منصور جغيمان - من هناك؟!

جالساً
تحت عمود إنارةٍ
لا أدري ماذا تفعل
هذه القبعة على رأسي
هذا الرأس الذي لا أعرف
ماذا يفعل بدوره
أعلى هذا الجسد
أشعر بالبرد
فأتسكع في محيط الإضاءة
واضعاً يديّ في جيبي
بيني و بين ما أخشاه
سبعة أمتارٍ من الإضاءة الخافتة
و امتدادٌ لا نهائيٌّ من العتمة
أحملق منكمشاً على نفسي
في الظلال المنعكسة
على جدران الغرف المضاءة
ماذا يحدث هناك ؟!
هؤلاء البلهاء
يكررون الأشياء ذاتها كل يوم
ظلُّ رجلٍ يلوح بكلتا يديه
و ظلٌّ لامرأتين تحاولان اقناعه بأمرٍ ما
و سكينٌ لا ظل لها تطعن الثلاثة حتى الموت
ألا يملّ هؤلاء البلهاء من هذا الروتين ؟!
تحت كل عمود إنارةٍ و خلف كل نافذةٍ
يتكرر المشهد ذاته كل ليلةٍ
حتى أنني قررت أن أتدخل ذات مرةٍ
و أنصحهم بتغيير السيناريو قليلا
و عندما قرعت الباب
فتحت لي جثة امرأةٍ عاريةٍ
جثةٌ لا رأس لها..سبني نهدها سبةً سوقيةً
أخذتْ قبعتي و اختفت بحثاً عن رأسها في الظلام
صار لقبعتي معنى بالمناسبة..صارت جزءاً
من مشهد القتل المعاد خلف كل النوافذ
أعود إلى عمود الإنارة بسبة نهدٍ و قبعةٍ مفقودة
هذا انتصارٌ كبيرٌ و لطمة ٌ موجعةٌ على خد التكرار
لكن تحت عمود الإنارة رأيت شخصاً
يجلس منكمشاً على نفسه
ينفخ في يديه و يفركهما من شدة البرد
على رأسه قبعةٌ
تشبه التي أخذتها الجثة في ذاك المشهد
و يحملق مندهشاً في شئٍ ما
التفتُّ لأرى إلام يحملق
وجدت أنه يحملق في رأسي
رأسي الذي سقط مني سهواً على الأض
و رغبةً في التخلص من قبعته
صرخ بأعلى صوته : من هناك ؟ من هناك ؟!
فارس العمري, date d’envoi : le 2 avril à 13:36
" سامحيني لأني أحبكِ "

سامحيني لأني أحبكِ
لأنكِ ابنة الضجيج و الأبواق و الزحام
و الأشياء التي تبدأ بضغطة زر
و تنتهي بضغطة زر
و لأنني بدويٌّ
لا أستطيع أن أحبكِ بهذه الطريقة
لذا سامحيني لأني أحبكِ
لأنكِ تنتمين لمجتمعٍ منفتح
و ثقافةٍ تتقبل فكرة الخروج مع الآخرين
و الحديث مع الآخرين و الضحك مع الآخرين
و لأنني بدويٌّ
لا أستطيع أن أحبكِ بهذه الطريقة
لذا سامحيني لأني أحبكِ
كلما حاولت
أن أحبكِ على طريقتي..أكرهكِ
و كلما حاولت أن أحبكِ على طريقتكِ..أكرهني
لذا سامحيني لأني أحبكِ وحدكِ و أكرهنا معا
حصلت على صفرٍ كبيرٍ
يوم جمعتُ شفتكِ إلى شفتي
فكانت النتيجة شفةً واحدة
بفعل الاشتهاء و الذوبان و الخيال الكبير
كيف تطلبين من بدويٍّ
فشل في معرفة حاصل جمع شفتين
أن يفك هذه اللوغاريتمات التي في عينيك
كيف تطلبين من فتى الكلأ و الرمل و الرمضاء
أن يخاطبكِ بلغة الشوكة و السكين و الريموت كونترول
أشبك يديَّ خلف ظهري و أغمض عينيّ و أمشي
هكذا بلا هدف..الأسئلة واسعة كالصحراء
و الإجابة أضيق من قبضة اليد
لو كان الأمر بيدي لاخترت أن أتجمد في مكاني
أن أصير عوسجة مثلا
لا ظل لي فلا يزعجني مقيل عابري سبيل
و لا ثمار لي فلا يتدخل في شئون حياتي
جوعى و رعاةٌ و فضوليون
رأس مالي شوكٌ و أغصانٌ يابسة
و الشوك عراب رغبة العوسج فى أن يظل وحيدا
عندما تمتلئ الطريق بالفخاخ
لا يهم أين تضع قدمك..هكذا قال لي تعيس
لا يوجد فرق بين أن تتقدم أو تتراجع
كلاهما مؤداه انفجارٌ كبير
الذكي هو الذي يلملم أشلاءه
قبل أن يحدث الانفجار و يدفن نفسه بنفسه
لينبت يوما شجرة عوسج لا ظل لها و لا ثمار
لينبت شجرة عوسج لا يتدخل في شئونها
جوعى و رعاة ٌ و فضوليون

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى