منصور جغيمان - فجأة..

العمر الذي
استغرقته لأكبر
كان مجرد لحظة
كنت أنتظر أن أكبر
مثل غيري
على مدار سنوات
أن يشيب شعري
و تتساقط أسناني
و يصبح فمي أجوفا
أن ينحني ظهري بالطبع
و أتكئ على حنيني لأيامٍ بعيدة
أحكي للصغار قصصاً
عن البئر الذي كنا نرد إليه
و عن طريقة جداتهم فى غزل الصوف
و عن طريقة أجدادهم فى بناية بيت الشعر
و عن صبر نساء وقتنا على شدة الوقت
و عن الرمزية المكثفة فى صنوف الكلام
كنت أعتزم بالطبع أن اسألهم
عن مفردات بدوية أعرف أنهم يجهلونها
و أضحك قائلا في نفسي :
لقد أصبح ابناؤنا فلاحين
و أمسح دمعةً عالقةً فى البال
ثم بعد سنوات أرد إلى أرذل العمر
و أتبول كالصغار على نفسي
هكذا كانت فكرتي عن الكِبَر
و هكذا كنت أشاهد الآخرين يكبرون
لكني كبرت فجأة
باغتتني هذه اللحظة
و ألقت فى حِجري مرة واحدة
كل هذه السنوات المنتظرة
ثم قالت لي بلا مبالاة بليدة : تصرف
نسيت بالطبع
القصص التي خططت أن أحكيها
نسيت الشيب و الفم الأجوف
و البئر الذي كنا نرد إليه و نحن صغار
نسيت غزل الصوف و بيت الشعر
حتى الدمعة التي في البال نسيتها
لم يبق عالقا في ذهنى عن الكبر
إلا أن أتبول على نفسي
لكني في جملة ما نسيته نسيت نفسي
كان لابد حينها من شئٍ أتبول عليه
لم أجد ما أتبول عليه
غير هذا العالم
و لم أجد ما أتبول به
على هذا العالم غير هذه القصيدة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى