رولا حسينات - إضراب المعلمين... بين هيبة الدولة والاعتذار

لأنّ ابنتَهُ أهانت زميلتَها،
مديرة المدرسة تستدعي جمال عبدالناصر
وليّ أمر الطالبة هدى جمال عبد الناصر ...

يصل خطاب الاستدعاء هذا إلى مكتب الرئيس جمال عبدالناصر فيتسلمه السكرتير الخاص محمد أحمد ويعرض الأمر على الرئيس قائلا" :
- ( أروح المدرسة أشوف فيه إيه يا فندم؟؟ )
فيرد الرئيس :
- ( لا يا محمد أنا ولي الأمر وأنا اللي لازم أروح بنفسي ) .. فذهب إلى المدرسة في صباح اليوم التالي وقابل المديرة التى قالت مرتبكة" :
- ( عفوا " يا سيادة الريس فإن هدى قد أهانت زميلة" لها بكلامها وقالت لها : "إنت تحترمي نفسك وانت بتكلميني يا غبية.. إنت مش عارفة بتكلمي مين؟ " وكان هذا أمام زميلاتها مما تسبب بجرح مشاعر الطالبة وظلت تبكي لأكثر من ساعة وطبقا" لنظام المدرسة كان لابد من إرسال استدعاء لكم أسوة" بجميع الطالبات .. إحنا آسفين يا فندم لم نقصد إزعاجكم ولا حضوركم بنفسكم، فقد كنا نظن بأنك سترسل من ينوب عنك) ...
قال الرئيس :
- (لا بالعكس إنت عملت الصواب ولازم أعتذر أنا أولا" لأنني أهملت واجبي في تربية إبنتي .. إمتى أول جمع للطالبات؟
فقالت المديرة:
- في فترة (الفسحة) بعد نصف ساعة تقريبا"
فقال رحمه الله :
( إذا" سأنتظر حتى الموعد ..
وتم جمع الطالبات ووقف الرئيس جمال عبد الناصر وبجانبه إبنته هدى والطالبة التي تقدمت بالشكوى أمام مكبر الصوت في باحة المدرسة وقال الرئيس :
- " أنا آسف لأن هدى بنتي قد أخطأت بحقي وبحق زميلتها "..
ثم أعطى الميكروفون لها فاعتذرت هدى لزميلتها ولمديرة المدرسة وللمدرسة كلها عما بدر منها تجاه زميلتها .. هكذا كانت أخلاق الرئيس عبد الناصر وهكذا كانت تربيته لأبنائه وبناته ...
( رواها السكرتير الخاص للرئيس السيد محمد أحمد في مذكراته).
أعجبني هذا النص فاستأذنت المبدعة التي طرحته بالاستعانة به في وصف ما نحتاجه بالضبط لحل أزمة المعلمين
في الأردن، وفي نفس الوقت سمعت أحد النواب يقول على الدولة أن تحافظ على هيبتها...كغيره ن أبواق الحكومة وليست أصوات الشعب...ربما يكون كلامه صحيحًا لو كانت الدولة تتعامل مع طبقة واحدة فقط اسمها العبيد...وإن كان الأمر غير ذلك فلما كان الشعب أحد أركان الدولة؟
يقولون: أن المخطط أكبر من المعلمين.
ويقولون: أن الهدف هو صيد أكثر من عصفور بحجر واحد...
أن تسقط حكومة الرزاز بوصفها حكومة صندوق النقد الدولي...
أن تسقط المنظومة الأمنية...
وغيرها من المنظومات ذات العلاقة...
أن يصطدم الشارع بالمعلمين...
أن يختلط الحابل بالنابل...
ثم تستيقظ الشمس...
ويقولون ويقولون...
ولكنهم لم يعرفوا أن الأمر لن يحل باستيقاظ الشمس من نيمتها الثقيلة وربما أرقها الدائم ومن يدري؟
النملة التي أضحكت سليمان لم تتعد كونها نملة بثلاثة أجزاء وستة أرجل وبقرني استشعار وبألوان متعددة ولكن لم يتعد طولها 2 ميليمترًا وحتى 25 ميليمترًا...ولكنها أوقفت جيشًا قد سد عين الشمس...ولم يهنها سليمان ولم عليه أن يفكر بذلك؟
في مجتمع النمل شكل من أشكال الرحمة ربما لم يعرفه البشر... بتقسيمها الطبيعي لأنواع من النمل عبيد تعيش معها، مهمتهم جمع العلف اللازم للغذاء، ورغم كونهم عبيدًا فهي تأكل معًا أما رحمة النمل فيها بكونها حريصة على إطعام هؤلاء "العبيد" ولكن إذا ما غابت العبيد أو أصاب أحدها مكروهًا فإنّ النملات تمتنع عن الأكل حتى ولو كان الغذاء موجودًا وتستمر كذلك حتى يعود العبيد أو أنها تموت جوعًا.
ببساطة لأنها تؤمن بالجسد الواحد...
تكاملت وتعاضدت وتداخلت مصالحها ككائن حي...استمرت كممالك لم يعرف البشر الكثير من أسرارها حتى اليوم.



في الواقع نريد مصطلحات لها امتداد وبلاغة وجذور أبعد من مجرد كلمة أطلق عليها حوار أو طاولة حوار نريد حلاً يخدم مسيرة النهضة ودولة التسامح والديمقراطية أو دولة الدستور...
يقولون: سيستقيل نائب نقيب نقابة المعلمين وأعضاء النقابة...
وليكن ما يكن...
ويقولون: سيقدم المئة ألف معلم ونيف استقالتهم وليقدم كل منهم عريضته للمحكمة الإدارية...بعد ذلك
ولتكن إذًا عدالة أو فوضى قانونية...سمها ما شئت فقد أثارت قرارات المحكمة الإدارية شهوة الكثير من المظلومين وأصحاب الحاجة.
ويقولون: أما كان من الأولى أن يقال للمعلم عد كريمًا إلى محرابك وأنشد نشيد الوطن...
ولنتفق أن الوطن يقاسي ما يقاسيه فما الذي اختلف إن كانت عودة المعلم دون ال 50% ؟ كيف يمكن أن يجمع بين الهيبة والمرتزقة والأبواق والسلطة والسطوة والظلم والعدل والاستعجال والإبطاء...
وبين الوطن.
هناك من الكثير من الحلول المطروحة تنتظر أن تدرج ولكن كلمة السر في اعتراف بسيط بنسبة ال 50%
هذا ببساطة احترام لكرامة الأردنيين جميعًا ...الذين اختزلوا بالمعلم صاحب الكتاب والسبورة...والإبرة والخيط في جيبه ليخيط بنطاله الذي عفى عليه الزمن وأضناه العمر بشقوته.
ألم تعرف الحكومات بعد أن للأردني كرامة لن يبيعها مهما كان الثمن.؟!





تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى