الأجدر باستحقاقه منهم ؟ الذي يهمله ويجعله مزبلة أم الذي يرعاه ؟
وكلهم ورثة .
صباح الخير
خربشات
١٨ نيسان ٢٠٢١
1
3 commentaires

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى