أبو بكر اللمتوني - من أجل الخطيبة

ظل العدلان السيد (زين الدين) والسيد (منير) يتدارسان رسومهما منذ أفطرا معا حتى أذن مؤذن الظهر، وقد طرب السيد (زين الدين) لصوت المؤذن، فقد كان يظن أن هذا الصوت سيعجل بانصراف زميله، ولكن ظنه كان خاطئا، فلم يبد السيد (منير) ما يشعر باعتقاده أن لهذه الجلسة نهاية، وبالرغم من أن السيد (زين الدين) لم يكن ينوي تقديم الغداء لزميله، فإنه أمل أن يكون الغداء هو ما ينتظره الزميل لينصرف، ففزع إلى أمه يطلب منها أن تلفق للضيف غذاء مما يتيسر لها من المآكل، وبفضل حكمة أم السيد (زين الدين) وحسن تدبيرها وسع السيد (منير) أن يأكل حتى تجحظ عيناه، ولكنه مع ذلك لم يبد أي رغبة في الانصراف!
ولم يكن السيد (زين الدين) ليضيق باعتكاف زميله في بيته لو أن الزميل اختار لاعتكافه يوما آخر، ولكن السيد (زين الدين)، في هذا اليوم وفي هذا المساء بالذات، مرتبط بموعد لعله أن يكون هو الجسر الذي سيعبره نحو المستقبل السعيد، وكيف إذن لا يضيق بزميله الثقيل، وهو لا يحب أن يتركه لشانه، فيعنى بنفسه، ويهيئها للقاء الموعود.
وأخيرا قال السيد (زين الدين) لضيفه في غير قليل من الضيق:
إنني على موعد هام في هذا المساء، وسأذهب لأصلح من شأني.
وفي غير قليل من البرود أجابه السيد (منير):
- اذهب، وسأنتظرك هنا حتى نخرج معا.
وغاب السيد (زين الدين) طويلا في حجرته الخاصة التي كان بابها مواجها لباب الحجرة التي جلس فيها السيد (منير).
وحين خرج كان مظهره يشعر بأنه افرغ فيه كل ما يحسنه من فنون التطرية والتجميل، ولكن لا جلبابه الناصع البياض، ولا بلغته الفاقعة الصفرة، ولا قفطانه الدقيق التفصيل، ولا عمامته المحبوكة التلفيف، ولا وجهه المتورد الخدين، لفت نظر ضيفه بقدر ما لفتته لحيته الحالكة السواد، لقد بدا للسيد منير أن هذه اللحية قد طالت بشكل ملحوظ.
كلا- قال السيد منير في نفسه- إن اللحية لا يمكن أن تطول في هده اللحظة القصيرة، صحيح أنها تطول باستمرار، ولكن ببطء لا يمكن أن تلاحظ معه الزيادة التي زادتها ما بين دخول صاحبها إلى الحجرة وخروجه منها، وزاد السيد (منير) يحملق في اللحية، فبدا له واضحا أنها لم تطل، ولكن شيئا ما وجد عليها فجعلها تبدو أطول مما كانت. ترى ما هو هذا الشيء؟َ!
وكان السيد زين الدين تطوع للإجابة عن هذا السؤال حين مرر راحته على لحيته ثم قربها من عينيه وجعل يتبينها جيدا.
وإذن فهو ينتظر أن يرى أثرا يلصق براحته من لحيته.
وحين وصل السيد منير إلى هذا الاستنتاج عرف كل شيء، عرف أن زميله إنما دخل إلى غرفته ليخضب لحيته.
ولم يسع السيد منير إلا أن يضحك كثيرا.
ولما نظر إليه السيد زين الدين مستفهما ، لم يحجم أن جابهه يقول:
- لقد كنت محقا في تسترك، لأنك إنما كنت تقوم بعملية تزوير.
- كيف ؟ أنني لا افهم شيئا.
فكان جواب السيد منير أن مرر أنامله على لحيته أفقيا يحكي حركة «الطلاء».
وقال السيد (زين الدين ) مغالطا:
ومادا في ذلك حتى اخرص على كتمانه!!
لأنه كما تفوت مزور النقود الفائدة التي يلتمسها بتزويره إذا ما فضح أمره؛ تفوت مزور الشباب اللذة التي يتحراها من تزويره إذا ما كشف صنعه.
وحاول السيد (زين الدين) أن يغالب الضحك، ولكنه لم يستطع، فشفع ضحكته بوكزة سددها إلى جنب صديقه وهو يصيح به:
- يا لك من شيطان!
- قل لي بربك فيم كل هذا البهرج؟
ومال السيد زين الدين إلى أن يكاشف صديقه بأمره، ويستأنس برأيه، فهم أن يتراجع عن تكتمه بالتدريج، ولكنه وجد أن موعده قد أزف، وأن ما بقي لهذا الموعد لا يتسع للاستدراج، فأسرع يقول لزميله:
- لابد أن تكون قد خمنت، ولابد أن يكون تخمنك قد هداك إلى واقع أمري.
- نعم نعم، لا ينبغي أن يكون هناك شيء يهمك أكثر من الحصول على الزوجة الصالحة، فأمك قد كبرت وضعفت عن خدمتك، ولابد أن يكون هذا قد فتر من عزمها على الاحتفاظ بك خالصا لها. استطيع أن اعرف كل هذا بسهولة، ولكن أنى لي أن أعرف الأسرة الكريمة التي توشك أن تنظمك في عقدها الغالي!
- أسرة الهدار ,كريمة الحاج حمو الهدار.
- بخ! يا لك من صياد ماهر! أسرة الهدار, وبنت الحاج حمو بالذات, إنه حارس كنوز الأسرة المصونة, ولكن, إدا لم تخني ذاكرتي, فكريمة الحاج حمو متقدمة في السن، بحيث كان المنتظر منك أن تبيض لحيتك لها لا أن تسودها، على أنني في الواقع معجب بعقليتك العملية، فالخير الخالص لا يوجد في هذه الدنيا، فيكفي إذن أن ترجح الحسنات على السيئات، وأني لأراها راجحة في صفقتك هذه.
ومع أن السيد زين الدين قد امن في سره على كل حرف نطق به صديقه، فإنه أجابه متصنعا الغضب:
- انك يا سيد منير تعلم أن أسرتي وان كانت دون أسرة الهدار في المال والنسب، فهي كفء لها في عراقة الأصل وطيب الأرومة، وهذا كل ما يهمني.
- طبعا طبعا... ولكن قل لي، هل وافق السيد الهدار نهائيا؟
نعم وافق، ونحن الآن بصدد البحث في التفاصيل.
إذن لا يسعني إلا أن أبارك خطبتك!
والواقع أن السيد (زين الدين) كذب على صديقه حين زعم له أن الخطبة فد تمت، فما تمت الخطبة في الحقيقة، لان الحاج حمو علق تمامها على أمرين اثنين هما ما خرج السيد (زين الدين) الآن من أجلهما.
أما أول الأمرين فعرض السيد زين الدين نفسه على مخطوبته الآنسة «ماما» حتى تطمئن لشكله.
وأما ثاني الأمر فأجازة «سيد الغالي» شقيق الآنسة «ماما» لاختيارها.
*
لما دخل السيد زين الدين قصر الهدار، وجد في مدخله عبيدا سودا متربعين على حشايا من الخوص .
هم يتثاءبون في سام وملل، وقد علق بأقدامهم الحافية ما تلفظه الحشايا من نتف الحلفاء والخرق البالية، وحولهم أطباق من القصدير تلمع بما لم تقو ألسنتهم على لحسه من الادام الفاقع المتجمد، وعليهم اطمار لم يراع في قياسها على أجسادهم إلا منعها من أن تنزلق وتنساب، على أن الأثر الذي تحتفظ به هذه الاطمار يوحي بأنها كانت ملابس فاخرة، وأنها أحيلت إلى ظهور العبيد لتموت فوقها بعد ما نهك غيرهم شبابها وكهولتها.
وسيق السيد (زين الدين) إلى مقصورة فاخرة تتوسط حديقة لا تتناسب أناقتها مع سماجة مدخل القصر ووحشيته.
وكانت المقصورة مظلمة، مما جعل الرؤية متعذرة على السيد (زين الدين) أول ما دخلها، ولكنه استطاع مع ذلك أن يرى ما تخيله طبقا أبيض عظيم الاستدارة معلقا في فضاء المقصورة، فنزل بعينه قليلا لعله يرى سندا يستند إليه الطبق، فإذا هو يرى جرمين آخرين في لون الطبق معلقين أيضا.
واحتار ماذا يصنع، أيقف أم يتقدم، ولكن حيرته تلاشت على ضوء ساطع غمر المقصورة، لان الخادم التي تقدمته إليها، رفعت الستائر التي كانت تحجب ضوء النوافذ.
واستحال الطبق إلى وجه أنثى ضخم لأذقن له ولا عنق يحمله، أما الجرمان الآخران فظهر أنهما ساعدان مخطوطان في حجم الأعمدة وصقلها. وكانت هذه الأطراف على بعد ما بينها، تتصل بجسد هائل مكور الحجم، ملفوف بالسواد.
واحتاج السيد (زين الدين) أن يعيد التحديق في صاحبتنا ليتبين أهي واقفة أم قاعدة، ولكنه لم يجد وجها لترجيح أحد الاحتمالين على الآخر.
هي قاعدة لأنها لا يمكن إلا أن تكون كذلك ما دامت فخذاها تتقدمان جذعها وتتجهان أفقيا إلى الأمام، وهي واقفة لأنه لا يظهر حولها أو تحتها شيء تجلس عليه.
وتأدى إلى سمع السيد زين الدين صوت رفيق من ورائه يقول:
- تفضل.
واستدار السيد زين الدين، فرأى شابا كان من الجائز أن يروق في عينه، لولا أن الشاب ما أن أبصر وجهه حتى زم شفتيه مستنكرا، ووثب نحو صاحبتنا، وانحنى عليها، وأدنى شفتيه من أذنها، وجعل يهامسها،
حاول السيد زين الدين أن يقرا حركة الشفاه، ولكن صاحبتنا نشرت دون الشفاه مروحة أخرجتها من بين طيات جسدها.
وكاد السيد زين الدين يجن من الخجل والخزي حين جعلت صاحبتنا تطوي المروحة فتحملق فيه تم تنشرها وتعود إلى المهامسة، وكأنما هو بغل معروض للبيع.
وأخيرا اعتدل الشاب واقفا، وأشار إلى السيد (زين الدين) الذي كانت رجلاه تكادان تنوءان بحمله أن يجلس، ثم أشار إلى صاحبتنا قائلا:
- الآنسة «ماما»
وتمتم السيد (زين الدين) يقول:
- «تشرفنا»!
فتنت الآنسة (ماما) في خفر، ونشرت المروحة فوق وجهها تداري خجلها.
واقتعد السيد زين الدين خشبة على مقربة من الآنسة ماما.
أما الشاب فجعل يتمشى مطرقا برأسه كمن يبحث عن شيء سقط منه.
كان رشيق القد، عاري الرأس، يرتدي فوق بذلته الكاملة معطفا بيتيا أحمر اللون، يواري من طوله حتى قدميه، فيجعله وهو يتحرك فوق البساط الأخضر المتماوج، كالبطة تنساب فوق سطح الماء.
وكان صبر السيد (زين الدين) يكاد ينفد حين أقبل عليه الشاب يقول:
سيدي الفاضل، إن غيرك كثيرين طلبوا يد الآنسة ماما، وما فيهم ذو ميزة وحيثية، ولكن والدي آثرك على جميع هؤلاء لما آنس فيك من فضل ومروءة، وقد رأى مع ذلك أن يستشيرني أنا شقيق ماما، لان أمرها يعنيني، وسعادتها تهمني... ولست أستطيع أن أرد شيئا قبله سيدي الوالد ولكن...
ووجد السيد (زين الدين) نفسه يقول مرتاعا:
- ولكن ماذا.. يا (سيدي الغالي)؟
- أريد أن أقول: أن «ماما» ليست مسرورة كثيرا.
وماذا يسعني أن أصنع لتكون سيدتي العزيزة مسرورة جدا، قل لي، إنني لا أضن بأي شيء أقدر عليه من أجلها!
وحاول السيد (زين الدين) وقد قال هذا الكلام الذي غبط نفسه عليه أن يستطلع أثره على وجه ماما، ولكن وجه ماما كان يغرق في عرق الخجل وراء مروحيتها.
أما السيد العالي فقد أجاب بوقاحة متناهية:
ليست تريد منك الآنسة ماما إلا أن تكون ابن عصرك هذا الذي تعيش فيه، أن تكون ندا لها في الرقي والتقدمية، أن تتخفف من هذه الأحمال التي يرزح تحتها عود شبابك، أن تجز- وأشار إلى لحيته- هذه الفروة التي رعت بها الآنسة.
وحاول السيد زين الدين أن يحمل نفسه على الغضب لكرامته المجروحة، ولكن نفسه كانت قد فتنت بالآنسة ماما، ونزعت إلى ظلها المديد.
والواقع أن السيد (زين الدين) كان يتوقع أن تكون شروط (سيد الغالي) ادخل في باب الإعجاز من خلع الجلاليب وحلق اللحي، أما وهي لا تعدوا هذين الأمرين اللذين سبقهما إليه كثير من زملائه دون مقابل من زوجة نافعة ومصاهرة مجدية؛ فما أجدره أن يفعلهما.
وكان الجواب الطبيعي للسيد (زين الدين) وقد رضى بشروط صهره المنتظر، أن يقول:
- نعم أنا راضي بخلع جلابيبي وحلق لحيتي
غير أنه رأى أن يتفادى هذا الجواب بتعبير آخر يكون له معناه ولا تكون له سماحته.
ولكن (سيد الغالي) قرأ فكره، فأعفاه من البحث عن التعبير المنشود، بأن مد إليه يده قائلا في حزم
- إذن أنت موافق، وهذا يدل على أنك تحب (ماما) وتتحرى رضاها، فأرجوا أن تتصل بوالدي لتتفقا على موعد كتب الكتاب.
وحين خرج السيد (زين الدين) إلى الفضاء الرحب، عراه ما يشبه الندم على ضعفه أمام (سيد العالي) ووعده له بتنفيذ شروطه المزرية، فرأى أن يستشير صديقه السيد منير قبل أن يخطو خطوة قد يندم عليها.
وحين بسط الأمر للسيد منير كان من رأيه أن شقيق (ماما) مبالغ في تقدير حياتها التقدمية ومزاجها الرقيق.
ولكن السيد منير ما لبث أن سال زميله في جد و صراحة:
وماذا تنوي أن تصنع؟
- وماذا كنت تصنع أنت لو كنت مكاني؟
فأومأ السيد منير بيده إلى لحيته يحكي حركة الموسى.
*
وعلى غير ما هو معهود في الحلاقين، كان الحلاق الذي ذهب إليه السيد (زين الدين) في صمت الخرس وأناة الفلاسفة، مما أحرج السيد (زين الدين) وزاد من خجله، وضاعف شعوره بالوقت الذي استسلم فيه ليد الحلاق.
وقد تنازل السيد (زين الدين) أكثر من مرة عن دوره لغيره من الزبائن الذين كانوا يشاركونه في الانتظار، لأنه كان يأمل أن ينتهي به الأمر إلى الإنفراد بالحلاق، ولأنه أيضا كان يهاب الساعة الحاسمة فيعمل ما استطاع على تأخيرها.
وحين أزفت هذه الساعة وأشار له الحلاق إلى الكرسي، تعثر وكاد أن يسقط في طريقه إليه.
وبكثير من الجهد، استطاع أن يفهم الحلاق بكلام لم يع هو نفسه منه حرفا واحدا، أن الطبيب نصحه بحلق لحيته!
وكان من المنتظر أن يقول الحلاق شيئا.. أي شيء، أن يطري نصيحة الطبيب، أو يواسي زبونه في لحيته التي توشك أن تعدم، أو يشعره بأن الحلق أنسب بوجهه الوسيم وشبابه الغض، أو يعدد له أسماء أمثاله ممن فعل بهم ما يوشك أن يفعل به..أي شيء، إلا أن ينظر إليه شررا ثم يأتي على لحيته في كثير من الخشونة والاستخفاف.
واعترى السيد (زين الدين) وهو يغادر دكان الحلاق، نفس الشعور الذي يمكن أن يعتري المرء إذا خرج إلى الشارع دون سراويل.
ولكن منظرا لاح لعينيه أنساه شعوره ونفسه كذلك منظر جسد هائل يترجرج، فتتلقاه الجلباب هنا وتنساب عنه هناك، جسد يترجرج بطبية تركيبه، وبما يصطك من أطرافه التي ليس بينها فراغ تضطرب فيه، ولكن صاحبته إذا لم تكن لها حيلة في تلافي رجرجته، فان لها أن تصمت هذا الرنين الذي يمشي معها كما يمشي مع البقرة رنين الناقوس؛ فقد كانت الحلي التي تغطي صدرها إلى البطن، والدمالج التي تواري معصميها إلى المرفقين، تهتز باهتزاز جسدها فتترك خشخشة وصليلا، وكانت المترجرجة على بدانتها تحاول أن تبدو رشيقة ولطيفة، فهي تصر على أن يكون حذاؤها صغيرا دقيقا في حين يصر الواقع على أن تكون قدمها كبيرة غليظة لا يكاد يسع منها الحذاء إلا المشط، وهي تتصنع النشاط والخفة والصبا، فتجاهد أن تكبت بهرها وتقيم قدها ، ولكن هذا القد لا يلبث أن يقض تحت لحمه وشحمه فتعود الأطراف إلى اهتزازها واصطكاكها. وكان وجه المترجرجة ينطق بالبأس واليأس اللذين نعانيهما صاحبته في مجاهدة البدانة ومدافعة الكهولة، فقد كان وجهها كجرة حمراء ترشح بالماء.
ومن دون شعور تحسس السيد (زين الدين) مكان لحيته التي ذهبت ضحية الغش والخداع.
ما من شك في أن هذه المترجرجة.. هذه المتجليبة.. هذه العتيقة.. هذه الأنثى المعدنية.. هي الآنسة ماما ...ماما التقدمية التي استحسنت هندامه وارتاعت من لحيته..!
وراعه أن يمهر زوجة بكل هذا الهوان، وأحس بالشعور إلى العزاء، فراج يمني نفسه بالا تكون هذه المترجرجة خطيبته، وان يكون قد أخطأ في تبينها.
وتبعها من حيث لا تشعر، فكان أن انتهت إلى قصر الهدار، وتوارت فيه كما تتوارى في النفق القاطرة!
ومن عجب أن السيد (زين الدين) آنس الآن فقط حركة غير عادية بباب القصر، صباحا وصهيلا ونهيقا وأكياسا تلقى وهشيما بذروه الهواء.
ولم يكن السيد (زين الدين) في حاجة إلى ذكاء كبير ليدرك أن هذه الأحمال الكثيرة إنما هي غلال القمح حملت إلى الحاج الهدار من ضياعه الكثيرة.. ضياع كثيرة جدا ليست هذه الأحمال إلا لباب محاصيلها، وهذا اللباب نفسه سينفي ويطحن ويغربل ويصفى ويفعل به غير هذا مما يحيله إلى خبز في بياض القطن ونعومة الحرير.
وتحسس السيد زين الدين دقنه الناعم، غير آسف على لحيته التي اشترى بها عيشا ناعما لا خشونة فيه.


دعوة الحق، العدد 22

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى